مواضيع اليوم

في بلدي

محمد جمعة

2012-12-05 12:45:43

0

 في بلدي لا زالت الجراح تتباهى بطولها وعرضها وعمقها وترقص على أنغام سمفونية الحياة البائسة لتمتع أنظار المتسببين ببؤسها من السابقين واللاحقين،

في بلدي أمسى الفقراء وقوداً للمهاترات والمزايدات السياسية والمساكين هم من يدفعون فاتورة الخلافات، بعد أن أصبح البرلمان قية يجتمع فيها النواب لتصفية حساباتهم دون الالتفات إلى ناخبيهم وما يحتاجونه، من خلال حسم القوانين المهمة والضرورية لحياة المواطن،

في بلدي بات السكوت عن الفاسد دهاء وذكاء يستخدمه الكثير من السياسيين للايقاع بخصومهم عند اشتداد وطيس المنافسة على المكاسب ليتم الكشف عنه في الوقت الذي يرفض فيه الانصياع لمطالبهم، أما القابعين خلف القضبان,الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء فينعمون بحياة رغيدة لا تتوفر لهم وهم خارج السجن, وأن شعروا بالملل وشاءوا الخروج, فالهروب أضعف الايمان ما دام أقرانهم منتشرون في مفاصل الدولة الحساسة، أما حكم الاعدام فصار سراب يحسبه الظمآن ماء,

في بلدي كنا نتمنى ولكم تمنينا أن تحط الديمقراطية رحالها بنناً بالصورة المطلوبة لننعم بحرية اختيار واستبدال الحاكم متى ما شاء الصالح العام من خلال الدورات الرئاسية المحددة ,دون عناء أو نزاع أو قيود دستورية تكون كمسمار جحا في حائط الثورة البنفسجية ,ونكون بذلك خير حاضنة للتجربة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط, بعدما كان القمع يتجول في الشوارع حاملاً بيده سوط التكميم يجلد به كل من يشهر اعتراضه أو يخفيه،

في بلدي أصبحت العظة والعبرة من أحداث الماضي لقلقة لسان لا تغني ولا تسمن من جوع، واستهلكت لكثرة استخدامها في الشعارات التي تحمل في طياتها أجندة ومصالح فئوية وحزبية وقومية, ولا تجدي نفعاً في استمالة الجمهور، وامتطاهم للوصول إلى ضفة المبتغى والمراد, وصار التسويف والمماطلة الوقود والمحرك الأساس للتخلص والتملص من الوعود المقطوعة سلفاً ابأن التمسكن بغية التمكن، للجلوس على ذلك الكرسي اللعين،

 في بلدي أضحى المطالبين بحقوق المظلومين والداعين إلى الرفق بالرعية مرآين ويريدون افشال العملية السياسية, ويسعون إلى كسب أصوات الناخبين على حساب الدولة وخيراتها، بعدما كان الصمت قد فرض عليهم حصاره مرغماً نتيجة الخوف من التهديد والوعيد،

في بلدي تعطلت بوصلة العمل الحزبي وأصبحت لا تفقه أين تتجه لكثرة الأحزاب وتوجهاتها وغياب القانون المنظم لعملها بعدما كان موشرها مصاب بالصدا لاستقراره على نحواً محدداً طيلة 35 عام،

في بلدي أصبحت الوظيفة الحكومية احدى الاتيكيتات الضرورية بل باتت معيار أساس لتقييم الفرد ومدى أهميته, حتى انها صارت شرطاً اساس للكثير من النساء عند تقدم احدهم للاقتران باحداهن، بعدما شيعت جنازة القطاع الخاص تشيعاً لا يروق به, ودفنه في مقبرة الصمت الرهيب والمريب, وسط الفرحة الغامرة للاعداء، بعدما كانت الوظيفة يهرب منها الفرد العراقي هروب الشاة من الذئب ,ليلوذ بعمل القطاع الخاص خشية أن يلتحق بمعسكر الفقر المدقع وخوفاً أن يرمقه المجتمع آنذاك بنظرة ازدراء وتحاشياً أن يقال عنه مسكين: أنه موظف لا حول ولا قوة له،

في بلدي بات اللصوص والسراق يسرقون في وضح النهار دون خوف أو حياء تحت عنوان الفساد المتبجح لأن أغلبهم يتبوأ مكانه مرموقة ومنصب في الدولة يدر عليه بأموال غزيرة دون عناء أو جهد وأن تم افتضاح أمره فالعزل أو سحب اليد هو أقسى أنواع العقوبات.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !