في ذكرى خالد الفكر د. فرج فودة
الخالد الفكر والذكر د. فرج فودة: من اغتالوك يحكموننا الآن يا سيدي، ونعيش الأيام السوداء التي حاولت تحذيرنا منها!!. . وأنا أحمل جثمان د. فرج فودة على كتفي خارجاً من جامع عمر مكرم، كنت أصرخ متمنياً لو كنت مكانه، فمصر والإنسانية كانت بحاجة إليه، وليس إلى نكرة مثلي. . هذا ما سيطر على لحظتها، وأعترف أيضاً أنني وأنا أحمل جثمانه وأبكي بضراوة، كنت أستشعر في داخلي الحسد له، لأنه رجل وأنا لا شيء. . لأنه إنسان بمعنى الكلمة، وأنا لم يظهر مني ما يؤكد استحقاقي للقب إنسان، كان عظيماً بما لا يقاس، وأنا قزم ضمن ملايين الأقزام، و كنت أصرخ قائلاً "ياريتني بدالك يا أخويا"، وانتهرني أحدهم قائلاً "حرام تقول كده"!!. . نحن لم نقتل د. فرج فودة فقط، بل أيضاً تحولت محاكمة قتلته إلى محاكمة لفكر الأنوار الذي بذل فرج فودة دمه عن طيب خاطر من أجله، ثم بعد ثورة يناير المجيدة أطلقنا قتلته ليساهموا في تأسيس ديموقراطية ونهضة الإرهابيين. . في تسعينات القرن الماضي كان الإرهاب يهدد الشارع والإنسان المصري، أما الآن فقد استقر رموزه على كراسي الحكم. . إننا حقاً شعب محترم ويستحق الحياة!!. . كان د. فرج فودة مقتنعاً بأنه قد أدى رسالته التنويرية على أكمل وجه، وأن استكمال رحلة التنوير مسئولية الشعب المصري كله، وكان مهيئاً نفسياً لاستقبال قتلته بشجاعة نادرة. . هذا ما قاله لي نصاً وبكل وضوح، وهذا ما تأكدت من صدقه بمشاعري وأنا أحتضنه مودعاً كأنني أعانق شهيداً، وبعدها بحوالي العام حدث بالفعل ما كان ينتظره!!. . في زيارتي لمنزله أخرج لي غلاف مجلة قومية يقول مانشيته الرئيسي: "الشيخ الشعراوي والأنبا شنودة معاً ضد العلمانية". . كانت كلمات الرجل وتعبيرات وجهه تقطر مرارة وإحباطاً. . لا أذكر بالتحديد ردي عليه، ولكني بصورة عامة عبرت له عن عدم إندهاشي وأسفي معاً على موقف بطريرك الإسكندرية صاحب العظمة والقداسة!!
التعليقات (0)