حلت الذكرى السابعة للأحتلال الأمريكي الصليبي للعراق " كما وصفه قائد اليمين المتطرف بوش الأبن مرتين " في نفس توقيت بث موقع " wikileaks " لشريط الفيديو اللذي يبين أستخفاف جنود الأحتلال الأمريكي بأرواح المدنيين العراقيين . ولقد لعب القدر لعبته هنا ليرينا كيف أن الأحتلال الأمريكي هو جريمة بكل المقاييس . لافرق بينه وبين الأحتلال النازي لأوربا أو الصهيوني لفلسطين او العراقي "الصدامي " للكويت .
ففي أي أحتلال ومهما كانت دوافعه لابد للجندي من أن يحمي نفسه كما يطلب منه قادته . وتقليل الخسائر بين صفوف جنودها هو الهدف الأهم للجيوش الغازية . لأن الخسائر الكبيرة تجبر الحكومات على التخلي عن الأهداف الأستراتيجية اللتي من أجلها شنت الحرب ، وقد تطيح بمن أشعلها عن سدة القيادة كما حصل مع هتلر وصدام وحكومة اليمين المتطرف الأمريكية .
لذلك لابد لقواعد الأشتباك اللتي تضعها الجيوش الغازية من أن تسمح لجنودها بالأخذ بالظنة ، والقتل الجماعي ، وتعذيب الناس ، وأرتكاب المجازر تلو المجازر ، كما حصل في آلاف الحوادث ، مثل حادثة النسور وحادثة حفلة عرس حديثة ، وهذه الحادثة الجديدة اللتي كشفها احد الشرفاء الأميركان من اللذين رفضوا الدفاع عن جرائم بلاده ضد الأنسانية تماما كما كنا نرفض الفظائع اللتي حدثت أثناء غزو العراق للكويت .
نشرت الجارديان اليوم مقالا للكاتبة العراقية هيفاء زنكنة بعنوان "الغضب يتكلس في قلبي وانا اشاهد الشريط" ، تقول فيه .
الحي الذي وقعت فيه المجزرة بانه "حي مزدحم بابناء الطبقة العاملة العراقية، حيث يلعب الاطفال بامان خارج بيوتهم . وهناك تسكن عمتاي، وهناك كنت العب وانا طفلة صغيرة."
وتقول زنكنة: "مصور رويترز الذي نراه يقتل بكل سهولة في هذا الشريط لم يتعدى عمره 22 عاما، كان اعزبا ولا بد انه كان طموحا وفخورا بالعمل مع رويترز . أما سائقه سعيد شماغ، فكان عمره 40 عاما، وترك وراءه ارملة و اربعة اطفال لينضموا الى ملايين الارامل واليتامى العراقيين."
وتدين الكاتبة كون شهود عيان نقلوا ما رأوه من موقع الحادث في 2007، "لكن احدا لم يستمع حتى ظهر هذا الشريط ." وتكرر مقتطفات من الحوار الذي دار بين طاقم المروحية الامريكية والقوات الامريكية على الارض قائلة انها "تجرد العراقيين من بشريتهم وتجعل قتلهم سهلا."
وتذكر زنكنة بواقعة حديثة ببغداد التي قورنت بمجزرة ماي لي في فيتنام والشاكي قرب بحيرة الثرثار في محافظة صلاح الدين حيث قتل 11 مدنيا في يونيو حزيران 2006 والفلوجة واغتصاب ومقتل عبير الجنابي واسرتها، وتقول: "عادة ما نسمع عن صدمة الجنود الامريكيين وحزنهم لفقدان زميل لهم ووعيدهم بالانتقام، لكننا لا نسمع من اشخاص مثل الارملة العراقية التي قالت لي الصيف الماضي: لكننا لم نغزو بلدهم !".
لابد وأن تكون ادارة "هولاكو العصر" بوش الأبن قد علمت بهذا الشريط كما علمت بما كان يحدث في أبو غريب وغيرها من سجون الأحتلال وكما بينت التحقيقات الأمريكية ذاتها . ألا أنها بالتأكيد لم تتخذ أي أجراء بحق المجرمين اللذين شاهدناهم بهذا الشريط وهم يقتلون أبنائنا بدم بارد . كما لم تتخذ ألا أجرائات مضحكة ، محزنة من قبل بحق فردين أو ثلاث من عشرات الجنود الساديين اللذين كانوا يعذبون الناس في ابو غريب . وهذا ديدن جيوش الأحتلال في جميع الأوقات .
لننظر جيدا الى هذين الحادثتين القضائيتين . ففي حين اصدرت محكمة عسكرية اميركية حكما بالسجن ستة اشهر بحق جندي مارس القسوة بحق زميله وفرضت عليه دفع غرامة قيمتها ستة الاف دولار وقررت خفض رتبته في 19 اب / أغسطس الماضي . أثار قرار قاض اميركي تبرئة خمسة من حراس شركة بلاك ووتر الامنية الذين قتلوا 17 عراقيا في ساحة النسور غرب بغداد عام 2007، استياءاً شعبيا وسياسياً في العراق، لاسيما اسر الضحايا الذين قتلهم الحراس الامنيون بدم بارد في ساحة النسور .
هكذا تتصرف جيوش الأحتلال . وهي لابد أن تتصرف كذلك .
بعد سبعة عجاف يصبح الدفاع عن الأحتلال جريمة ضد الأنسانية ، ودعوة لقتل العراقيين بدم بارد . وهذه خسة ودناءة ما بعدها دناءة . كما أن الدفاع عن أي أحتلال آخر هو خسة ودناءة ، بضمنها أحتلال الأنظمة العربية لأرادات شعوبها .
علينا اليوم أن نعي الدرس جيدا وأن نسرع الخطى ببناء الجيش العراقي على أسس مهنية أعتمادا على أنفسنا وبعيدا عن أنتظار المحتل ومساعداته ، وأن نخلق توازنا عبر التعامل مع دول منافسة مثل الصين الصاعدة تقنيا بسرعة الصاروخ في بناء جيش عراقي حديث ومقتدر . فلقد أثبتت السبع سنوات الماضية أن المحتل اللذي يستطيع من جعل الجيش العراقي اقوى جيوش المنطقة في سنتين أو ثلاث لو أراد ، هو اللذي يتلكأ بل ويمنع بناء هذا الجيش حتى أصبح وكانه قوات شرطة غير قادر على حماية حدود ومدن العراق . وكل ذلك لضمان بقائه على ارضنا . مما سيكلفنا مزيدا من الدماء الزكية .
رابط فيلم المجزرة الجديد على موقع wikwleaks
رابط مقالة الصحفية وفاء زنكنة في الجارديان
www.guardian.co.uk/theguardian/2010/apr/10/wikileaks-collateral-murder-iraq-video
www.bbc.co.uk/arabic/inthepress/2010/04/100410_press_sunday_11_april_tc2.shtml
التعليقات (0)