لكن منذ بدأت التغيرات الاقتصادية تؤثر في كثير من أبعاد الحياة الاجتماعية أصبحت نسبةً كبيرةً منَ الأُسَر تستعين بالعمالة المنزلية للقيام بالمهام المنزلية والعناية بالأطفال. وصارت العمالة المنزلية مستوردة من دول مختلف الجنسيات مثل: السرلانكيات والهنديات والأندونويسيات والفلبينيات. والأثيوبيات وغيرهم. وتضخم عددهم وتنوعه شكلهم بشكل سريع ومقلق لبعض الجمعيات الاجتماعية والمؤسسات الإعلامية.
ويعتقد أن هناك أكثر من نصف مليون عاملة منزلية غريبة تخدم في دول النفط وبلاد الشام. وبسبب ضخامة عددهم بدأت تظهر أهمية وجودهم على مختلف الأصعدة الاجتماعية والإعلامية والاقتصادية والعرقية والسياسية والإنسانية بشكل متفاوت. وفي زيارتي الأخيرة إلى سورية لاحظت لأول مرة انتشار ظاهرة العاملات السرلانكيات في بعض قطاع المجتمع واستغربت لذلك وتساءلت: لماذا يا ترى لا توجد عاملات سرلانكيات في بيوت البريطانيين رغم ان اقتصادهم هو الرابع في العالم؟
وربما أتى الجواب الأقرب إلى الحقيقة لتساؤلي هذا من صحيفة الجزيرة السعودية التي صدرت في تشرين الثاني2008 حيث تقول: يعد وجود العاملة في البيت السعودي عند بعض العائلات مسألة ترفه وراحة للجسم، أو نوع من التباهي أمام الآخرين. وتضيف الصحيفة قائلة: نريد حلاً عاجلاً يا وزارة العمل. ففي هذه الفترة كثرت عملية هروب العاملات، وكثرت شكواهن ...الخ.
وهناك تقارير عديدة حول سلب حقوق هذه العمالة المنزلية بعض منها مقلق وبعيد عن القيم الإنسانية. فقد انتقد ولأول مرة تقرير يصدر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية عام 2007 وضع العمالة مطالبا بضرورة، "إلغاء نظام الكفالة وبالبحث عن حلول أخرى تكفل للعامل الأجنبي حقوقه الأساسية والإنسانية...الخ كما أن هناك كثير من الأصوات تطالب بحماية المرأة العاملة في قطاع الخدمات المنزلية. ففي عام 2008 صدر تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش جاء فيه ان العمالة المنزلية في بعض الدول تتعرض لانتهاكات تصل حد الاستعباد في بعض الأحيان. ففي دمشق قتلت مؤخرا خادمة آسيوية في شجار مع سيدتها.
وبسبب مثل هذه التجاوزات فقد فرضت الفلبين في عام 2008 حظرا على سفر مواطنيها للعمل في قطاع العمالة المنزلية في الأردن (عنBBC).
في الحقيقة أن موضوع العمالة المنزلية يبدوا شائكا وهناك أسئلة كثيرة في هذا الخصوص تحتاج الى الكثير من الاهتمام والتفكير ومنها:
ـ ما هو تأثير العمالة المنزلية المستوردة على أطفال البيت نفسيا وأجتماعيا وسلوكيا؟
ـ ما هو تأثير العمالة المنزلية المستوردة على سلوك الزوج والزوجة؟
ـ ما هو تأثير العمالة المنزلية المستوردة على المجتمع ككل؟
ـ ما هو تأثير العمالة المنزلية المستوردة على شخصية العاملات نفسيا وأجتماعيا وأخلاقيا.
ـ وهل استقدام العمالة المنزلية من أقاصي الأرض أخلاقي ويرضي الله؟
وأخيرا، هل فعلا نحن بحاجة إلى العمالة المنزلية المستوردة أم أنها مسألة ترفه وتباهي أمام الآخرين كما قالت صحيفة الجزيرة السعودية؟
د. فيليب حردو ـ لندن
التعليقات (0)