مواضيع اليوم

في ذكرى يوم مولده !

فيصل عبدالحسن

2012-02-11 17:15:16

0

      من البشر القلائل الذين تركوا أثرا هائلا على حياة الناس، لألاف السنوات بل وإلى اليوم الذي تقوم فيه الساعة، أنبياء ورسل وشهداء وعلماء وأصحاب رؤى ومخترعات، وأول هؤلاء البشر أبونا آدم عليه السلام، الذي بسبب معصيته لأمر الله تعالى أخرج مع امنا حواء من الجنة عليهما السلام، ليسكنا الأرض ويستعمراها إلى حين، ليخضع فيما بعد أبناؤهما وأحفادهما جيلا بعد جيل لأمتحان العيش على هذه الأرض، والذهاب بعد ذلك إلى رحمة الله فإما إلى جنة أو نار، ومن أكثر البشر تأثيرا على مصير البشرية، وهدايتها نحو الصلاح، وسلوك الطريق الصواب لحياة كريمة ترعاها شريعة إلهيةعادلة وقوانين صالحة مادامت هناك حياة وناس يحيون، وكما اشارت إلى هذا أشهر الدراسات العلمية الأجنبية قبل غيرها، هو نبينا المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي ولد في 12 ربيع الأول من عام الفيل، المصادف هذا العام يوم الأحد 12 ربيع الأول 1433 هجرية الخامس من شباط .

     وعام الفيل الذي ولد فيه رسولنا الكريم هو عام زحف إبرهة وجيشه وفيله العظيم، لإزالة الكعبة المطهرة، وتوجيه حجيجها وجهة أخرى تقع في الحبشة، والفيل في القصة أطاع الله، وأبى أن يهدم الكعبة، وكان كلما يوجهه أعوان إبرهة إليها أستدار موليا عنها، وفي ذلك العام الخطير، الذي هدد فيه آخر أثر باق لديانة التوحيد على ظهر الأرض، مما إقامه جدنا إبراهيم لعبادة الله تعالى في الجزيرة العربية، والذي ذكرنا بقصة بنائه الله تعالى وهوعز من قائل في محكم كتابه الكريم، فقد قال  تعالى عن الكعبة المشرفة:

" وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" الآيات 127-129 وأيضا من سورة البقرة، قوله تعالى:   " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " الآية 37 من سورة إبراهيم.

فقد حان الوقت الموعود لظهور رسول كريم من نسل إسماعيل يهدي الأمة، ويجعل من أبنائها أمة مؤمنة، قوية تقيم شرع الله في الأرض، وتحمي ديانة التوحيد، وتحيي مناسك وذكر دين إبراهيم وإسماعيل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.

    أن ما تركه الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لدى المسلمين امانة كبيرةحفظوها جيلا بعد جيل، وأوصلوها أيضا إلى أمم لم يصلها نور الله وهدايته، فإذا بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ولد فردا صار أمة تلهج بالتوحيد ومكارم الأخلاق، واليوم تعلو شهادة " لا إله إلا الله ..  وأن محمدا رسول الله " وهي شهادة الموحدين في ديار أكثر من مليار ونصف من المسلمين، في العالم، فالأسلام بفضل من الله تعالى، هو الديانة الثانية في فرنسا وهولندا والثانية في ألمانيا وإسبانيا والثانية في روسيا والأولى في بعض الجمهوريات الإسلامية التي كانت ضمن الأتحاد السوفيتي سابقا، والثانية في الصين،  ففي الصين الشيوعية سابقا أكثر من 60 مليون مسلم حفظوا دينهم وصلوا وصاموا في أوج عنفوان ثورة ماوتسي تونغ الثقافية، التي أستولت على دور العبادة ومنعت الناس من الصلاة والصيام، والقيام بما يفرضه عليها دينها الحنيف، ولكن شاء الله تعالى أن يبقى دينه في تلك الدول، فذهب من ذهب وبقي ما ينفع الناس.

    وفي يوم مولده ليس لنا إلا نتذكر الفضل الإلهي الذي أسبغه الخالق علينا كعرب أن جعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم منا، وأنزل الرسالة المحمدية بلغتنا، وقد كنا أشتاتا متفرقة متوحشة يقتل قوينا ضعيفنا، ويستولي على ماله ومتاعه وعرضه، ويبيع أولاده وبناته في سوق النخاسين، وكناجماعات متفرقة تضيع في أقيانوس صحراوي لا حد لقسوته، وفقره، فوحدنا بدين الإسلام وملكنا ملك فارس وروما وأقعدنا مقاعد الملوك والأكاسرة وكرمنا بالعلم والمعرفة، والسيادة والثروات الطائلة، فمن لا يعترف بما وصلت إليه أمتنا في عهدها القديم والحديث من أنتصارات ورقي وتحضر وأنتشار بين شعوب الأرض بفضل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ورسالته السماوية، فهو لم يعلم ولم يطلع، وإلا فلينظر إلى الشعوب الأخرى التي لم تزل في دياجير الشرك والظلام والجاهلية والعبودية التي تعبد غير خالقها، وتفعل كما يفعل الأطفال فمرة يعبدون شجرة أو دمية لونوها وزينوها، أو حجرا نحتوه بايديهم، وطعامهم دودا وحشرات وجيفا مما خلفته الأسود والضواري.

   ومهما نرى هنا وهناك من مظاهر التشرذم أو التخلف في أمتنا الإسلامية، فهو تشرذم مؤقت، وتخلف أني وهو أهون بكثير مما لو بقينا نعبد الأوثان، يغلبنا الأعداء ويجعلوننا متاعا لهذا الغازي او ذاك المحتل، فاليوم بالإسلام حتى البلدان المسلمة المغلوبة على أمرها من محتل او غاصب ستجد فرصتها للنهوض ثانية، والتغلب على محتلها وظالميها، بالإسلام، لا بغيره، فقد خلف الرسول الإكرم محمد صلى الله عليه وسلم رسالة إلهية أبية باقية في صدور المسلمين تؤجج في المسلمين نيران التمرد على أوضاعهم السيئة وترنو دائما إلى ماهو أسمى وأفضل، والصلاة والسلام على رسولنا محمد وآله وأصحابه الطيبين الأطهارفي ذكرى يوم مولده الكريم.

        كاتب وصحافي عراقي يقيم في المغرب

          faisal53hasan@yahoo.com

  نشر المقال في جريدة المنارة العراقية - وصلة المقال المنشور أدناه :


      http://www.almannarah.com/NewsDetails.aspx?NewsID=31428&CatID=19

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !