في محكمة التدوين.
لا يختلف اثنان بخصوص الثورة التي أحدثتها المدونات في التعبير عن الرأي و مناقشة الأفكار و الإقتراب من الواقع اليومي بكل آلامه و آماله. لذلك يفرض التدوين نفسه كقاطرة حقيقية للتغيير و المساهمة في " شيوعية " الكلمة و الجرأة على البوح و تكسير الطابوهات. لكن هذه النجاحات تقتضي حدا أدنى من شروط الكتابة التدوينية سواء في الإنتاج أو التعليق. و بما أننا في منصة تدوينية فرضت نفسها بشكل ملفت، فإن السؤال الذي يحتاج إلى البحث، ويجب أن يطرحه كل مدون على نفسه هو: هل نحن فعلا في مستوى هذا الفضاء الحر الذي توفره لنا "إيلاف"؟.
" الفاضي يعمل قاضي مع احتراماتنا للكاتب وفريق المعلقين كلكم فاضيين ياريت لو كلكم تبحثون عن عمل تتكسبوا منو ياريت إيلاف تضع باب جديد اسمه وظائف خالية. " كان هذا تعليقا من أحد القراء على موضوع أحد الإخوة المدونين. و قد وقع تعليقه تحت اسم : ( ابحثوا عن عمل ). و حتى لا يتم توظيف هذا التعليق لمآرب أخرى أنوه إلى أن الغرض من إدراجه هنا لا علاقة له بصاحب المقال المذكور. لكني أقدر لهذا القارئ رد فعله، فقد أصاب كبد الحقيقة حينما توجه إلينا جميعا ( مدونين و معلقين) مطالبا إيانا بالبحث عن عمل... و قد تابعنا خلال الأيام الأخيرة نقاشا حادا استعملت فيه كل الأساليب و الأسلحة، و تحولت بعض المواضيع إلى ساحة حقيقية لمهاترات فارغة ارتفعت فيها أبواق الشتم و السب بشكل صارخ... و أظهر ذلك النقاش لمن يحتاج إلى دليل أننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن ثقافة التعددية و احترام الرأي الآخر...
لقد لاحظنا جميعا إقبالا كبيرا على مدونات " إيلاف" في الأيام الأخيرة، حيث بات عدد المتصفحين يتجاوز عتبة ال ( 200 ألف زائر) في فترات كثيرة. وهذا إنجاز كبير يجب استثماره من أجل مزيد من النجاحات. لكني أتساءل بكل براءة : لماذا هذا الإقبال الهائل على المدونات؟. و كيف يمكن الحفاظ على هذا المكتسب؟. إن اسم " إيلاف " أصبح يفرض نفسه بقوة في عالم الشبكة العنكبوتية. لذلك يجب أن نفخر بانتمائنا إلى هذا الصرح. لكني في الوقت ذاته أدعو جميع المدونين إلى قراءة الرسالة التي أراد صاحب التعليق أعلاه أن يبلغها لنا جميعا. إننا نتوجه إلى قراء يتزايدون باستمرار، و أرجو أن لا يكون الداعي إلى حضورهم هنا هو تحقيق فرجة مجانية على حروب كلامية تجمع بين مدونين " فاضيين ". إن كل المدونين يتحملون مسؤولية أخلاقية أمام هذا العدد الكبير من القراء الذين يجب أن لا يستهتر أي أحد منا بذكاءاتهم. فهم يتواجدون هنا من أجل القراءة و التعليق و متابعة وجهات نظر مختلفة. لذلك ينبغي أن يأخذ كل واحد منا هذه الأمور بعين الإعتبار، حتى نصبح بحق في مستوى هذه المنصة التي فتحت أبوابها أمام الجميع من أجل الكتابة و التعبير عن الرأي بكل حرية و دون خطوط حمراء.
لهذه الإعتبارات و من أجل تدوين ناجح و مؤثر، ينبغي على كل مدون أن يحاكم الوصاية و يرفض الإستبداد بالرأي. أعني أن يحاكم نفسه أولا، حتى لا يسمح " لقلمه " بأن يبث كل أنواع السموم في وجه مدون آخر اختار في لحظة ما أن يدافع عن الرأي الآخر. محمد مغوتي.03/11/2010.
التعليقات (0)