في مصلحة من تأزيم العلاقات المغربية القطرية؟؟
عبـد الفتـاح الفاتحـي
بات اليوم في حكم المؤكد أن العلاقات المغربية القطرية ستعيش امتحانا صعبا بعد عرض خريطة المغرب من دون إقليم الصحراء في دورة الألعاب العربية الثانية عشرة المقامة بالعاصمة القطرية الدوحة، والمستمرة إلى الثالث والعشرين من الشهر الجاري. وتشارك فيها المملكة المغربية بوفد يضم حوالي 350 عضوا منهم 250 رياضي ورياضية. وحري بنا والحالة هذه أن نطرح السؤال التالي: في مصلحة من تأزيم العلاقات المغربية القطرية؟؟.
الحادث خلف حالة استنفار في صفوف الوفد المغربي المشارك في الدورة، وخلف استياء قويا في الأوساط الشعبية التي بادرت إلى مطالبة الحكومة المغربية بسحب المشاركة المغربية من الألعاب العربية، واستدعاء السفير المغربي من الدوحة وطرد السفير القطري من الرباط. إلا الجهات الرسمية المغربية أبقت على رباطة الجأش ودعت الوفد الرياضي المغربي على إبقاء مشاركته في انتظار أن تتوضح الرؤية رسميا، بناء على اتصالات باشرتها وزارة الخارجية ووزارة الشبيبة والرياضة المغربية مع نظيرتيهما القطرية، وأثمرت عن إعلان السفير القطري بالمغرب أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ تقنيا، والعلاقات المغربية القطرية جد متينة.
ولا ينكر أحد تطور العلاقات المغربية القطرية مؤخرا، وأن ذلك يربك خصوم وحدتنا الترابية الجزائر والبوليساريو، ولذلك فإنه من المعقول أن تعمد تعطيل أي تقارب مغربي قطري بأي طريقة كانت، وقد برز سعيهما ذلك في ترتيب الجزائر لزيارة قامت بها المدعوة خديجة حمدي حرم عبد العزيز المراكشي، حيث وتكفلت وزارة الخارجية الجزائرية بكل مراسيم ومصاريف اللقاء الذي جمع زوجة زعيم البوليساريو واحد المقربين من ديوان أمير دولة قطر بالدوحة.
وقدمت حرم المراكشي في نفس اللقاء طلبا رسميا باسم الصحراويين لأمير دولة قطر تدعوه فيه إلى انضمام ما أسمته "جمهورية الصحراء" إلى جامعة الدول العربية، فضلا عن استجداء دعم مالي ومعنوي للجبهة.
وقد كانت الجزائر تتوسم في الدبلوماسية الأنثوية عبر حرم المراكشي استمالة أمراء قطر، والحصول على موقف سياسي يدعم جبهة البوليساريو، وإفساد العلاقات الدبلوماسية المغربية القطرية.
إلا أن الحنكة المغربية استمرت في اتصالاتها الدبلوماسية، فتمت زيارة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للمغرب وترأس خلالها إلى جانب العاهل المغربي محمد السادس على لترأس مراسيم توقيع أربع اتفاقيات للتعاون بين الرباط والدوحة، وهي اتفاقية عقد شراكة لإنشاء هيئة مشتركة قطرية مغربية للاستثمار ومذكرة تفاهم للتعاون السياحي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة قطر ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال المعدني بين حكومة المملكة المغربية من خلال المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن وحكومة دولة قطر من خلال شركة قطر للتعدين وبروتوكول إضافي لاتفاقية تنظيم استخدام العمال المغاربة بدولة قطر الموقعة سنة 1987 بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة قطر.
ولعل هذه الأسباب التي جعلت الموقف المغربي الرسمي بشأن ما عرض الخريطة المغربية مبتورة من جزئها الجنوبي غير متناغمة مع حالة غضب الموقف الشعبي المغربي، على قدر ما تمثله قداسة الوحدة الترابية للمغاربة.
وحيث إنه لم يصدر إلى حدود اليوم أي تصريح مغربي رسمي حول حقيقة الموقف الرسمي القطري بهذا الشأن، باستثناء إعلان وزير الشبيبة والرياضة المغربي منصف بلخياط عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك عن اعتذار الجانب القطري واعتبار ذلك خطأ تقنيا وقعت فيه اللجنة المكلفة بالخرائط. فإن حالة الاحتقان والهيجان الشعبي المغربي تتواصل بالدعوة إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة القطرية تنديدا بعرض اللجنة المنظمة القطرية للألعاب العربية خريطة المغرب من دون إقليم الصحراء، وكذا تنديدا بما نشرته صحيفة الرأي القطرية المملوكة للحكومة، التي أعادت نشر خريطة المغرب ووضع ألوان علم البوليساريو على خريطة الصحراء بشكل غير مهني، ذلك أن لا وجود لعلم البوليساريو في الأقاليم الصحراوية، اللهم إن كانت تسعى وتحرض من أجل تأزيم العلاقات الدبلوماسية المغربية القطرية.
ولقد جسدت صحيفة الراية القطرية الصحافة الرخيصة، بإعادة نشر علم جبهة البوليساريو فوق خريطة أقاليم الصحراء، فكانت كالجرائد التي أعادت نشر الرسوم المسيئة إلى الرسول.
ولا يمكن اعتبار ما قامت به جريدة الراية القطرية سلوك مؤدى عنه باتفاق مع الجزائر وجبهة البوليساريو، التي تعمد إلى تحريك ذيوليهما كلما أحسا بتقارب مغربي خليجي (دعوة المغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي) وخاصة التقارب المغربي القطري غداة الإعلان عن زيارة خاصة يقوم بها أمير دولة قطر للمغرب.
حيث ارتفعت النقاشات على صفحات الفايسبوك المدينة للفعل القطري، وتطالب الحكومة المغربية إلى سحب السفير المغربي من الدوحة وطرد سفير قطر من الرباط، وسحب المشاركة المغربية من دورة الألعاب العربية. وظهرت أولى ردود فعل التنديد الشعبي المغربي بقيام شباب هاركز يطلق على نفسه "قوات الردع المغربية" بقرصنة عدة مواقع حكومية وأميرية ومواقع رسمية قطرية جد حساسة، ومنها الموقع الرسمي لدورة الألعاب العربية، احتجاجا على ما أسموها إهانة المغاربة من دولة قطر.
وقد ازداد حنق الشارع الشعبي المغربي من تصريحات وزير الشبيبة والرياضة المغربي منصف بلخياط على شاشة قناة الجزيرة الرياضية يهنئ فيها قطر بحسن التنظيم، ويبدي انبهاره بحفل الافتتاح، وبذات البرودة عبرت رئيسة البعثة الرياضية المغربية نزهة بدوان عن شعورها لصحيفة الراية القطرية الرسمية والتي نشرت ألوان علم البوليساريو على خريطة الصحراء المغربية.
محلل سياسي مختص بقضية الصحراء والشأن المغاربي
elfathifattah@yahoo.fr
التعليقات (0)