تحقيق: شيركو شاهين
sher_argh@yahoo.com
رغم تقادم العصور وتوالي الايام، لم تزل ذكريات التاريخ تنقش في اذهاننا ذكرى موقعة الطف في كربلاء لتجدد عمق القيم التي اقيمت عليها تلك الثورة، حيث كانت اساس داعمها لتجدد عمق القيم التي اقيمت عليها تلك الثورة، حيث كانت اساس داعمها فكريا عقائديا قبل ان يكون سياسيا، ولم تزل تلك القيم ماثلة للعيان عبر معانيها التي ارتكزت عليها في كل زمان ومكان ومع ما حملته من صفات العمق والعدل من خلال مثلها الرائعة في التضحية والايثار لمصلحة الجماعة، فما مثلته هذه الواقعة من معان سامية لم تمثله واقعة قبلها او بعدها. اول ما نستذكره في هذا اليوم، ما عمد اليه النظام السابق والذي كان امتدادا لكل انظمة الظلم في عالمنا، من منع لابسط الطقوس الدينية لهذا اليوم المبارك وتعريض كل من يجتهد في احيائها علنا الى المحاسبة الشديدة، والاسباب لكل هذا وذلك تأتي بعدها واضحة ومعروفة، في مقدمتها الخوف من عظمة شخص الامام من ما حملته من صفات الصبر والحكمة والانصاف والتي هي النقيض تماما مع ما حمله الطاغية ايام حكمه وتسلطه، الى جانب ما لهذه الشخصية الفذة من امكانية زلزلة عروش كل الذين حكموا دون شرعية حقيقة منذ القدم. بمناسبة اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) التقينا بالشيخ (فرهاد امين) –ماجستير علوم اسلامية- امام احد المساجد وسألناه عما تعنيه ذكرى اربعينية الامام الحسين (ع) وسط كم التحديات التي تواجه بلادنا، فعبر عن مشاعره قائلاً:- ابدأ كلامي بقول خير اهل الارض الرسول محمد (ص): (( حسين مني وانا من حسين، احب الله من احب حسينا، احب الله من احب حسيناً)) فشخص الامام (ع) امتداد طبيعي لذكرى الرسول الشريف وان اصداء واقعة عاشوراء تعدت محتواها الطبيعي ولنتشرت في العالم واخذ يعرفها (القاصي والداني) فنحن هنا امام خير اساتذة الثورات على الظلم والبغي. واليوم اذ نستذكر هذه الذكرى العطرة ونحن بامس الاحتياج الى الايمان والتسليم بقيمها وسط ريح التفرقة التي تعصف بالبلاد، نحث المؤمنين على ان تتشابك النفوس قبل الايدي والاصابع لنكون سدا منيعاً بوجه كل من يعمد على بث واستشراء روح الطائفية على حساب الوطنية، فكلنا عراقيون، وعلى السياسيين اولا الترفع عن المصالح الجانبية والخاصة، وان يتعلموا من مدرسة الحسين (ع) القيادة الصاالحة ونكران الذات فالحسين قدوة للجميع وليس للبسطاء فقط. اما السيد (عبد السحين الموسوي) امام احدى الحسينيات فعبر عن رأيه قائلاً: (ان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، وقال الرسول (ص) عنه:- (ايها الناس هذا الحسين بن علي امير المؤمنين، فاعرفوه فو الذي نفسي بيده انه ومحبيه في الجنة). فثورة الحسن ثورة الحق على الطغيان وانتصار للانسان ودمه على سلاح الكفر، فما قدمه الحسين الى جانب نفسه الغالية في سبيل العقيدة هي روح الاقتداء بالعظام من امثاله في الوقوف بوجه التحديات التي تمر علينا في كل زمان ولنا كغيري في ذكرى الامام الحسين (ع) مثال يتجدد كل عام ولكن هدف التوحد هو خير ما تمثله هذه الذكرى لهذا العام، فما مرورنا به من تفجير لمرقدي الامامين (الهادي والعسكري) عليهما السلام والذي جاء لزرع بذور الفتنة الطائفية بين اركان مجتمعنا والعمل على تشجيع الاقتتال من قبل ثلة من الخوارج عن العراقيين الذين عرفوا دوما بالاخوة والتسامح وان كل الاعمال الاجرامية التي حدثت من قبل بعض المحسوبين على الطائفية او تلك ما هي بين المذاهب عن آخر او طائفة على اخرى، والسنة هم ان شاء الله ليسوا اخواننا فحسب بل هم كما قالت المرجعية فيهم (هم انفسنا) فكيف بعدها نعادي بعضنا بعضا. وان شاء الله ما هذه الا غمة وستزول ويبقى العراقيون بعدها اقوى واشد ولنكون بعدها كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. آراء المواطنين. واستكمالا لما ابداه السادة علماء الدين الافاضل نلقي الضوء على بعض مشاعر العراقيين وامانيهم مع مرور هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا وقلوب المؤمنين في العالم اجمع. المواطن (عباس اللامي)- موظف- عبر عن مشاعره بالقول: رغم ماكنا نعانيه في زمن الطاغية من منع لاقامة المناسبات الدينية في هذا اليوم، الا ان ذكرى سيدنا ابي عبد الله الحسين ما فتئت تكحل عيوننا، وحب الامام وصحبه في افئدة المسلمين جميعاً ورغم مساعي النظام البائد في دق اسفين الفرقة والتناحر بين طوائف البلد والعزف على وتر التعصب والطائفية ولما كان لهذه المساعي من غايات في تفتيت وحدة الوطن وتحويله الى كتل متفرقة يسهل ان يحكمها ويضرب بعدها من يشاء الا ان الشعب العراقي يعبر عبر مناسباته الدينية والقومية دوما عن روح التوادد التي تغلغلت في قيمه وعاداته. اما السيدة ( ام كاميران) فتقول ان الامام الحسين كان دوما مشكاة ينير الظلمة في الكون واهتدى بهديه كل من تبصر واستذكرها قول الثوري الهندي الكبير (غاندي): (تعلمت من الحسين ان اكون مظلوما وانتصر) وهذا دليل على ما للحسين من غلاوة في قلوب الانسانية جماعة وليس في قلوب فئة معينة او طائفية واتمنى بعدها ان تذكر وسائل الاعلام على نقاط الوحدة. اما السيد (عبد الجبار السامرائي) وهو تاجر من اهالي سامراء فيقول: استذكر دائما زيارتنا لمراقد اهل البيت بصحبة اهلي حين كنت صغيراً واصدقائي حين شببت وزوجتي واطفالي ونحن في سامراء تشرفنا باحتضان مرقدي احفاد الحسين (ع) وهما الهادي والعسكري (ع) وبرغم الحادث الجبان الذي ضربت به ايدٍ ملوثة سامراء الا ان تتناسى فيه الاحقاد، وسوف يرى العالم اجمع ان في اعادة اعمار الضريح لن نميز بين هذه الطائفة او تلك سوف تشترك فيه جميع السواعد وتعمل على اعادته الى ما كان عليه واحسن لنفقأ به عيون الظالمين. اما الدكتور (مصعب عامر) فيقول: ان معاني استشهاد الامام الحسين (ع) تدفعنا دوما الى عمل الخير وحب العدل والانصاف والرحمة وكل الصفات الطيبة الجميلة والتي يجب ترجمتها الى واقع ملموس، وانا متأكد ان العراقيين قدموا اكثر من دليل على الايمان بتلك المبادئ، ففي احداث الفلوجة وما قبلها رأى للجميع كيف تسارع العراقيون للتبرع بالدم وارسال المساعدات الطبية والغذائية من كل محافظات العراق من كوردستان الى البصرة وغيرها الكثير، وذات الشيء حين قامت قبل ثلاثة اعوام فجيعة تفجيرات مدينتي كربلاء والكاظمية المقدستين وكيف ان اهالي الفلوجة والرمادي لم يبخلوا بما قدموه من مساعدات رغم صعوبة وضعهم في حينه، والحقيقة فان هذا بالضبط ما نحتاجه ونريد التركيز عليه فالعراق موحد بالتاريخ والهم والمصير.
نشر بتاريخ ((01/07/2007))
التعليقات (0)