في نعي النجم مشاري البلاّم
مصعب المشرف
٢٧فبراير ٢٠٢١م
اثارت وفاة النجم الكويتي العربي الشاب "مشاري البلام" حزنا عميقا وسط ملايين معجبيه على نطاق العالم العربي.
سيظل مشاري البلام علامة بارزة في مجال التمثيل. وسيكون له مقلدوه ومن يسير على دربه الصعب . ولكن ستتبقى له نجومية قصب السبق والابتكار.
تميز الراحل المقيم بانه وعلى صغر سنة وقصر عمره . انه استطاع '" تنميط شخصية غير منمطة" .
هذه الشخصية (المركبة) متواجدة بيننا . وتجمع في تصرفاتها وقناعاتها ما بين الطيبة والتهريج والسذاجة والعفوية والغفلة . والقوة والمكر والدهاء والعنف والشر الدفين في ان واحد . لكن الذي يميزها اكثر انها تتعامل مع الغير بردود الافعال .
فان كنت ضاحكا معها ضحكت معك واضحكتك . وان كنت طيب معها طابت معك حتى النخاع . وان كنت شرا معها ارتك من انواع الشرور والشراسة والتحدي ورغبة الانتقام العجائب .... وهكذا. هي شخصية "قصية جانحة" يحتار الناس دائما في فهمها وتحديد ملامحها الاطارية وينخدعون ويختلفون في تقييمها.
وعلى هذا النحو مضى النجم الراحل مشاري البلام يعزز سبر اغوار ويراكم هذه الشخصية المتفردة . ويقدمها في كل مسلسل تلفزيوني بشكل وصفات وجوانب متجددة لم يسبقه اليها نجم من نجوم التمثيل على مستوى العالم والعرب من قبل . بمن فيهم شارلي شابلن و نجيب الريحاني او عادل امام و دريد لحام.
ولم لا يستحق مشاري البلام هذا الحزن العربي العميق على وفاته؟.... اعطوني مثالا واحدا لنجم عالمي كوميدي او درامي وتراجيدي سوبر استطاع " تنميط شخصية حية متناقضة غير منمطة".
لا يوجد سوى مشاري البلاّم..
وحتى يكون الامر اكثر اتضاحا لدى البعض لجهة عبقرية وتميز البلام. اضرب مثلا بنجم المسرح الكوميدي السوداني "الفاضل سعيد" . فهو قد ادى ادوار لشخصيات نمطية اشهرها شخصية "العجب" و "بت قضيم" ولكنها كانت شخصيات نمطية جاهزة "تقمصها" وتعامل معها الفاضل سعيد باطارية محددة الابعاد على اعتبار انها منمطة سلفا . وقدمها وفقا لذلك في جوانبها وردود افعالها الثابتة المعروفة المتوقعة لدى المجتمع . في حين ان الشخصية التي قدمها البلام لم تكن في الاصل نمطية. وبالتالي لم يقتصر دوره في اضاءتها على تقمصها . ولكنها اصبحت نمطية على يديه ومتجددة المواقف بادائه الفريد. ومنه اتضحت ابعادها واعماقها . وكانت ابرز سمات هذه الشخصية دوره في مسلسل "دنيا القوي" انتاج ٢٠٠٤م. و "مع حصة قلم" انتاج ٢٠١٨م. واما شخصية مشاري البلام وميوله نحو التنميط . فقد ابرزها دوره في مسلسل "دارت الايام" انتاج ١٩٩٨م حيث ادى شخصية الفتى النفطي المدلل المرفه ابن رجل الاعمال الثري . وكانت تلك بدايته الحقيقية التي لفتت اليه الانظار.
ولد مشاري البلام في الكويت عام ١٩٧١م. وتخرج من الجامعة عام ١٩٩١م ولديه قرابة ال ٥٧ عمل فني في المسرح والتلفزيون.
واسهمت ثقافة مشاري البلام ودراسته الاكاديمية في صقل شخصيته الواثقة من نفسها . فكان مشهود له الترفع والسمو عن الوقوع في زلل اللسان واسخرية غير الموضوعية من الشعوب الاخرى لدواعي الفقر. وشجب العمالة الوافدة لاستدرار التعاطف المحلي وتسول الضحكات الرخيصة خلال ادائه لادواره في المسرح او مقابلاته الصحفية والتلفزيونية . على الرغم من ان هذه الزلاّت اللسانية قد جرت على ألسنة نجوم كبار سبقوه امثال داود حسين وحياة الفهد وعبد الحسين عبد الرضا وغيرهم. واسهمت في تدني جماهيرتهم على المستوى القومي.
وهكذا يظل التفرد هو السيد ومفتاح النجومية والخلود في مجال الفنون على مر الزمان.
رحم الله الفنان مشاري البلام واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه الصبر والسلوان.
التعليقات (0)