مواضيع اليوم

في مواجهة السلطة الفلسطينية

فلسطين أولاً

2010-04-18 10:07:50

0

في مواجهة السلطة الفلسطينية

  حماده فراعنة

على الرغم من أن القرار العسكري الإسرائيلي 1650 المسمى القرار الخاص بمنع التسلل، والتعديل رقم 2 الصادر يوم 13 نيسان الجاري عن اللواء غادي شامني، قائد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية، عدواني وعنصري، ويسبب الأذى لشرائح اجتماعية فلسطينية محددة، إلا أنه قرار سياسي بامتياز وله أبعاد سياسية ذات أثر، أكثر منه أنه قرار عسكري ميداني يستهدف الشرائح التالية:

أولاً: أردنيون وأردنيات، عادوا إلى عائلاتهم في مناطق الضفة الفلسطينية، عبر تصاريح السفر التي كانت تصدرها السلطة الوطنية بعد اتفاق أوسلو 1993 وقبل الانتفاضة الثانية العام 2000، أو من خلال تأشيرات دخول صادرة عن السفارة الإسرائيلية في عمان، وتزوجوا وأنجبوا وكونوا أسراً عائلية، دون أن يحصلوا على حق الإقامة الدائمة، أو الرقم الوطني الفلسطيني، فباتوا عالقين في وطنهم دون وثائق إقامة فلسطينية.

ثانياً: أبناء قطاع غزة الذين انتقلوا للعمل في مؤسسات السلطة الوطنية في الضفة الفلسطينية، وبقيت أوراقهم الثبوتية كما هي دون تغيير باعتبارهم من أهالي غزة وليسوا مسجلين كمواطنين في مدن الضفة الفلسطينية.

ثالثاً: أبناء مناطق في الضفة يسكنون مناطق أخرى في نفس الضفة، ولكنهم مسجلون كمواطنين في مدن ويقيمون ويعملون في مدن أخرى، كمواطن فلسطيني مسجل في جنين ويسكن رام الله، وآخر مسجل في نابلس ويقيم في الخليل.

هذه هي الشرائح الثلاث المستهدفة من القرار العدواني العسكري الإسرائيلي، حيث يجيز القرار 1650 للحاكم العسكري اعتقال المواطن الفلسطيني ومقاضاته وترحيله حيث مصدر إقامته في هويته الثبوتية وليس مكان سكناه أو مكان عمله.

ولكن كما هو واضح على الرغم من كونه إجراءً إدارياً يطبقه الحاكم العسكري الإسرائيلي ولكنه يحمل أبعاداً سياسية وله أهداف سياسية أكثر منه قراراً قابلاً للتطبيق العملي.

فالقرار يستهدف طموحات أبو مازن وتطلعات سلام فياض، فالقرار السياسي الفلسطيني لم يعد قابلاً للتأويل أو الإذعان لفتح التفاوض على قضايا المرحلة الانتقالية مع الجانب الإسرائيلي كالحواجز أو توسيع صلاحيات وولاية السلطة الفلسطينية على مناطق أ، ب، ج أو غيرها من القضايا، بل المطالبة الفلسطينية بالذهاب مباشرة للتفاوض على قضايا المرحلة النهائية بعد تحديد الموقف الإسرائيلي من قضيتين:

الأولى: ماهية الحدود الدولية بين فلسطين وإسرائيل.

والثانية: وقف الاستيطان الإسرائيلي خارج حدود دولة اسرائيل، أي وقف الاستيطان في مناطق الضفة والقدس الشرقية والقطاع، باعتبارها مناطق خاضعة للاحتلال الأجنبي الإسرائيلي منذ الخامس من حزيران العام 1967، ولا يجوز العبث فيها أو تغيير معالمها الجغرافية أو السكانية وفقاً للقوانين الدولية ووفقاً للاتفاقات الموقعة بين الجانبين برعاية الولايات المتحدة وتصديق المجتمع الدولي.

فالقرار يستهدف أن يقول للرئيس الفلسطيني ولرئيس حكومته الائتلافية: إن محاولاتكم في الاعتماد على المجتمع الدولي رهان خاسر، ومحاولاتكم البناءة وتهيئة الوضع على الأرض لتطبيق تطلعاتكم وطموحاتكم تجسيداً لقرارات الشرعية الدولية 181 و 194 و 242 و 1397 و 1515 مرفوضة وغير مقبولة من جانب إسرائيل، فصاحب القرار السياسي وتطبيقاته على الأرض هو نتنياهو وايهود باراك وليبرمان وإيلي يشاي والائتلاف اليميني الحاكم، وأداته الجيش وينفذه الحاكم العسكري وأجهزته الأمنية، وليس أمين عام الأمم المتحدة واللجنة الرباعية وممثلها توني بلير وضغوط واشنطن.

القرار الإسرائيلي يلغي مضمون الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني، اتفاق أوسلو، الذي يعتبر الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة، جرت الانتخابات التمثيلية فيها للمجلس التشريعي وانتخاب الرئيس مرتين الأولى في 1996، والثانية في 2006 باعتبارها وحدة جغرافية وسكانية واحدة، وجرت سلسلة الانسحابات العسكرية الاسرائيلية التدريجية منها وفق الاتفاق التدريجي المتعدد المراحل الموقع بين الطرفين، قبل أن ينسفه شارون العام 2002 باعادة احتلاله للمدن والمناطق الفلسطينية التي جرى الانسحاب عنها بدءاً من غزة وأريحا أولاً العام 1994.

القرار الإسرائيلي يعكس حالة الإرباك والتخبط السياسي لدى حكومة نتنياهو، حول كيفية دفع الاستحقاقات المطلوبة منها سياسياً وميدانياً وفي كيفية تعاملها مع السلطة الفلسطينية فقد نجحت إدارة الرئيس أبو مازن على المستوى الدولي، مثلما نجحت إدارة رئيس الوزراء سلام فياض على المستوى المحلي في جعل التعاطف الدولي والتقدير العالمي لحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني قابلة للحياة والتطبيق على أرض الواقع، ونجحت في تطبيق ما هو مطلوب منها وفق خارطة الطريق والقرار الدولي 1515، ليس بفعل قدراتها الأمنية وحسب، بل بفعل قرار سياسي توافقي تم التوصل إليه بين فصائل المقاومة باختيار المقاومة المدنية والاحتجاجات الشعبية كما ظهر في القدس ونعلين وبلعين والمعصرة وسائر المناطق، ودون استخدام السلاح في المرحلة الراهنة، اعتماداً على مبدأ استعمال كافة وسائل الكفاح المشروعة والمتاحة ضد الاحتلال الأجنبي المستعمر، وهو قرار لا تقتصر موافقته على الفصائل والقوى السياسية العاملة في الضفة الفلسطينية بل شمل تلك الفاعلة في قطاع غزة، حيث تم التوافق المماثل بين حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية، وتنفذه حكومة حماس بقوة وعزم في قطاع غزة مثلما تنفذه حكومة الائتلاف الوطني في الضفة، لأنه يعكس خيارات الجميع الفلسطيني ومواقفهم ورغبتهم في عدم التورط في معارك عسكرية غير متكافئة مع العدو الإسرائيلي، كما حصل في معركة الجدار الواقي في الضفة العام 2002 وكما حصل في معركة الرصاص المصهور في قطاع غزة في أواخر العام 2008.

القرار العسكري الإسرائيلي يستهدف النهج الفلسطيني السياسي الواقعي الصلب والمبدئي المتصادم مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، مثلما يهدف الى نقل حالة الإرباك من الجبهة الداخلية السياسية الإسرائيلية الى الجبهة الداخلية الوطنية الفلسطينية، وجعلها مشتتة غير قادرة على الفعل ودفعها لتغيير أولوياتها من الاهتمام بقضايا المرحلة النهائية، إلى العودة للاهتمام بقضايا المرحلة الانتقالية، والانتقال من الاهتمام بإنهاء حالة الاحتلال ونيل الاستقلال إلى الاهتمام بالعناوين المتفرعة عن وجود الاحتلال، فالمشكلة المركزية لدى منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وحكومتها الائتلافية هي الاحتلال وليس معالجة ما ينبثق عن هذا الاحتلال من إجراءات وسلوك وتعديات





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !