مواضيع اليوم

فُرس لكنهم عربٌ!

رياض الحسيني

2008-11-18 18:05:27

0

فُرس لكنهم عربٌ!

 

بقلم رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com

www.riyad.bravehost.com

 

استنادا الى كل كتب التأريخ ذات العلاقة تؤكد ان ايران كانت بلادا غالبية اهلها من اهل السنّة قبل ان تحكم الدولة الصفوية ويتحولوا الى المذهب الشيعي الجعفري في القرن السادس عشر الميلادي الموافق للعاشر الهجري. هذه الجزئية المهمة لم تستحوذ على ادنى تفكير من عقول الساسة اللذين حكموا العراق وبعض الببغاوات ممن اعتمد عليهم هؤلاء الحكام فكانوا ولازال قسم منهم غير قليل في الدولة العربية يعتبرون ان مذهب التشيع قد قدم الى العراق من ايران بينما كل الدلائل التأريخية تشير على العكس! فالعراق هو الاصل والمنبع ومنه انتقل التشيّع الى ايران وباقي الحواضر الاسلامية.

ذكر ابن خلدون في مقدمته "ان المجتمع الايراني كان ذا ميل قوي نحو طلب العلم" استشهادا بالحديث النبوي المروي عن عائشة زوج النبي ص القائل " لو كان العلم معلّقا بالثريا لتناوله ناس من ابناء فارس" مسند احمد 420/2 ! هذا الميل هو الذي حدا بالدولة الصفوية ان تستقدم علماء عرب من جبل عامل والبحرين لتدريس الايرانيين علوم الدين كما ذكر ادوارد براون في كتابه "تأريخ فارس" حتى صارت اصفهان عاصمة الصفويين انذاك مركز العلم وعاصمة الاشعاع وتفوّقت على مراكز التشيع الاخرى كالنجف وكربلاء. لكن لم يدم طويلا لاصفهان الغلبة فبعد انهيار الدولة الصفوية في عام 1722م واضطراب ايران عاد البريق الى كربلاء ومنها الى النجف حيث مستقر العلم والتشيع ومستودعهما، ومن الطبيعي ان انتقل على اثر ذلك بعض علماء ايران وطلبتها الى النجف وكربلاء فتوطّدت العلاقات واشتدت الاواصر وتعددت اسباب التأثر بين العراق وايران اكثر فاكثر.

ماتقدم يجد السائل ضالته فيه من الاجابة الرئيسية حول اسباب كثرة علماء ايران واسباب التقارب الشيعي الايراني مع الشيعي العراقي. علاوة على ذلك فانه ونتيجة للاضطهاد السياسي والتعامل الدوني من قبل حكومة بغداد باتجاه شيعة العراق وتوجهها الدائم نحو تحجيم دورهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي خواص وعوام على حد سواء منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا قد زاد من هذا التقارب بشكل ملفت للنظر لدرجة ان البعض ظن ان التشيع قد قدم من طهران الى العراق!

بيد ان انتهاج مبدأ التصفية الجسدية بحق العلماء من العراقيين والتضييق على حوزتهم قد اعاد دورة الزمن مرة اخرى لتشهد قم الايرانية هذه المرة اشعاعات فكرية وعلمية على حساب النجف وكربلاء. بطبيعة الحال هؤلاء الحكام قد خدموا ايران اكثر مما اضروها لانهم بذلك قد دفعوا بشيعة العراق قسرا لطلب النجدة من ايران ليس من باب الالتقاء بمذهب التشيع فقط وانما لانها البوابة المفتوحة الوحيدة التي كانت امامهم! أيضا قد قدّم هؤلاء الحكام لايران خدمة جليلة بمحاربتهم لعلماء النجف وكربلاء تمثلّت في تفوّق ايران بالمسك بزمام الاجتهاد وعروة التقليد وهو صلب العقيدة الشيعية ومن يمسكها فانه يمسك قلوب وعقول الملايين.

منهجية الحاكم العراقي التي لااحد يتحدث عنها هي الاخرى قد تأثرت وتوثّقت وارتبطت بحاكم الباب العالي العثماني ومن ثم بالمحتل البريطاني. والامر كذلك فهذا التخندق الحكومي العثماني البريطاني في مقابل التخندق الشعبي العراقي الايراني كان واضحا ولاسبيل لنكرانه لدرجة وبمرور الوقت اخذت الهوة بالاتساع ووصلت الثقة الى الانعدام فكان ماكان. حكومة مرتبطة بالاجنبي ومتهمة بالعمالة له وشعب مسلوب الارادة متهم بالعمالة للاجنبي ايضا، حكومة عثمانية ومن ثم بريطانية تحكم شعب عربي لكنه في نظرها ايراني صفوي بينما ينظر شيعة العراق لعلماء ايران على انهم فرس لكنهم عربٌ!

عربٌ لانهم قد اغاثوا الملهوف ودافعوا عن المظلوم ووقفوا ضد الظالم وانتصروا للدين فهل هذه من الصفات الفارسية ام من شيم العرب؟! كم من طفلة عراقية استغاثت بالمعتصم العربي، وكم من ثكلى ندبت باسم الملك العربي، وكم من شيخ توسّل للحاكم العربي، وكم من ملهوف عراقي لم يجد مغيث عربي له، كم وكم وكم؟ في المقابل كان صدى الصوت العراقي على الدوام يأتي من ايران بينما تصده الابواب العربية المغلقة على الدوام أيضا! هل عرفنا الان لماذا ينتصر بعض العراقيين لايران ولماذا تتدخل ايران في الشؤون العراقية على الدوام، اتمنى ان نكون قد ادركنا وضعا اذا مااريد له الاصلاح فعلا فعلى العرب وباقي المسلمين ان يمدّوا ايديهم الى شيعة العراق ويكفوا عن انتهاج نفس الطريق والمنهج الذي حكم به حكام بغداد هؤلاء الكرام من الناس والا فايران ستبقى في نظر غالبية شيعة العراق فرسا لكنهم عربٌ!

 

السياسة الكويتية

http://www.daralseyassah.com/PDF/08/NOV/09/38.pdf

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات