في غياب الوعي.. تختلط المفاهيم
بقلم: خليل الفزيع
باسم الدين يساء إلى الدين، وباسم الوطن يجنى على الوطن، وباسم المسئولية تنتهك المسئولية.. هذه ظواهر لا تكاد تخفى على أحد، فأولئك الذين يرتكبون خطايا الغلو والتكفير والإرهاب يتحدثون باسم الدين، والدين مما يدعون براء، لأن الإسلام هو دين السلام والأمن ودين صيانة دم الإنسان وماله وعرضه، ودين تعايشت في ظلاله كل المذاهب واستظل بظلاله الذميون في عهد النبوة والخلافة الراشدة، حتى ابتليت الدنيا بفئات احتمت به لتبرر خطاياها، وتمرر تجاوزاتها فرسخت عن الدين صورة مشوهة في أذهان غير أبنائه الذين يعرفون سماحته ويدركون علو شأنه، وعظمة منزلته.. ليس لدى المسلمين فقط ولكن لدى جميع المنصفين في العالم الذين رأوا في الدين الحنيف خلاص الأمم والشعوب من ويلات الاستبداد والظلم والطغيان.
والذين يركبون موجات الإقصاء والرفض لكل من يخالفهم في المذهب أو الفكر، ويتخذون من الوطنية شعارا لهم، ويوظفون أقوال ولاة الأمر في الاتجاه الذي يخدم أغراضهم، إنما يتسترون بوطنية زائفة لأنهم يدركون أنه لا شيء يسيء للوطن أكثر من أساليب الإقصاء والرفض وغيرهما من أسباب الفتنة التي تفرق بين أفراد المجتمع، وتزرع بينهم الشقاق والخلافات الحادة، مما يسيء للوحدة الوطنية، ويعرقل مسار التنمية، ويشغل المواطنين عن الإسهام في الحراك التنموي الذي تعيشه البلاد في جميع المجالات على امتداد رقعة الوطن العزيز، وهؤلاء المغالون في مواقفهم والمتشددون في أفكارهم يتجاهلون ما يحتاج إليه الوطن من وحدة الصف، والالتفاف حول القيادة الحكيمة لمواجهة كل الأخطار التي تحدق بالوطن والمؤامرات التي تحاك ضده في السر والعلن.
أما أولئك الذين يتحدثون عن المسئولية وهو يرتكبون من الانتهاكات للمسئولية ليل نهار.. ما يندى له الجبين، فهم يظهرون بمظاهر تبعدهم عن كل شبهة.. يتلاعبون بالمال العام، ويسيئون للثقة التي أنيطت بهم، ويتخذون من وظائفهم مطايا للإثراء السريع، وما لم تكشفه الأحداث من الفساد الإداري في بعض المؤسسات أمر جدير بالملاحقة من قبل جهات الاختصاص التي وجدت للمراقبة والمحاسبة وملاحقة المقصرين في الأداء الوظيفي، فالتقصير في أداء المهمات الوظيفية سرقة للمال العام، عندما يتقاضى الموظف أجرا لا يقدم مقابله عملا يوازي هذا الأجر المخصص لوظيفته.. أو عندما يستغلها لمصالحه الخاصة.
إن مجتمعا يراد له المزيد من النهوض والازدهار جدي بأن يتخلص من معوقات تنميته وعراقيل نموه وازدهاره، وما أكثر الساعين لعرقلة مسار التنمية، بالجهل المطبق، أو بالعلم المسبق، وقد آن الأوان لأن يستيقظ أولئك الغافلون ليدركوا أن الدين ضد الغلو وأن الوطنية ضد المتاجرة بها، وأن المسئولية أمانة سيحاسبون عليها إن عاجلا أو آجلا. إن غياب الوعي لدى هذه الفئات.. أدى إلى هذا الخلط في المفاهيم، وأدى إلى غياب النظرة الواقعية لكثير من الأمور الهامة التي يقوم عليها تقدم الشعوب وازدهارها لتسهم بنصيب وافر في صنع حضارة الإنسان.
التعليقات (0)