بمجرد دخولك إلى المدرسة ومنذ اليوم الأول تجد أمامك مقررا مكدسا يبدو لك أنك سيغني رصيدك المعرفي، وأنك ستكون عالما في المستقبل أو لست أدري ماذا ستكون.
تتساقط أمامك الأحلام والمهن فتحتار ما بين أن تكون معلما أو طبيبا أو وزيرا، تقضي طفولتك كلها في التفكير في مهنة المستقبل وأنت لا تتقن بعد حتى الحروف الأبجدية. يزداد تفكيرك بازدياد عمرك لتقرر إذ ذاك أن لا تكون إلا طبيبا، فلن تتراجع في اليوم الذي سيسألك فيه المعلم في الفصل، كما سيسأل بقية التلاميذ عن المهنة الني يحلمون بها في المستقبل، فتجيبه بقناعة أريد أن أكون طبيبا. المعلم من عادته أن يطمئن تلاميذه بكلمة ان شاء الله لأنه يعلم أن أحلامهم من العصب عليها أن تتحقق.
نحن نقضي حياتنا كلها في الأحلام فقط، لكنني أعذركم لأنني أعرف السبب وراء ذلك، الأحلام وحدها في هذا البلد العزيز تكون لذيذة ووحدها من يمنح لك السعادة والاطمئنان.
أما في مدارسنا فكما قلت نتعلم كل شيء، فكم تعلمنا من قصص جحا وكيف يسرق المال وأنا لا أنكر أنه هو من يرجع الفضل وراء تعليمي كيفية سرق المال من جيب أبي وهو نائم. تعلمنا جدول الضرب وتعلمنا الآذاب والفنون واللغة منذ الحضانة إلى التعليم الجامعي، لكن المشكلة هي كوننا تعلمنا كل شيء من أجل اجتياز الامتحان فقط. كم كنا نحفظ عن ظهر قلب ونحن نحضر للامتحان، لكن ما أن تنتهي الامتحانات حتى ننسى كل شيء. تأتي عطلة الصيف لننفي تماما أننا قرأنا بعض الدروس. فلن أنسى قط في حياتي اليوم الذي سألني فيه أحد زملائي عن اسم الزيتون بالفرنسية فقلت له لست ادري، كنت آنذاك في مرحلة الثانوي واسم الزيتون درسته منذ الابتدائي. سألني عن السبب فقلت له أنني لست متابعا بالامتحان حتى أحفظ من جديد.
المهم في مدارسنا نتعلم كل شيء لكننا ننسى كل شيء، وفي آخر المطاف نجد أنفسنا كائنات بشرية تكتظ أمام البرلمان وتراودنا هراوات قوات الأمن، يعني أننا أصبحنا لا شيء.
التعليقات (0)