مواضيع اليوم

فُسَان (فسن مرضي)

سمير ساهر

2009-07-14 21:36:56

0

السلام عليكم

فُسَان

الفُسان: تنفس صعداء مرضي، حيث يختلف من حيث قوته، فتارة خفيف، وتارة وسط، وتاره حاد، الحاد يجعل الصدر يرتفع كثيرا، ويشعر المصاب بالفسان كما لو أنَّ نفسه سينقطع، وهو يحدث في المواطن الوسطى، فلو كان في الظهر – مثلا – فيمكن أنْ يشعر المريض أنَّ المفسنات التي في الظهر تحاول توقيف عمليه تفسه، حيث يتجلى هذا بقول المريض: "أشعر أنني أتنفس من ظهري"، المقصود بهذه العبارة هو: هناك شيء في ظهري يعيق تنفسي.. هناك شيء يمكن أن يحدث داخل الفسان، قادر على توقيف التنفس لثوان، وهو الفناغ..
لمزيد من التوضيع، إليكم ما يلي:

مَفْسَنَة أقْجُوفية: هي أسباب توترية خارجية، تحدث مع فساني، وهي رغم أنَّها تحدث مع مريض إلا أنَّ انعكاسها عليه يكون خفيفا..
مثال على:
لِنَعُد إلى قصة التذخاوي والعامل الآخر.. بعد أنْ توقف التخاوي عن العمل لعدة شهور ، طلبه الذي كان يعمل معه، أنْ يعمل معه، فلم يرضَ؛ وذلك لأنَّ المرض قد زاد فيه وبلغ حدا ما بعده، ولكنَّه أصر، فما كان من التذخاوي إلا أنْ استجاب لطلبه..
في اليوم الأول من العمل إلى جانب العامل الآخر، يمكن القول أنَّه مر على خير، ولكن كان كل يوم إضافي يُخْرِج الكثير من الروات من كمونه، وبعد اسبوعين بدأ العامل الآخر يشتكي آلاما في جسده، ولكن التذخاوي لم يكترث كثيرا، فهو منشغل بعمله، إلى جانب أنَّه ملَّ سماع: يدي تؤلمني، وأنفي يوجعني، وصدري يضيقني، إلخ.. ولكن بعد اسبوعين آخرين، ظهرت الآلام التي يشتكي منها كثيرا، بحيث كان من الممكن سماع فُسناته الخفيفة، التي تحدث كل مدة قصيرة، بحيث صارت الفترات بين الفُسانة وأختها قليلة، إلى جانب الآلام أخرى لا مجال لذكرها هنا..

مَفْسَنَة أقْلُوفية: هي أسباب مرضية، أو مرذولة في جسد المتعرض لهذه المفسنة، ولكن ممكن أنْ تصير مفسية، إنْ كان السبب قُبْح في الشكل – مثلا -؛ وذلك عبر دخولها سلم المثورات، بحيث إذا كانت أوْسِطَانية، فإنَّها تصير أحْدِدَانية، وهي كافية على حالها هذا، لنقل المريض من هذا الفرع، إلى فرع آخر أشد، ولكننا هنا نتكلم عن الخفيفة، أقصد الأخْفِفَانية..
مثال على هذه المفسنة: مريض يُعاني من رُوات منذ عدة شهور، أو سنين، ذهب إلى أحد أصدقائه القدماء، ولكن اعتراه صداع شديد عنده، فاحتج بحجة لكي يذهب.. ولما كان بالطريق إلى بيته أخذ يُفَسِّن، ويقول ألا يكفي أيها المرض إقامتك فيَّ فاسكن على الأقل عندما أخرج من البيت، وعندما أعود هِجْ كما تريد..

مَفْسَنَة أقْسُوفية: هي سَمَف يُفْضِي إلى فسان خفيف.. إذا كان صاحب هذه المفسنة مبتدئ فيها، ولم تعتريه من قبل، ولم يُعَلَّم عن مَفْضَيَاتها، أو عُلِّم ولم يعمل بمُقْتَضَى إدبارها؛ فإنَّه مُعَرَّض بشدة لمزيد من الأعراض، ولكن هذه الأعراض التي يمكن أنْ يُتَعَرَّض، تظهر بتفاوت بين الناس، فالغني يمكن أنْ تَظهر عنده ببطء، بل يمكن أنْ يتخَلص منها، لأنَّ ماله يوفر له رفاهية، ما لم يُشْغِل نفسه بالمرض، أما الفقير، الذي لم يكن مُزَوَّدا بالعلم عن هذا المرض، فإنَّ المرض يمكن أنْ يكتسحه كسحا، ولكن لو كان الفقير مزودا بالعلم عن المرض، ولم يعمل بمقتضى ثباته (المرض)، أو إيقافه إنْ بدأ بالسير، فالمرض يمكن أنْ يكتسحه ما لم ينتبه من لا مبالاته...

هذه المفسنة إذا حَدَثت مرة أخرى، وعلم صاحبها سلوكها، أو عُلِّم دون أنْ يَخُوض تجربتها بنفسه، فيمكن ألا تُفْضِي إلى فسان، وذلك لاكتساب صاحبه مناعة مفسية، فبمجرد أنْ يَتَذَكَّر هذه المفسنة؛ يـ"كزم ((يتذكر لازمها التام)"، دون أنْ يتجاوز هذا اللازم: التَّذَكُّر- أي استحضار المشاهد المتعلقة باللازم؛ فالإفرازات التي تُفْضِي إلى فُسان، لا تَحْدُث بموازات التَّذَكُّر، وهذا ينطبق على بقية الأعراض..

مَفْسَنَة اقْدُفَانية: هي إفرازت توتر مرضي، تجري في الدم والأعصاب، أي أنَّ المصاب بها متوتر، ويُرى توتره.
بشأن الترو، فإنَّه يلعب مهمة مَحْرَكية أولا، ثم مهمة مَعْزَزِية، أي أنَّها مَحْرَكَة مُقْدِيفيات أولا، ومَغْزَزَة مُقْدِيفيات؛ ولكن هذه المعززة، لا تُفْضِي إلى خروج هذا الرواتي من هذا الفرع، فالذي يخرجه من هذا الفرع، هو حدوث مَفْسَنَة أقْدُوطية أو مَفْسَنَة أقْدُوحية، حيث تُفْضِي الأولى إلى مَفْسَنَة اقْدُوانية، أمَّا الثانية فإلى مَفْسَنَة اقْدُحانية..، ولكن هذا لا يعني البقاء في المفسنات المستجدة، فصاحبها يمكن أنْ يمر منها مرا سريعا، ويعود إلى المفسنة المستحكمة، فما لم تستحكم المفسنة الجديدة، فإنَّ صاحبها يَخْرُج منها بسرعة تتفاوت من مفسنة إلى أخرى، فالمفسنات الجديدة إنْ كانت ناتجة عن روت متلاش؛ فإنَّ صاحبها يَخْرُج منها، ولكن إنْ كانت ناتجة عن روت مشددي، فإنَّ بقاء صاحبها فيها يتوقف على نسبة الشد..

وبناء عليه: إذا حدثت مَفْسَنَة اقْدُحانية مع فُسَاني مُقْدِيفي فلا شك من انتقاله إلى فسان مُقْدِيوي أو فسان مُقْدِيحي، وراجع ما أسلفنا..

فُسَان اقْدُفَاني: هو تنفس صعداء خفيف، يحدث مع مريض يعاني من مفسنات، تُفْضِي إلى هذه المفسنة، ولكن هذا لا يعني أنَّه يعاني عرضا آخر، فصاحبه ربما يعاني عرضا آخر، وربما لا، ولكن لو لم يكن صاحبه يعاني من عرض آخر، فإنَّ صاحبه معرض لظهور عرض آخر، ومن ثم يرتفع احتمال ظهور عرض ثالث، وهذا الثالث يزيد احتمال ظهور عرض رابع، وهكذا دواليك..

مَفْسَنَة مُقْدِيفية: هي الروات الذي في أعصاب قشرة المواطن الوسطى، عندما يسبب فسانا، أي مرض الفسن، ولكنه خفيفا، حيث يشبه الفسن المُبْدِيفي، ولكن هذا به فترات، وما بين فترة وأختها يوجد فُسانة، ما دامت المفسنات قائمة؛ وذلك لوجود مفسنات مستقرة في المواطن المذكورة..
هذه المفسنة يُشْعَر بها في هذا الفرع على أنَّها ممغصة إذا كانت في البطن، ولكن هذا لا يعني أنَّ كل ممغصة: مفسنة، ولا حتى كل مفسنة: ممغصة.. ولكن لو كانت هذه المفسنة في الصدر، فأحيانا يمكن الشعور بها على أنَّها مضيقة.. أما لو كانت في الظهر فيُشْعَر بها على أنَّها مثقلة بعض الأحيان.. ولكن ماذا لو كانت في العنق من الأمام؟ سيُشْعَر بها على هيئة مخنقة.. ولكن ماذا لو كان روات المفسنة في الرأس؟ سيفقد صفته المفسنية، وتُبَدَّل هذه الصفة بصفة أخرى، وهي المصدعة، أو مشققة، في حالة مخففة، والمدورة عند الحدة، إلخ.. وفي العين يُشْعَر به على أنَّه محدجة..
كما ترون، إنَّ اختلاف موقع الروات - واخواته - يغير صفته!..

فُسَان مُقْدِيفي: هو تنفس الصعداء دون أنْ يرتفع الصدر كثيرا، حيث تشبه إلى حد ما، الفسن مُبْدِيفي، ولكنَّها تحدث كثيرا أفقيا لا عموديا، فالذي يحدث مع مفسِّن مُبْدِيفي، تزول بزوال الإفعُلانيات، حيث الإفعُلانيات مجرد تابع للأفْعُلات، أمَّا هذه فإنَّها مستوطنة في كل محيط المواطن الوسطى، أو بعضه؛ ولهذا فهي تحدث كثيرا، ثم أنَّ المُقْدِيفيات تهاج بسرعة من كثير من المواتر، فربما جلي صحن متعب، يهيِّجها، وقد يهاج من شكل قبيح، فأحيانا يمر المريض من جانب بيت كان يراه جميلا، وبعد حرب حدثت هناك، فأثرت على بعض أجزاءه، فإنَّه يصاب بفسان - وغيرها -، عندما يراه، وعلى العموم فإنَّ أي موترة يمكن أنْ تهيجها، خصوصا إذا كانت متحركة بعض الحركة التي تكون تحت شعور المريض بها..

مثال على هذه المفسنة: مَفْسَنَة أقْجُوطية:.. لِنَعُد ألى التذخاوي والعامل الآخر.. قلنا سابقا أنْ الفترات (من فتر وهو الانقطاع، فلا استخدم هذه الكلمة بمعنى مدة زمنية، رغم أنَّ هذا المعنى يكون مُطْوَى بالضرورة، ولكن أقصد المعنى الذي فوق المُطْوَى؛ وعليه فليس كل مدة فترة، ولكن كل فترة مدة) التي بين فُسانات العمال الآخر قد قَلَّت، ولكنها كانت خفيفة، لا تُشْعِر بمرض لدى من تَحْدُث معه - على الأقل لمن ليس عالما بعلم التوتر -، ولكن هذا الحال لم يبقَ على حاله، حيث أنَّ التفاعل مع التذخاوي، والتلحاسي، والتفساني، لا يعود منه إلا بمرض عضال، وهذا ما حدث للعامل الآخر، فقد زادت شدة فسانه، بحيث بُدِئ يُشْعَر بقوتها، حيث بَدَأ صدره يرتفع، وهذا يشير إلى مفسنات كثيرة في محيط الوَسِطَات..
بعد أنْ استمر التذخاوي اسبوعا معه في العمل، بعد المدة المذكورة، كان فسانه يُزاد؛ وقد قال العامل الآخر يبدو أنني سأتوقف عن العمل لمدة معينة، فأنا لا أشعر كما يجب!..

مَفْسَنَة إقْدُوانية: هي افرازات توترية مرضيه، بين الخفة والحدة، تحصل في الدم، والأعصاب.. لنسأل التخذاوي عنها:
ما الذي تشعر به أيها التذخاوي عندما تَحْدُث معك هذه المفسنة؟
التذخاوي: المفسنة الإقْدُوانية لا تسمى بهذا الأسم إلا عندما يكون المريض متوترا، أقصد أنَّ الذي يعاني فسانا مُقْدِيويا، لا يسمى فساني إقْدُواني، إلا إذا كان يعاني من مفسنة مُقْدِيوية، وفي نفس الوقت أصيب بتوتر من مصدر معين..
التوتر الذي أصيب به، يحرك المفسنة المُقْدِيوية عنده، وذلك عبر سريان ترو في الدم، ومن ثم يُكَثِّر الرُوات في الأعصاب..
تَكْثير الرُوات في الأعصاب، يكون إما بِبُطْء، أو بسرعة:
إنْ كان ببطء، فهذا يعني أنَّ قوة الأفْسُون (مفسنة ملزومة) من نفس قوة الإفْسُوان (مفسنة لازمة) أو أكثر قليلا، فإنْ تجاوزتها؛ فهذا يعني أنَّ التكثير يكون بسرعة، أي أنَّ قوة الأفْسُون تجاوز كونه مَحْرَكَة، ومفسنة وروتهما متلاش، إلى كونها مَحْرَكَة، ومفسنة وروتهما مشددي، وهذا الروت يكتسب صفة جديدة وهي الروات؛ لأنَّه صار جزء من الروات الذي في الجسد، فاتصافة بالروت المشددي لا يلبث كثيرا، بعكس الروت المتلاشي فهو يتلاشى بعد وجوده في الجسد، حيث لا يصير جزء من الروات الموجود، وإلا فسيكسب صفة الروت متلاشي لمدة معينة، ثم سيكون ضمن الروات الذي سيكون في فرع آخر لاشتداده..
فُسَان إقْدُواني: تنفس صعداء، يُرى بوضوح، فالصدر يرتفع وسطيا، ويَحْدُث مع شخص يعاني من مفسنات مقديحية؛ ولهذا فإنَّ أي أفُعُول، يمكن أنْ يُحَرِّكها، إنْ كان مَحْرَكِي؛ ولذلك فهذا الفسان لا يحدث إلا في حال توتر صاحبه..
يجب التفريق، فليس كل رواتي، يتنفس الصعداء، يعاني فسانا، فلو لم يكون للمفسنات وجودا (فرق بين الروات والمفسنات)، وتنفس الصعداء شخص رواتي، فإنَّ تنفسه هذا يسمى فسن، وليس فسانا، وهذا قانون عام، فالرواتي قد يعاني من عرض واحد، وبقية أحواله تنتمى إلى الفئة البدئية..

مَفْسَنَة مُقْدِيوية: هي روت مرضي، يحدث في المواطن الوسطى – الأكتاف من ضمنها -، يُفْضِي إلى فسان بين الخفة والحدة..
لنسأل المفسنة مُقْدِيوية عن حالها:
أيتها المفسنة المُقْدِيوية فقد مللنا من توجيه أسئلة إلى التذخاوي، ونريد أنْ نسألك بدلا منه: مَنْ أنت؟
أنا روت مرضي، بين الخفة والحدة، أقيم في الوَسِطَات (المواطن الوسطى)، فإذا انتقلت من هذه المواطن، تتبدل صفتي، وأصير مَصْدعة لو كنت في الرأس، ومَثْقلة لو كنت في الرجل، أو اليد، إلى جانب صفات أخرى لا حصر لها في المواطن المذكورة، باختصار أنا مثل الحرباة أتَلَوَّنُ بلونِ المواطن التي أقيم فيها – أو أمُرُّ من عليها -، إلى جانب أنني متعددة الصفات حتى داخل الموطن الواحد، وهذا يتوقف على شِدَّتي..
أيتها المفسنة المُقْدِيوية كيف تُهَاجين؟
أُهاجُ بِحُدُوث مشاكل في المركز المقابل، أقصد الدم، فعندما يسري الترو فيه؛ أتحرك أولا، فإذا كان الترو الذي يسري في الدم بين القليل والكثير، ويَحْدُث قليلا، يُضَاف إلى تَحَرُّكي روت متلاش، أما لو كان الترو الذي يسري في الدم بين القليل والكثير، ويحدث كثيرا، فَيُضَاف إلى تَحَرُّكي روت مشددي؛ وبهذا أنتقل إلى فرع أشد ولكن ليس بسرعة، فلو انتقلت بسرعة فهذا يعني أنَّ الترو الذي يسري في الدم كثيرا، ويَحْدُث كثيرا، عافاكم الله مني، فأنا أخاف أنْ أُسْتَخْدَم في الحروب، فأعداء الإنسان كُثُر، ألا ترى أنَّهم يجعلوني أحْدُث بالـ"صِّوَتْيَان"، فكيف لو صنعوا نسخة مني بطريقة معينة، ونقلوني إلى الناس بحجة أنَّهم أعداء أناس آخرين.. صدقني لا عدو لهم إلا أنفسهم المَسْوَئية!..

فُسَان مُقْدِيوي: هو تنفس صعداء مرضي، حيث يرتفع الصدر وسطيا، ويحدث هذا الارتفاع كثيرا، ولكنه وسطي من حيث شدته، وليس حادا.. الفترات (من فتر لا مدة) بين الرفع والآخر، ليست طويلة..

مثال على هذه المفسنة: مَفْسَنَة أقْجُوحية:..
توقفنا سابقا عند قول العامل الآخر، وهو: يبدو أنني سأتوقف عن العمل لمدة معينة، فأنا لا أشعر كما يجب، فقال له التذخاوي: سننهي العمل الذي نعمل فيه بعد أسبوع، فلنُنْههِ ثم اعمل ما تراه مناسبا لك، ولكن الذي نعمل معه رفض، فقد قال: أنَّه اتفق مع صاحب بيت ليضبط بيته، فقال العامل الآخر سأرى، ولم يَرُد الذي يعملوا معه، لعلمه أنْ العامل الآخر مُطِيع لأنَّه يعز الذي يعمل معه، وهذا ما حدث، حيث أنهيا العمل الذي كانا يعملان فيه، وانتقلا للعمل في البيت الذي يحتاج تضبيط، فَبَدَأ العامل الآخر يعمل ومعه التذخاوي، وكان العامل الآخر قد صارت فُسناته تقترب من قطع نفسه، لا بل لم يلبث مع التذخاوي في البيت المذكور إلا ثلاثة أيام، إلا وقد بَدَأ يَشْعُر بفُنَاغ، وقد تعجب التذخاوي أنْ يسير المرض مع العامل الآخر بهذه السرعة..
وبعد أنْ أنهيا يوم عملهم، عادا إلى بيوتهم، وفي اليوم التالي قال العامل الآخر للتذخاوي، أنَّه أصيب بفُناغ أمس في البيت عندما كان جاره عنده، فقال له جاره مازحا : يبدو أنَّك تغرغر، رغم أنَّ المقام ليس مقام مزاح، فسأله ما الذي تعاني منه؟
قال: فُناغ..
فسأله جاره: وما الفُناغ؟
قال: هو فُسان عندما يقطع النفس تماما تقريبا، فإذا اسمريت في التنفس، فإنِّي أشعر بطقه حيث الفَغِنَة (مكان المفنغة)، وهي ليست الفسان عندما يتنفس المريض الصعداء، بحيث يرتفع إلى أقصى حد ممكن، بل هذه قد تأتيك في بداية الفسان، أي قبل أنْ تُدخل هواء كثيرا: تَحْدُث..
فقال جاره: هذا – حقا – شيء عجيب، أعذرني سأذهب لأنام..
فقال التذخاوي: لقد أحسن جارك عملا عندما ذهب لينام، فإنك امرئ عامل وتحتاج أنْ تنام، فجارك سِهِّير، وحاله لا يناسبك، فتكلم العامل الآخر بكلام يكاد لا يسمعه التذخاوي، وهو: ولا أنت تناسبي، فقد ذقت الأمرين منك، قاتلك الله..
فقال التذخاوي: ماذا تقول، مدعيا أنه لم يسمع؟
فقال العامل الآخر: إنَّ المسؤول عن العمل ينادينا..
بعد يومين من فُناغه، كان يعمل على بعد مترين من مكان عمل التذخاوي، سَمِعَ التذخاوي فسانا مُقْدِيحيا، وربما فسانا اقْدُحاني؛ وذلك لأنَّ وجوده بجانب التذخاوي يجعله وتاريا، فقال التذخاوي له: ما الذي يجري لنفسك؟
فقال له: ولماذا لا تسأل نَفْسك، فأنت تعاني ممَّا أعاني؟
فقال التذخاوي له: أنا أعلم بما يحدث معي بنسبة ما، ولكن سألتك لأستفيد، فربما ما تملكه من معلومات، من خبرتك، لا أملكه، ويبدو أنَّ هذا الكلام وتره، فأصيب بفناغ مُقْدِيحي، وقال: تبا لهذه الحياه، ما الذي يحدث معي، فالطبيب قال: أنَّ صحتي جيده، ولم يظهر له ما يشير إلى أي مرض عندي، وها أنا أشعر أنَّني أتنفس من ظهري، فقال التذخاوي متعجبا: تتنفس من ظهرك!، ماذا تعني بهذا الكلام؟
قال العامل الآخر: يا أخي المنفغة التي حصلت معي قبل قليل، كانت في ظهري، وحدثت معي قبل ساعة في قشرة بطني، وقبل ساعة ونصف حدثت في صدري، أنَّه – حقا – يوم فُنَاغي..
سأله التذخاوي: ما الفرق بين المفسنات والمفنغات؟
قال: المفسنات تحدث في قشرة البطن والصدر والظهر، وكذلك المفنغات، ولكن المفنغات تحدث داخل المفسنات، أي أنَّ مكانها أضيق من مكان المفسنات، فالمفسنات ممكن أنْ تكون في كل محيط الوَسِطَات، أما المفنغات، فلا تكون ألا في مكان صغير بالنسبة للمفسنات..
قال التذخاوي: والله معلوماتك جيدة، فكيف علمتها؟
قال العامل الآخر: التجربة يا سيدي، فقد قررت أنْ أفهم ما يحدث معي، فصرت أوتر نفسي لكي أصاب بفسان أكثر، حتى أنني تمشكلت مع زوجتي، فذهبتْ إلى بيتها، وصرتُ عندما أريدها، لا أجدُ غير يدي، فهي زوجتي، حتى أنني عملت وليمة في يوم زواجي منها، ولكن العجيب يا تذخاوي، أنَّ الاستمناء يُزِيد المفسنات، حتى أنني لا أفهم المفسنات على الوجه الصحيح، إلا من خلاله، وخصوصا الاستمناء المجهمي..
فقال التذخاوي: أسكت، فضحتنا يا تجهامي، ولم يبق زيادة في الفضيحة، فعندنا بعد ستة أمتار هناك عمال، فربما سمعوا ترهاتك، ولكن العامل الآخر اعترض، وقال: ربما يكون الأمر كما تقول، ولكنَّني أرى أنَّ ما فعلتُه زادني علما بالمرض، خصوصا وقد قطعت على نفسي عهدا، بأنْ أجعل من جسدي مختبرا متنقلا للبحث العلمي في هذا الموضوع..
فقال التذخاوي معترضا: لا تفعل، فلست بحاجة إلى مزيد من المرض، فأنا لم أرَ في حياتي من يريد تَكْثِير مرضه بنفسه، إلا أنت!..
رد العامل الآخر معترضا: ليس الأمر كما تتوهم، فربما هناك من يزيد مرضه، بهدف الغوص في أسباب هذا المرض، وتحركاته، وتشكلاته..
فقال له التذخاوي: أتمنى لك النجاح، رغم أنني أفضل ألا تزيد مرضك..
فشكره العامل الآخر، على دعمه له، رغم أنَّه فضل ألا يكون باحثا في المرض..

مَفْسَنَة مُقْدِيحية: هي إفرازات (علة) مرضية قدمية حادة، تكون في الوَسِطَات، وتُفْضِي إلى فُسان مقديحي..
إنْ داوم صاحبها الغضب، والحزن، والتفكير المألمي؛ فإنَّ سيصل إلى مَفْسَنَة مُقْدِيحية3، ومنها ينتقل إلى الفومليين..

فُسَان مُقْدِيحي: هو تنفس صعداء مرضي حاد، حيث يرتفع صدر صاحبه كثيرا، ويحدث كثيرا، أحيانا يمكن رؤية صاحب هذا الفسان يرفع صدره من فسانه كثيرا جدا، بحيث يميل الرأس إلى الجانب والخلف، ويظهر جزء كبير من مقلته، وأحيانا لا يميل ولكن يظهر جزء كبير من مقلته، فصاحبه يفتح عينيه كثيرا آنه، ففتح العيون يبدو تعويضا عن الميل، فهو في هذه الحالة يقدم رأسه إلى الأمام، ويكون تقديم الرأس إلى الأمام مقصودا تارة، وغير مقصود تارة أخرى..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات