مواضيع اليوم

في كل ركن من بلاد العرب هناك صدام حسين

عمادالدين رائف

2009-01-10 18:37:38

0

لا اخفيكم انني أصبت بالرعب عندما شاهدت هذه الغابة من الاعلام الخضراء التي ترمز الى جماعة الاخوان المسلمين خلال تظاهرة في العاصمة الاردنية عمان، والتي تقول بعض المصادر انها ضمت مائة الف مشارك ، وازدادت القشعريرة في جسدي عندما شاهدت صور المجرم الارهابي اسامة بن لادن مرفوعة بأيدي المتظاهرين، وازدادت الصورة قتامة عندما شاهدت تظاهرة في مدينة معان جنوب الاردن والاسلحة الرشاشة بايدي المتظاهرين يطلقون النار تعبيرا عن الغضب او الاحتجاج او الزهو لا ادري..

في عام 1990 عندما كان الجيش العراقي يحتل الكويت، وكانت الولايات المتحدة تقود حلفا عسكريا عالميا لطره، كانت التظاهرات المليونية في بعض عواصم العرب وغير العرب، والكل يهتف لصدام ، والنصر الذي سيأتي به صدام، وان هزيمة امريكا والغرب الكافر ستكون على يد صدام، ووصل بالبعض ان يصف صدام بالنبي الذي ارسله الله ليخلص البشرية من عذاباتها ويعيد لكل ذي حق حقه، وفق عقيدة عودة المهدي، او عودة المسيح ، او عودة شخص ما ليخلص البشرية من عذاباتها.

وعندما كنت اقول لبعض المتحمسين : كيف سينتصر جيش صدام ومدينة البصرة لا يوجد فيها مجاري ..؟ وكيف سينتصر جيش صدام والماء الاسن يجري على جوانب طرقات رئيسية في بغداد.. ؟ وكيف سينتصر جيش صدام والذباب يغزوك ويغزو وجبة طعامك حتى لو كنت في افخر فنادق بغداد فما بالك بفنادق المحافظات...؟

وعندما كنت اسال : كيف سيتنصر جيش صدام واحدث دبابة لديه تعود للحرب العالمية الثانية..؟

و كيف سينتصر جيش صدام وضباطه من اكبرهم لاصغرهم يؤمنون بـ "وما النصر الا من عند الله" ولذلك كتبوا على العلم العراقي عبارة "لا اله الا الله " حتى يأتيهم الله بالنصر..!! مع ان الله سبحانه وتعالى يقول "واعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".

اما كل تلك الاسئلة لا يوجد سوى جواب واحد .. سوف ينتصر صدام باذن الله ..!!

ومن اغرب ما سمعت في تلك الفترة حديثا للسيد فاروق قدومي في منزل السيد حسيب الصباغ في مانهاتن بنيويورك عندما ساله بعض الحضور عن تصوره لقدرات صدام (هكذا بالضبط العبارة المستخدمة) ففرك ابو اللطف كفيه وهو يجلس على الكنبة الفارهة مواربا (على جنب) كعادته وقال " والله يا اخوان اللي شفناه في بغداد في العرض العسكري شيء غير معقول، ان لدى صدام سلاح رهيب لم يستخدم من قبل، وهو سلاح روسي بالاصل لكن الجيش العراقي طوره وهو والعلم عند الله سلاح نووي".

وفي ندوة في نيوجرسي تحدث فيها شخص لا داعي لذكر اسمه وكان من جماعة ابو نضال، كاد حضور الندوة وعددهم حوالي 150 شخص ان يفتكوا باحد الحضور لانه سال المحاضر قائلا " وماذا اذا هزمت امريكا صدام حسين وحررت الكويت".

ما تعرف بالامة العربية كانت انذاك قد اسدلت الستار على كل ما يمت الى العقل بصلة، وارخت لعاطفتها ووجدانها كل الحبال، وهذا يؤدي الى حدوث حالة من الذهول "سكارى وما هم بسكارى" ويغيب الانسان عن الواقع ويحلق في السموات السبع لا يرى الا ما يحلو له، ولا يريد ان يسمع الا ما يعجبه، ولا يريد ان يحدث الا ما يتمناه .

ومع كل الحماس والتظاهرات المليونية، والهتافات النارية، والتحليلات الشمطاء لخبراء عجزة في العلوم العسكرية كهذا الذي تستعين به قناة الجزيرة للتعليق على احدث غزة هذه الايام، فقد هزم صدام وخلال يومان فقط كان جيشه البطل يجرجر اذيال الخيبة والهزيمة ويندحر من الكويت.

وكاد الشعب العراقي ان يفتك بما تبقى منه ومن صدام وحرس جمهوره في الانتفاضة الشعبانية لولا التدخل الامريكي لحماية صدام.

صدام جر العراق الى كارثة بل كوارث حصار استمر 15 عاما، ملايين المهجرين ، المقابر الجماعية ، الاف المعتقلين ، والاف الضحايا من كل الانواع والاشكال والالوان، واخيرا جاء بالاحتلال الامريكي ، لتشهد العراق مذبحة دموية قل نظيرها خلال السنوات الخمس الماضية.

واخيرا قتل صدام .. اعدم شنقا .. وصورة اعدامه تناقلتها كل وسائل الاعلام في العالم .. لكن هل قتل صدام .. ؟ هل فعلا شنق ومات ودفن في قبر واغلق عليه القبر وانتهى الرجل ولا ندري الان هل هو في الجنة ام في النار.؟،

لا لا  صدقوني يا اخوان ان صدام لم يقتل، ولم يشنق، ولم يمت، فمن شاهد قنوات التلفزة الايام القليلة الماضية شاهد الف صدام، بل شاهد من هو اكثر وحشية من صدام، ومن هو اكثر رعونة وتبجحا وعنجهية، وبشاعة من صدام.

احدهم يرفع شعار "اصبروا يا أهل غزة فان مصيركم الجنة"  ومن قال لك ايها السفاح ان اهل غزة مستعجلين على الجنة..؟ وصدام اخر يقول " كل الحب والاحترام لحماس على مقاومتها البطولية ، واما عدد القتلى فلا يهم ، فهم شهداء ويحسدون على ذلك، ولن يموت انسان ناقص عمر، فلكل اجل كتاب ، فاما النصر واما الجنة باذن الله".

وخرج في التظاهرات المليونية الف صدام ، كان هناك صدام واحد بالعراق فاذ به الان موجود بالجزائر والمغرب وموريتانيا، ويمكن في 100 صدام بالسودان، و200 في ليبيا، و500 في الاردن، والا فمن اين جاءت هذه الموجة من الرايات الخضراء، وعشرات الصور لبن لادن، حتى اعراسهم حولوها الى مهرجانات خطابية للقاعدة والارهاب ، كما عرضته قناة العربية في برنامج "صناعة الموت".

كما هي العادة مع كل موجة من موجات العبث الاجرامي في مقدرات شعب من الشعوب، تنتفخ الحناجر، وتشرئب العاطفة، ويخرج صداما من قبره ليعلن هزيمة الامبريالية، وهزيمة الصهيونية، وانه سوف يدوس على "اكبر كبير في الغرب الكافر" فاذ بنا نقدم الاف القرابين اطفالا ونساء وشيوخا وشبابا، ونقدم بلادنا هدية للعدو كي يدمرها ويمزقها ، ويقلب "عاليها سافلها ".

فمتى نقبر صدام للمرة الاخيرة، بكل ما يمثله من ديكتاتورية وعنجهية وتخلف وتطرف ..؟ متى تلد امرأة عربية رجلا عاقلا يعلمنا ان البناء اعظم من الهدم، وان الحياة اجمل من الموت، وان العطاء لا يعني الفناء.

ويعلمنا كيف نحب ولا نكره، كيف نعطي قبل ان نأخذ، كيف نحيا قبل ان نموت، كيف نتعلم السباحة قبل ان ننزل في المحيط، يعلمنا الكثير من الاشياء، وفي مقدمتها وفي اولها وفي بدايتها وفي رأس الاولويات يعلمنا ان هناك عقل في رؤوسنا اعطاه الله لنا لنستخدمه في ادارة شؤوننا وليس للزينة..!!

تخيفني الرايات الخضراء والسوداء، وتدب الرعب في قلبي فكلما شاهدت اعدادا اكبر منها اشعر ان الطريق ما زال طويلا امام هذه "الامة".

لكن هل من المعقول ان الناس في الاردن يمجدون بن لادن؟ وان شباب الاردن ما زال عندهم "السلاح زينة الرجال" ويطلقون النار في الظاهرات.؟.

هل كل هذه القوى المتطرفة في الاردن تحت السيطرة الامنية مثلا ...؟  وهل هي خرجت بهذا الثقل لادراكها بان حماس تخوض معركة بالنيابة عن كل جماعات الاخوان المسلمين في العالم، وخصوصا الاردن ومصر..؟

وهل حقيقة ان النظام في الاردن لا يخيفه التمادي في التطرف الذي كشفت عنه بعض النشاطات الاخيرة واظهرت وجود الاف الزرقاويين في الاردن ..؟ وامام هؤلاء الزرقاويين  ووحشيتهم .. سنكون مضطرين للترحم على صدام حسين.

اذن الا يجب علينا ان ننتبه وندقق  النظر جيدا لنرى من هي الجهات التي تنتج التطرف وتدعمه وتمده بكل اسباب الحياة في بلادنا ..؟

فقط دققوا النظر من غزة حتى نواكشوط وما بينهما. لتروا كم ان الامر مريع ومخيف..!!

ولترو ان المجاري ما زالت تفيض ليس فقط في البصرة بل بكل عواصم العرب. فكيف سينتصر الصداميون الجدد.؟؟

ابراهيم علاء الدين

alaeddinibrahim@yahoo.com

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !