مواضيع اليوم

في بيتنا عبقري ...

علي مسعاد

2009-11-06 13:36:04

0

" العين حق ..السحر حق ..يا علي ، ومجتمع ، تموت فيه المواهب والطاقات ، كما تموت الحشرات ، كأنها لم تكن ، ماذا تنتظر منه ، يا علي ، ماذا تنظر منه ؟ا ، متى ستفهم ، أن لا مكان " للمتميزين " ،بيننا ، فكل الأبواب موصدة في وجوههم ، ليس لهم ، والله ، إلا الموت أو الهجرة ، بعيدا ، حيث الناس غير الناس والوجوه غير الوجوه ، أما هنا ، فينتظرهم الجنون والضياع ، لأن عقلية " القطيع "، تسري فينا ، مجرى الدم ، في العروق ، أما أن تكون أنت أنت ، وأن تكون ضد التيار ، ستعاني كثيرا ، مع أشباه الناس والوجوه ، ستعاني كثيرا ، يا علي ، كثيرا ..فالمطلوب منك ، أن تعيش واحدا من الناس ..تأكل ..تشرب ..وتتوالد كالحيوانات ...بلا حلم ...ليس مطلوبا ، منك أن تحلم ، يا علي...ليس مطلوبا منك ، في مجتمع اللاحلم ....في مجتمع تتهاوى فيه الأحلام كما تتساقط أوراق المبادئ والقيم ... في مجتمع لا يؤمن بالأحلام ...مجتمع أصبح ماديا و بامتياز ،حيث المال والمصالح ،هي من تحرك أفراده ..ولتمت الطموحات والأحلام ، بين الضلوع.....
تأمل ، يا علي ، في وجوه الناس ، كل الناس ، فلا وقت لهم ، للأحلام ...فهم ،بالكاد يجدون ، الوقت الكافي للحصول على الفتات ، للاستمرار ، على قيد الحياة ...لا مطالب لهم ..لا أفاق يتطلعون إليها ، فقط ، هناك أفواه جائعة ، تنتظرهم ، كل مساء ...هم وجدوا أنفسهم ،هكذا ، أسيري مطالب حياتية لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد ...هم ، اختاروا ، ببساطة ، أن يسيروا جنب الحائط ، كما يقول والدك رحمه الله ، والمطلوب منك ، يا علي ، أن تكون نسخة غير رديئة منهم ...أن تفكر مثلهم ..أن تعيش حياتهم ...أن يصبح كل همك ، أن تكونا حيوانيا وبامتياز..أن تصبح جسدا بلا روح ..رأسا بلا أ فكار ..لكنك ، لم تفهم ، اللعبة جيدا..لم تفهم ، أن التافهين من الناس ، هم من يتقاسمون الفضاءات والأمكنة ..وحتى الكعكة ...هم ، فقط ، من تسلط عليهم الأضواء ..فيما الآخرون يموتون في الظل ..وفي صمت ممزوج بالدموع والحسرة ..فأن تكون ، يا علي ، متميزا ، في مجتمع يحارب التميز وأن تكون عبقريا في مجتمع الخرافة ..تلك ، لعمري ، قمة المأساة ....يا أ الله ،كم كنت غبية ، حين صدقت ، كل الكتب التي قرأتها ...حين اعتقدت ، للحظة ، أن عالم الكتب هي عالم الناس ..كل الناس ..كم كنت غبية ..صحيح ، أنك تشاركني ، الغباء ذاته..لم أكن وحدي ، فريسة الإحساس بالفراغ والضياع ..إلا أنني ، حاولت جاهدة ، أن أتعايش مع تحولات مجتمع القطيع ...إلا أنت ، يا علي ، مازلت أنت أنت ، لم تتغير ، الكل من حولك تغيروا ..تنكروا ، لأقرب الناس إليهم ...تنكروا حتى لأنفسهم ...وأنت ضد التغيير ..مازلت تعاني في صمت ..كأني بك ، تجد لذة في جلد نفسك وتعذيب كل من يحبك ... فأنا لست أدعوك ،أن تكون انتهازيا ..أو متسلقا ، فتلك ليست شيمك ..ولكني ،فقط ، أفتح عينيك ، على حقائق قد لا تلتفت إليها ، في زحمة انشغالاتك ...ولا تدركها ، إلا مع مرور الوقت ...والأيام ، وقد تشكل لك صدمة في المقبل من الأيام ...أنا ، فقط ، أدعوك للتوقف ولو للحظة من عمر الزمن ..لترى ما أراه ولتدرك ما أدركه الآخرون .."
تسللت، فجأة ، يد نادية إلى خصري ، طوقتني ، بحب طفولي ، كأنها تفعلها للمرة الأولى ..أحسست ، لحظتها بقشعريرة ، تسري في عروقي ، فيما الفضوليون ، تعتصرني نظراتهم الحاقدة ، من كل الجهات ، على امتداد شارع " شوفوني " ..الشارع الذي شهد ويشهد ، كل فصول الحكاية ..حكاية شباب..كل جرمهم ، أنهم حلموا في زمن تموت فيه الأحلام ، كما تموت الأحاسيس والمشاعر النبيلة .. ، حلموا بالناس غير الناس و الفضاء غير الفضاء ...كانت ، نادية ، تضمني إليها ، كطفل صغير ، يتلمس خطواته الأولى ، على درب الحياة ، حياة لا يعرف منها ، إلا الوجه المشرق ، فيما الوجه الحقيقي، يخفيه قناع من الابتسامات المزيفة والوعود الكاذبة.. الكاذبة...
أوراق من حياتي
" لا أريد أن أموت




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !