في رحيل د. غازي القصيبي
خليل الفزيع
لا لا تلُمْ إنّ الفؤادَ حَزينُ
والقلبُ أمسى تعتريهِ شُجونُ
يا مَنْ يلومُ بحبِّهِ أَفلا يَرى
أنَّ الجميعَ بحبِّهِ مَفْتونُ
قالوا: وودَّعَها الحياةَ فقلتُ: لم
يَرْحَلْ وفينا من هواهُ حُصونُ
كيفَ الرحيلُ لفارس بلغ الذرى
هو والعزيمة في الوفاءِ قرينُ
قالتْ نواميسُ الحياةِ بأنَّهُ
قـَدَرٌ قضَى وجميعُنا مَدْفونُ
اليوم أورقَ بامتدادِ حياتِنا
حُزْنٌ عظيمٌ حَدُّهُ مَسْـنونُ
وبكتْ عـيونً النثر فـي تأبينِهِ
وترمَّدَت بعدَ الرحيلِ عيونُ
ناحتْ قوافي الشعرِ في توديعِهِ
والشعرُ بعدَ رحيلِِـهِ مَحْزونُ
يا مَنْ رَسَمْتَ على مَلامِحِ يأسِنا
أمَلاً بأنَّ طموحَنا مَأمُونُ
فجّرَتَ في صَهْدَ النفوس تفاؤلا
إن الظلامَ إلى الزوال رَهينُ
حاربتَ في ثقةٍ تخلـُّفَ من يَرى
أنَّ التقــدمَ في الحياةِ سُكونُ
جاوزتَ طيشَ الغارقين بوهْمِهمْ
واجتزتَ صَعْباً تعتريه حُزونُ
وعلى يديكَ تحطمَتْ أحلامُ من
هـو للفسـادِ مُناصِرٌ ومُعينُ
وجَمَعْتَ إبْداعَ السلوكِ يُحيطُهُ
إبداعُ حَرْفِكَ.. بالهوَى مَقرُونُ
لغة من السحر الحَلال توهَّجَتْ
ألوانُها.. هي للجمال غصونُ
قبـسٌ يبددُ عتمة العقلِ الذي
مَرَّتْ عليهِ في الظلامِ قـرونُ
نفـَرٌ غدا يَجثو على أعْـناقِـهم
نَيْرُ الجَهَالـةِ ثابتٌ ومَكينُ
هذا هو الجهلُ الذي جابهتَهُ
مــازالَ يَنمـو شرُّهُ المَجْنونُ
سيفُ المواطنِ إنْ يجورَ زمانُهُ
والدَّهْرُ دوما بالوفاءِ ضَنينُ
ها أنتَ باقٍ في القلوبِ تشدُّها
تهفـو لحُـبِّكَ دائما وتصُونُ
لتظلَّ في عُمْقِ المآقي نورَها
وهواكَ في وسطِ القلوبِ مَصُونُ
نجمٌ تألـَّقَ في سماءِ وجودِنا
حينَ انبرى للتائهين يُعينُ
جَنحَتْ خيولٌ للخلافِ فساسَها
حتى استقرتْ واستقامَ حَـرونُ
في كل حَقل أنتَ سرتَ بظلِهِ
حَـفَّتْ بكَ الآمالُ والتمكينُ
لا يفقـدُ الناسُ المفارِقَ إنْ لهُ
في كلِّ قلْبٍ صاحِبٌ وخدينُ
التعليقات (0)