مواضيع اليوم

في ذكرى أنتفاضة ذبحت

كلكامش العراقي

2011-03-07 19:50:47

0

 في مثل هذه الأيام من عام 1991...يوم لم يكن أكثر العرب قد عرف عن الثورات إلا ثورات الضباط الأحرار(المدمنين على أستعباد شعوبهم)..في تلك الأيام كانت لنا أنتفاضة بل ثورة هزت عرش أسوء وأطغى دكتاتورية شهدتها المنطقة بأسرها..
يومها لم يكن هنالك فيس بوك يتواصل الثورا من خلاله..ولايوتيوب توثق من خلاله جرائم النظام ووحشيته..حتى كاميرات الفيديو كانت قليلة ولم تكن متاحة للجميع..
رغم ذلك ثار العراق...
ثار من شماله حتى جنوبه وسقطت بأيدي الثوار معظم محافظات العراق..ثار الشعب ومعه الجيش..الجيش العراقي الذي جرحت كرامته بعد أن زج به الدكتاتور في مواجهة خاسرة مع تحالف دولي مكون من 30 دولة تفوقت عليه بالعدة والعدد على أرض هي ليست بأرضه ودفاعا عن عنجهية فارغة لم تجر على العراق إلا الويلات والمصائب..يومها أطلق الجنود المنسحبون من الكويت شرارة الثورة بفتحهم النار بأتجاه أحد تماثيل الطاغية لتتفجر أنتفاضة كادت تكون "أما للأنتفاضات العربية"بحسب وصف أحد الزملاء على الفيس بوك..
يومها لم تخرج المظاهرات المؤيدة للعراقيين من المحيط الى الخليج..ولم نسمع من الجامعة العربية تأييدا للأنتفاضة أو أستنكارا لما يمارسه النظام ضد الشعب..
يومها لم يفتي الأزهر للحرس الجمهوري بتحريم أطاعة الدكتاتور وتقتيل أبناء الشعب..
يومها تدخل من يطالبون اليوم بفرض حظر جوي على ليبيا تدخلوا وتوسلوا ودفعوا المليارات من أجل أن تغض الولايات المتحدة النظر عن نظام صدام كي يستطيع أستخدام الطائرات وصواريخ الأرض-أرض في دك المدن الآمنة..
يومها لم يفت القرضاوي لعبد حمود وغيره من مرافقي صدام بضرورة أراحة الناس منه برصاصة في الرأس..
يومها كانت قلوب العرب وحناجرهم (وحتى بعثاتهم الدبلوماسية في نيويورك) تدعو لصدام بالنصر وعلى العراقيين بالإبادة..
رغم ذلك ثرنا..
ثرنا ولولا عهر الأنظمة العربية التي دعمت صدام والتغاظي الدولي لكنا تخلصنا منه منذ ذلك الوقت..
كانت ثورتنا برأي العرب مؤامرة أجنبية لضرب الوحدة العربية..كنا عملاء وخونة وخدم للمصالح الأجنبية..رغم أننا كنا ثائرين ضد سبب وجود قوات هذه الدول في المنطقة..
صدقوا(ولازالوا) أعلام النظام وبياناته..أو بالأحرى صدقوا ما أرادوا هم تصديقه وتركنا الجميع لنواجه جلاوزة الدكتاتور وحدنا ليس معنا من سلاح سوى البنادق الخفيفة في مواجهة آلة حرب كاملة..
لقد صدم العرب اليوم بما يجري في ليبيا وخاصة حول أعداد ضحايا المجازر..صدموا حين سمعوا أن حصيلة ضحايا الثورة قد تجاوزت الخمسة الآف بعد مضي أسبوعين تقريبا على بدئها ولم يصدمهم أن البعث قتل في يوم واحد أضعاف هذا العدد وتشهد على ذلك المقابر الجماعية التي ملأت البلاد..
لقد كسر العراقيون حاجز الخوف منذ 20 سنة مضت وتحدوا جلادهم وكادوا أن يدخلوا التاريخ لولا الفشل الذريع لقيادات المعارضة في الخارج بنقل صورة واقعية عما كان يجري في داخل العراق مما جعل صدام ونظامه يستغلون الخوف الخليجي من البعبع الأيراني أولا ومن وجود نظام ديمقراطي على حدودهم ثانيا وهو ما سهل له فيما بعد قمع الأنتفاضة بوحشية وثقتها مئات المقابر الجماعية التي دفن الكثير من ضحاياها وهم لازالوا يحتفظون بأوراقهم الثبوتية وبعض مقتنياتهم الشخصية مما يؤكد أن أعدام هؤلاء الشهداء جرى مباشرة بعد أقتيادهم من منازلهم أو مناطقهم من دون أن يتم أستجوابهم حتى..
ولكن رغم هذا البرهان الدامغ لم يشأ أخواننا العرب أن يصدقونا وآثروا أن يصدقوا الجلاد حتى بعدما تكشفت لهم الحقيقة..بل نقموا علينا عندما حاكمناه (بقانوننا وليس بقانونه) وعاقبناه على جرائمه وجعلوه ضحية وشهيدا وصرنا نحن الظلمة والجلادين..
نعم لم تسقط أنتفاضتنا النظام لأن المعركة لم تكن عادلة..
ولأن خصمنا كان جبانا ولكنه قاسٍ ووحشي..
ولأننا حينما تهيئنا لملاقاته بالأسلحة الخفيفة صب على الأحياء الآمنة حمم مدفعيته وصواريخه التي لم يسلم منها شئ..
نعم لم نسقط النظام لكن كان لنا شرف المحاولة الأولى..
نعم لم نسقط صدام..لأنه بكل بساطة لم يكن بن علي أو مبارك..ولاحتى القذافي..
فلم يستخدم أحد هؤلاء الأسلحة الكيمياوية ضد شعبه ولم يستخدموا صواريخ السكود ولم يكن لديهم مكائن خاصة بفرم البشر ولم يقوموا بحفر المقابر الجماعية لدفن شعوبهم...
ما دفعني لكتابة الموضوع سببان..
أولهما مايروج له البعض من أن العراقيين لم تكن لديهم الجرأة ليسقطوا نظامهم فأستعانوا بالأجنبي..وهؤلاء هم أنفسهم من يطالبون الغرب(بصيغة الأمم المتحدة) بالتدخل في ليبيا لحماية الشعب من بطش العقيد البهلوان..
وثانيهما تذكير الحكومة العرقية أن من ثاروا ضد طغيان البعث قبل عشرين عاما سوف لن يسكتوا ويغضوا نظرهم عن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وهم لن يقبلوا بأن تصادر حرياتهم بعد أن حصلوا عليها ولن يسمحوا لأحد أن يكتم أصواتهم بعد أن أعتادوا التفكير بصوت مرتفع ونسوا ثقافة (للجدران آذان)..
تذكروا يا ساسة العراق أن من ثاروا في آذار 1991 لن ينسوا حقوقهم لمجرد أن نظاما جديدا قد جاء..فهم ينتظرون من هذا النظام أن ينصفهم...
تذكروا وأحذروا أن يصيبكم الغرور والتعالي...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات