مواضيع اليوم

في ذکرى أقذر إنقلاب عراقي

نزار جاف

2011-02-08 12:25:27

0

مشهد فظيع و بالغ الوحشية سنح لعدد کبير من العراقيين الذين کانوا يتابعون مجريات إنقلاب ٨ شباط عام ١٩٦٣، الذي دبره حزب البعث بالتعاون و التکاتف مع المشير عبدالسلام عارف(الذي أدار ظهره فيما بعد للبعثيين و أقصاهم عن الحکم)، عندما رفع عريف في الجيش العراقي رأس الزعيم الرکن عبدالکريم قاسم بعد أن أعدم و سقط عن کرسيه لکي يراه المشاهدون عن کثب!
هذا المشهد اللاانساني بکل تفاصيله، والذي سعى العديد من الکتاب و الساسة و العسکريين العراقيين لتبريره او شرح تفاصيله و خفاياه و الاسرار الخاصة المتعلقة به، شاء البعث العراقي أم أبى، فقد أصبح جزئا من تراثه"النضالي"، و خصلة"عتيدة"من خصاله الثورية جدا جدا والتي لايزال هناك من يتحسر بحرقة على إفتقادها، وعلى الرغم من أننا لانميل للانبراء دفاعا عن اول رئيس عراقي صعد الى دست الحکم عن طريق العسکر، لکن الحقيقة و الواقع يدفعنا للإقرار بأنه کان من أکثر الرٶساء العراقيين شعبية و محبوبية بين اوساط الشعب العراقي على وجه الاطلاق، بل وان الفلاحين العراقيين البسطاء في احدى المحافظات الجنوبية و بعد ان شعروا بأن هناك ظلما قد لحق بهم من جراء ممارسات حکم الاخوين عارف، فقد تظاهروا بشکل عفوي و صميمي وهم يرددون من أعماقهم(وينك يا کريم دلينە)، وحتى انه کان هنالك ولحد اواسط سبعينيات الالفية الماضية بعض من العراقيين البسطاء الذين کانوا لايزالوا يٶمنوا بأن الزعيم لم يمت وانه سيعود يوما ما من أجلهم و ينتشلهم من اوضاعهم البائسة!
إنقلاب الثامن من شباط، بشهادة معظم العراقيين، کان واحدا من اسوأ و أفظع و أکثر الانقلابات العسکرية العراقية دموية و عنفا و قسوة و همجية و قذارة، وحتى ان المشير عبدالسلام عارف عندما إنقلب على حلفائه البعثيين و ادار لهم ظهر المجن، بدأ يصفي الميليشيا العسکرية للحزب والتي کانت تسمى حينها بالحرس القومي والتي أبليت بلائا حسنا في إرتکاب أفظع الجرائم و اخسها و أکثرها وحشية و حتى انها لم تتردد أبدا في تدنيس شرف العراقيات من أجل القيم النضالية للبعث، هذا الحرس القومي الذي کان الانقلابيون يعولون عليه کثيرا في بداية أيام شهر عسل إنقلابهم الوسخ مع عبدالسلام عارف، لن ينسى العراقيون ماکان يردد في العديد من المظاهرات"المفتعلة"و"المعلبة" من شعارات تمجد هذا الحرس القومي من قبيل:( وحدة حرية والاشتراکية بيها حرس قومي ضد الشيوعية)، ولندع جانبا کم قتلوا و صفوا و أبادوا الکثير من السياسيين و المثقفين و الاحرار العراقيين بدعوى الانتماء للحزب الشيوعي، هٶلاء الشيوعيون الذين کانوا يشتهرون بعدائهم العميق لحزب البعث والذين کانوا هم أيضا قد رددوا شعارا ساخرا جدا ضد ليس البعثيين وانما التيار العروبي برمته مازالت الذاکرة العراقية تتذکره وهو:( وحدة مايغلبها غلاب عربانة مليانة جلاب"کلاب")، هکذا شعارات و هکذا منطق و منهاج وحشي و دموي کانت مرادفة مع وصول البعثيين الى الحکم في الثامن من شباط والغريب ان عبدالسلام وبعد ان قام بتصفية الحرس القومي"الذي ينقل الکثير من العراقيين نوادر عن الطرق(النضالية جدا)التي أتبعها أفراده في أخفاء أنفسهم عن أعين مناوئيهم"، إنتهى هو أيضا بحادث طائرة مروحية في منطقة الجفير قرب البصرة و أطلق العراقيون"خصوصا أهالي الجنوب" مقولة تتندر و تتهکم به وهي: صعد لحم نزل فحم!
إنقلاب الثامن من شباط الذي يمر هذا العام الذکرى السوداء الثامنة و الاربعين على حدوثه، هو بحق وصمة عار سوداء في جبين البعث العراقي و حري به أن يبادر الى طلب الإعتذار و الصفح من الشعب العراقي عن کل تلك الجرائم التي إرتکبها خلالها من أجل فرض سطوته و سيطرته على الاوضاع بطرق غير شرعية و اخلاقية، وان إقرار البعثيين بجرائمهم في الثامن من شباط الاسود و الوسخ قد تکون بداية مشجعة و مفيدة لمشيهم في الطريق الصحيح الذي من الممکن أن يمنحهم شيئا من الشرعية و الاهلية، لکن السٶال الاهم: هل يبادرون الى ذلك؟
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات