احتشد أكثر من سبعين ألف من كوادر وأعضاء وأنصار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومواطني قطاع غزة في ساحة ملعب فلسطين والشوارع المحيطة به ظهر اليوم خلال مهرجان إحياء الذكرى الثانية والأربعين لانطلاقة الجبهة.
وخرجت جموع الشبان والشيوخ، والنساء والأطفال منذ ساعات الصباح الباكر من مختلف محافظات ومخيمات وقرى القطاع في اتجاه مدينة غزة، تلبيةً لدعوة الجبهة لإحياء الانطلاقة تحت شعار بالوحدة والمقاومة والصمود ننتصر.
وانتقد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسؤول فرعها في قطاع غزة د. رباح مهنا ما أسماه الاتجاهان الضاران بالمقاومة الفلسطينية في رام الله وغزة، موضحاً أن الاتجاه الأول غير مقتنع بالمقاومة ويصفها أحياناً بالعبثية، ويعقد الاتفاقات الأمنية ويقوم بالتنسيق الأمني بهدف انهاء المقاومة، فيما الاتجاه الثاني يدعو الى المقاومة ومارسها بشكل رائع في فترة ما، لكنه ينظر إلى المقاومة بطريقة استخدامية تخدم مشروعه الخاص بعيداً عن رؤية وطنية موحدة.
وأكد د. مهنا أن هناك اتجاه ثالث، تتبناه الجبهة الشعبية، ويرى في المقاومة بشكل عام والمسلحة بشكل خاص شكل رئيس من أشكال النضال ضد العدو الصهيوني المتغطرس، داعياً إلى الحفاظ على المقاومة وفعلها في اطار منظور وطني كامل يخدم نضالنا في استعادة حقوقنا عبر تشكيل جبهة المقاومة الموحدة.
وشن د. مهنا حملة انتقادات شديدة اللهجة على طرفي الانقسام بسبب تغولهما وتعديهما على الحريات الديموقراطية، مرجعاً أسباب هذا التغول إلى النزعة الفئوية والاستئثار والهيمنة والتفرد لدى طرفي الانقسام، ومحاولتهما تكريس سلطتيهما في الضفة وغزة على حساب المصلحة الوطنية المشتركة، اضافة الى التربية والتعبئة الخاطئة لعناصر الأجهزة الامنية التي تستند الى الفئوية وعدم قبول الآخر، علاوة على عدم اهتمام الطرفين بالمخاطر الناجمة عن قمع الحريات المتمثلة في اضعاف صمود أبناء شعبنا ومقاومته.
وجدد تأكيد الجبهة عزمها التصدي لقمع الحريات الديموقراطية بكل صرامة، على رغم تمسك الجبهة بالوحدة وبعدم الانجرار الى الاقتتال الداخلي.
وحول منع حركة حماس للجبهة من اقامة مهرجانها في ساحة الكتيبة، قال د. مهنا: طلبنا من الأخوة في حركة حماس أن يكون احتفالنا بذكرى انطلاقتنا بالذكرى الـ 42 بساحة الكتيبة لنؤكد بأن هذا الميدان زُين بالعلم الأبيض في ذكرى استشهاد الرئيس أبو عمار، وزين بالعلم الأخضر في احتفالات الأخوة في حركة حماس في انطلاقتهم السابقة، وتلا ذلك تزيينه بالعلم الأسود لحركة الجهاد الإسلامي في ذكرى استشهاد الشقاقي وحان الوقت لنزينه بالعلم الأحمر في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبهذا تكتمل ألوان العلم الفلسطيني ونؤكد توحد شعبنا حول هذا العلم وما يرمز إليه ولكن للأسف فإن الأخوة في حركة حماس لم يدركوا أولا يريدوا أن يدركوا هذا المغزى الوطني التوحيدي ومنعونا من إقامة مهرجاننا في الكتيبة وها نحن نقيم مهرجاننا الحاشد في ملعب فلسطين لما يرمز إليه هذا الاسم، مضيفاً ورغم الألم والمرارة فإننا نؤكد للأخوة في حماس ولجميع أبناء شعبنا بأننا سنبقى دعاة وحدة وتوحد.
وهتف د. مهنا ومن خلفه الحشود الجماهيرية مطالبين طرفي الانقسام بإنهاءه، وإعادة اللحمة لشعبنا لأجل قضيته ومشروع الوطني المهدد.
بدورها، قالت الطفلة ألماظة السموني، التي فقدت عائلتها في العدوان الصهيوني الأخير على شعبنا، في كلمة ذوي الشهداء، والمنازل المدمرة: جئت هنا اليوم لا للبكاء...ولا للنحيب على عائلتي عائلة السموني التي قضت غدراً بنيران وصواريخ الاحتلال كباقي آلاف الشهداء من شعبنا.. بل جئت للتعبير عن اعتزازي بهم وافتخاري بتضحياتهم والتزاماً بخطهم وحفظ أمانتهم...
وأضافت: إنني من هنا وبين هذه الجموع الغفيرة وعلى مشارف البيوت المهدمة وأنقاضها أؤكد أن نار الانقسام وآثاره السلبية الخطيرة على شعبنا هو أكبر وأعظم من النيران والصواريخ التي سقطت على عائلتي وقتلت الكثير منهم.
وطالبت حركتي فتح وحماس بالتوحد من أجل صون دماء الشهداء ومستقبل أفضل لشعبنا وأطفالنا ومن أجل محاكمة الاحتلال وقادته في المحاكم الدولية على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، مشيدة بالجبهة على دورها الوطني التوحيدي وأدعوها للاستمرار في جهودها من أجل إنهاء الانقسام وفي التمسك بحقوق شعبنا.
وفي كلمة ذوي الأسرى، قالت زوجة الرفيق مجدي الريماوي الذي يقبع في سجون الاحتلال وعلى صدره شرف اغتيال المجرم رحبعام زئيفي، الرفيقة فتحية الريماوي أنها وكل أهالي الأسرى يعلقون أمالاً على العطاء الفلسطيني في تحرير الأبطال البواسل في سجون الاحتلال، موجهة رسالة الى آسري الجندي الصهيوني جلعاد شاليت طالبتهم فيها بالتمسك بالمعايير التي وضعوها لصفقة التبادل لأن الأسرى وذويهم لا يملكون أي سيناريوهات منطقية للافراج عنهم سوى صفقات التبادل التي حققت إنجازات بارزة خلال تاريخ شعبنا، كما فعلت الجبهة الشعبية سابقاً.
وطالبت الريماوي باسم كل أهالي الأسرى طرفي الانقسام بانهاء انقسامهم، قائلة: عدونا واحد، وهدفنا واحد، فعلى ماذا تختلفون، متسائلة: هل السلطة تغري إلى هذا الحد؟ وكيف يمكن أن نفسر الصراع على سلطة سقفها الاحتلال.
من جانبه، تساءل العامل محمد الخالدي، الذي القى كلمة العمال مرتدياً زي العمل الذي تركه منذ سنوات طوال، بعد أن تحول هو وآلاف من أبناء شعبنا إلى صفوف الفقر والبطالة: إلى متى سنظل واقفين على طابور الـ UN لنستلم مساعدة هنا أو هناك ؟ وهل سنستمر في العمل بالأنفاق؟ من المسئول عن فقرنا.. عن جوعنا.. عن أبسط مقومات الحياة؟.
وأكد الخالدي أمام عدسات عشرات الكاميرات جئنا هنا لننقل لكم الصورة الحية عن أوضاع عمالنا في قطاعنا الصامد في وجه آلة البطش الصهيونية.. الصامد في وجه الحصار الظالم.. الصامد في وجه البطالة القاتلة، معلناً رفضه لسياسة التفرقة الفئوية الحزبية في توزيع مقدرات شعبنا، لتسقط كل سياسات الذل والركوع وسياسة الحصار الظالم وليسقط كل تجار الدم وساسة الكراسي.
وهذا تخلل المهرجان عدداً من الفقرات الفنية الشعبية، والشعرية، وعشرات البرقيات المهنئة للجبهة بانطلاقتها، علاوة على كلمات من قيادات الجبهة في الخارج، وعلى رأسهم زوجة الحكيم المؤسس جورج حبش، وزوجة وأبناء الأمين العام للجبهة الأسير أحمد سعدات.
هذا واختتم عريفا المهرجان، عضو اللجنة المركزية الفرعية للجبهة الرفيق هاني الثوابتة، والرفيقة شيرين أبو عون بتجديد عهد الجبهة للشهداء ولشعبنا ولفقراءه ومشرديه بالوفاء لتضحياتهم، والتمسك بالأهداف والمبادئ و الحقوق التي ناضلوا ويناضلون من أجلها.
التعليقات (0)