من أجل بقاء الرئيس في سدة الحكم، يعيش سوريون حياة اللجوء و الغربة في مخيمات تركية، الأتراك يوما ما كانوا سادة الشام، العداء القومي للأتراك كان مدخل الثورة العربية في بداية القرن 20، ظلم الأغاوات و الباشوات و الولاة العصمليين مع ضعف دولة المركز سبب في خروج العرب " بدافع القومية" من أجل التحرر ، خروج لم يكن لينجح لولا الدعم الإنجليزي، سميت بالثورة العربية الكبرى ، هل تحقق ما يريده القوميون العرب من ثورة 1916؟ كان الأمل في دولة عربية متحدة كبرى بزعامة هاشمية، لم تكن يد البناء ذاتية مئة في المئة، الدعم الغربي لم يكن لوجه الحسين و رايات الحسين " الشريف"، أزيح الأتراك لتدخل المنطقة العربية في حيز الإحتلال البريطاني و الفرنسي، من وراء التقسيم قسمت المنطقة العربية لدول عربية، لم تفلح الجامعة في لم الشمل، و ظلت الوحدة العربية شعار يحلم به كل قومي عربي.
دخل القرن العشرين و المنطقة العربية تحت مظلة الإستقواء التركي، حاول الإيرانيون من قبل بلواء الدولة الصفوية حيازة أرض العرب أو جزء منها خاصة العراق، التنافس العثماني الصفوي انتهى بسيطرة الأتراك، وجهة الصفوية كانت شرقا، بالتسبة للعرب انتهى عهد الغلبة بسقوط الدولة الأموية، الخلافة العباسية بنيت بسواعد الموالي و أنصار الشعوبية في ما بعد، و ما لبثت أن تحولت إلى غطاء ديني فقط يضم ممالك و دول قوية " الدولة البويهية، السلاجقة، المغول......." تتنافس في ما بينها، إما لحيازة المركز " بغداد" أو بعض الأقاليم المتطرفة ( على أطراف نفوذ الخلافة الإسلامية).
ما علاقة هذا السرد التاريخي بلجوء سوريين إلى تركيا اليوم، إن حديث العودة الأوردغانية بأمجاد عثمانية، هو خطاب قومي يحمل في طياته كثيرا من العبر، نحن في منطقة تتقاسمها ثلاث قوميات متغلبة مع قوميات أخرى أقل نفوذا و تأثيرا، التفوق التركي و الإيراني لامحالة سيكون على حساب الطرف الثالث، و هو ما يقع الآن، أوردغان في الصومال و وزير خارجيته بين بنغازي و طرابلس و دمشق يكسبان شعبية الجماهير بمواقف عنترية، مواقف نصفق لها ، داعمة للأشقاء المظلومين في الشام و الجوعى في الصومال و طلاب السيادة و الحرية في ليبيا، إيران كانت في ما قبل ذا شعبية أكبر لمواقفها ضد الغرب ، لها اليوم يد في لبنان و العراق و البحرين و اليمن و حتى افريقيا، لهم الحق في أن يتفوقوا و تكون لهم الغلبة و السيطرة في عالم يريد الغرب فقط أن يستأثر به، لقد اندثرت القطبية الأحادية، ها نحن اليوم نرى كيف تدخلت روسيا في جورجيا حليفة الناتو دون أن يتحدث الغرب، و كيف أغرقت افغانستان و العراق جيوش الأمريكان في أوحال ما بعدها أوحال، و كيف سرقت فرنسا الريادة من أمريكا في سماء ليبيا و نزعمت الناتو لإسقاط القذافي، العالم يتغير و الدول القومية تعيد كتابة التاريخ و رد الأمجاد "الإستعمارية" و لو برداء أجمل.
ما يحز في النفس هو أن ترى سوريين لاجئين و أرضهم أرض معطاء و خيرهم شامل و لا سبب في الهروب و التغرب غير رغبة حاكم في البقاء في السلطة ضد رغبة الشعب، و الأنكى أن و سط هذا العالم المتغير الزاحف نحو الرقي و النهضة، هذا الزعيم الخالد لا يرى في دولته غير مشروع لعائلته يدر المال و يلبي شهوة التغلب و السيادة، من أجل هذه النزوات ينكفأ الوطن و الدولة وتجمد كل أمال النهضة و النمو و السعي نحو بناء دولة العدل و القوة و الإشعاع، مثل هذه المطالب لا ترادف دولة الظلم و الفساد و الخيانة........
قد يكون هذا الكلام من باب النصرة لجنس العرب، ليس ضدا في الأتراك و لا الفرس، و لكن من حق هذه الشعوب المظلومة بحكم طواغيت العصر، أن تنعم كباقي الشعوب بدولة العدل و الرفاه و الحرية، فقط لم يتغرب هذا الشامي أو العراقي أو الصومالي و يلجأ إلى تركيا أو إيران أو كينيا، و هو ابن دول معتقة بإرث التاريخ و مطلية بخيرات الجغرافيا......؟
ماءالعينين بوية
التعليقات (0)