لم نكن بحاجةٍ إلى النور .
كنا نتقاسم شجون العتمة وكان لابدَّ منها لاختبار مدى قدرتنا على إدراك الواحد منا للآخر .
الظلام عربة مقذوفة في حمم الرغائب .
نأيت بالمكان إلى جهة في الصمت ؛ أعطيته ظهري رأيت نظراته لا تهدأ وهي تصعد من أعلى ربلة ساقي إلى قاع هزَّة روحي.
ما أوجع أن أتحسَّسه يمشي بي إلى حيث نسيت أن أصفّف شعري أمام مرآة شغفه ؛ ما أوجع أن ألقاني بيني وبينه .
يدخل اسمي ليلا ؛ يتطهَّر بي من آثامي ؛ وأنا أجلس إليه تفطَّنت إنه كان نصف عاريا ؛ كانت نظراته في الأوَّل مضطربة والآن هاهي خاشعة تطوّف ما شاء لها في حدقتي ؛ يبعثرها التوهان بين خُصلات شعري ؛ تبحث لها عن مرسى مفتوح بين الشفتين ؛ لن تتأخَّر عن ارتكاب حماقة الانتظار عند ثنية الركبتين ؛ سوف تهرول في المجرى الحليبي بين الربوتين ؛ ثم تحدّق في صمتي لأحدق في صمتي.
كنا في مهبِّ الطيش أو شيئا من هذا القبيل .
تنفتح الشبابيك أورغازم ؛ لابد من آهة تُطيح بالجدران تُعدُّ الدرفات أجنحة توقظ الجمر الناعس في حجر الروح ؛ يشتعل المكان يوقظ سلحفاة العزلة من حيادها الطائفي .
كان لا بد أن أهدِّئ أعصاب الفكرة وألاطف أعضاءها فلا يهيِّجها غباء التطرُّف البيولوجي .
لن أنقذ غرفتي من حريق الهواء بين نوتتين موسيقيتين تبعثرتا كجوربين غير متشابهين .
تلتهب أدراج الذاكرة وأخيلة المخدات ؛ تلتهب خزنة المهملات العاطفية والخشب البارد في زوايا الحجرات المغلقة ؛ يلتهب الانتظار و الأمل الذي تركناه يغلى على موقد المراهقة ؛ تلتهب السفن العائدة بكولومبوس لقيطا وماجلان لوطيا مريضا بالسيفيليس .
كتميمة معلقة بين السماء والماء ؛ أنشدها الغسق وصلَّى من أجلها الرعد.. ها هو الآن يتفحَّص جسد النهار بين خطى الضجيج الذي يطارد ملل الشارع .
يتركني أنا وجسدي بين رحى طاحونة الحريق نتبعثر كالقمر بين أصابع الريح .
حدَّثني عن أرملة حامل في شرهها الأول لن تجد أفضل من لسان النار تتوحَّمه .
حدَّثني عن طريق الحرير مطبَّات الوقوع بين مشابك دانتيلا تفتح على على قمم انتصبت مهاوي .
حدَّثي عن النار كيف لا يصبر على دخانها لينتفع بضيائها ويلتذَّ بصلائها ؛ حدَّثني ظلُّه عني وعنه ؛عن غابات بكر في أقاصي الجسد تحتاج لحريق يجدِّد عناصرها ؛ عن أنهار أخمدها الزمن وسوف يلزمها جمر النشاوي لتتدفق شآبيب ؛ حدَّثني عن أيائل تركض بالحلم إلى الأعالي .
قال:
’’ هذا تأويل ما لم تستطيعي عليه صبرا ’’ واختفى فجأة..
لن أنقذ غرفتي من حريق أشعلته أخيلتي .
سأترك لعربة الإسعاف أن تعدِّل نبض المكان وتعيد ضخَّ أوكسيجين الشهوة.
كنت قد خرجت لبحث عنه ..
التعليقات (0)