يتبدى المجتمع الذكوري كمجتمع هيمنة مسلم بتراتبيته العابرة كل تفاصيل بنائه العلائقي ’ مجتمع إخضاع طرف لحساب آخر ’ يستمد خاصيته هاته بفعل ما تراكم عبر الزمن من تفاوتات تمس جل المجالات الحياتية ’ تحفظها تمثلات ذهنية تمتح من التراث المكتوب والشفوي’ باحثة لها عن دعامات لاستمرار ذكورية تقدس الرجل وتحقر المراة ’ تضع المرأة في مرتبة أدنى وتمنح الرجل سلطة مطلقة يتصرف كما يشاء ’ ويؤسس بأناه أحاديته دون مساءلة ..
لا يسلم أي مجتمع عبر العالم من هذه الصفة ’ لكن حدتها تتفاوت من مجتمع لآخر ’ فبخصوص المجتمعات الإسلامية وضمنها المجتمع المغربي ’ لا تزال مظاهر الذكورية طاغية فيه تخترق أنساقه الاجتماعية الثقافية السياسية والاقتصادية .. إذ بالرغم من مظاهر التحديث المؤثرة في بنياته المجتمعية ’ والتغيير الملموس الذي مس وضعية المرأة ’ فالنظرة إلى المرأة في مغرب القرن الواحد والعشرين خصوصا داخل الفئات المهمشة في الأحياء الشعبية وفي البوادي حيث ترتفع مؤشرات الأمية ’ لا تزال نظرة تقليدية تختزلها داخل أدوار ووظائف محددة سلفا ..وتبقيها سجينة واقع نابذ غير قابل للإنفتاح ’ مطمئن لارتكانه لجاهزية ونمطية ذهنيته الرافضة لكل ما من شأنه أن يزحزح الأسطورة المترسبة في أعماقه عن تفوقه ودونية المراة ’ علما بأن هذه الصور والتمثلات النمطية المرتبطة بالذكورة المميزة والأنوثة الدونية ’سارية في الأوساط المتعلمة كذلك نظرا لترسباتها على مستوى العقليات ...
وتتمظهر هذه الذكورية في المجال الجنسي وفي عدم المساواة التي تطال مستويات السلطة ’ المعرفة ’ اللغة ...
مقتطف من بحث لنيل الإجازة في السوسيولوجيا بعنوان
" الخطابات السوسيو ثقافية والرمزية لجسد الحجاب بمغرب اليوم "
2006
- الباحث : عبد الرحمان كرمز
هامش الهامش :
تبدع الهيمنة الذكورية ’ عبر تاريخها الطويل ’ أشكال وطرائق لتأكيد وضمان استمرارها ’ وتوظف كل المتاح لديها لإبراز آليات المصادرة والوصاية في وجه من تقاسمه الحياة ...فمهما استحكم ا قبضته ونوع من أساليب هيمنته فهو دوما في خشية من أمره ’ يرتاب من كل تحول قد يمس مواقف ومكانة المرأة وتشرع في طرح السؤال ؛ لهذا فالرجل المستوحي كينونته من ذكوريته هو في سعي دؤوب لتنويع وتضمين خطابه بأمثال ومقولات تراثية ’ وبأشكال مادية كي يحافظ على تميزه وتسلطه في علاقته مع المرأة ...
التعليقات (0)