في بلدي العري والراقصات .. فلماذا نحن متخلفون ؟
قرأت لأحدهم وهو من بلد عربي شقيق :
بعد أن قسم التيارات الفكرية في البلاد العربية إلى قسمين متضادين .. مسلمون ومن يمثلهم من طليعة علمية وتوجيهية وجهادية ، وفرق كفر مختلفة ومن والاها من فرق النفاق ومن يمثلهم من قيادات فكرية وسياسية وأدبية .
قال : ليس لدينا هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ،
في بلدي لا توجد مثل هذه الهيئة التي تقيد الحرية الشخصية على حد زعمكم ، بل إن الحرية الشخصية في إطار معصية الله مفتوحة تماماً بل ومندوب إليها ، حيث أن القانون
يسمح بالزنا (لغير القاصرين ) إذا كان برضا الطرفين .
ليس لدينا علماء دين ومشائخ يتدخلون بفتاويهم في كل كبيرة وصغيرة ،
أما الملتزمون أو ( المطاوعة ) كما يسميهم البعض فإنهم مفتونون في دينهم وقل أن تجد شاباًُ ملتحيا ً .
عندنا ، نظرة إلى الأسواق والجامعات تشرح لك الواقع بأكمله حيث العري التام يعم البلاد عدا بعض المناطق والأحياء المحافظة ( المتزمتة ) وخاصة في فصل الصيف ، ويكفي أن نذكر أن الكثير من الكليبات الغنائية الفاضحة تصور عندنا لكثرة الراقصات .
عندنا ، المرأة تعمل في كل المجالات بل إن نسبتها في الكثير من المجالات تفوق نسبة الرجال خاصة في وظائف الدولة ، بينما نجد أرقام هائلة من الرجال عاطلين عن العمل يعتنون بأطفالهم في المنزل بينما تعمل زوجاتهم في خارجه .
عندنا ، المرأة يمكنها أن تلبس أكثر الملابس عرياً وتجلس مع من تشاء في أي وقت تشاء وتقود سيارتها إلى أي مكان شاءت .
ومصطلحات الخلوة والاختلاط لا أحد ينكرها .
كل الأمور السابق ذكرها منتفية عندنا فلا وجه إسلامي للبلد ولا شريعة إسلامية مطبقة ولا علماء ولا هيئة أمر بالمعروف تتدخل في حياة الناس .
وهذا على عكس ما هو عليه الحال والوضع القائم في " أرض الحرمين " ..
ثم تساءل موجها حديثه على ما يبدو لليبراليين السعوديين :
إذا كان الأمر عندنا على ما تشتهي أنفسكم فلماذا نحن متخلفون ولم نصل إلى ذلك التطور الذي تدعون أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفتاوي المشائخ وعلماء الدين هم السبب في عدم وصولكم إليه ؟
فجعلتم من دعوتكم لإفساد المرأة الباب الأول نحو التطور تحت قاعدة
( لا تطور بدون تحرير المرأة ) . ولا تطور بدون إلغاء هيئة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر . ولا تطور مع الفتاوي الدينية .
الأمر الذي يمكن من خلاله الدخول إلى عقول الجاهلين بدينهم لتمتلئ عقولهم بالشبهات والشكوك ويدفعوهم لترديد تلك الأقوال كالببغاوات وينقلوها إلى غيرهم
ثم ختم مقاله بقوله : وبما أن أشد المعارك تدور رحاها حول الواقع في بلاد الحرمين ومهبط الوحي ، حيث يسعى دعاة الكفر إلى إخراج الإسلام من هذه البلاد بزعم اللحاق بركب التطور ، وبما أنه من البلدان القليلة التي لازال لعلماء الدين هامش من الحرية في الكلام و المطالبة بإصلاح الأحوال ، لذلك صب القوم جام غضبهم على هؤلاء العلماء ليحملوهم كل مشاكل العصر وأسباب التخلف في البلاد .
قلت : اعتقد أن مثل هذه النظرة ، ومثل هذا الفهم ، لم يعد حالة شاذة ، أو حالة فردية ، بل أصبح يشكل ظاهر تعكس حالة من تأزم الفهم ومخارج الوعي . وهي جزء كبير من تأزم العقل العربي .
فإذا كان من الواضح أن الكاتب يعي أن مظاهر الفساد التي تحدث عنها آنفا في بلده
ليست مقياسا للتقدم أو التخلف فكما توجد في بلد متخلف توجد أيضا وربما بشكل
أكبر في كثير من البلدان المتقدمة ، وأن رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلماء الدين ليسوا سببا للتخلف في أي بلد سواء كان السعودية أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية .. وهذا ما نتفق معه جميعا في صحته .. فأنه في المقابل وبتأكيده على أن كل الكتاب والمثقفين والمفكرين والأدباء من غير التيار الإسلامي سواء كان بعضهم ليبرالي أو غير ذلك هم الكفار والمنافقون والتابعون " لأسيادهم في الغرب " وهم أعداء الإسلام من أهله
إلى غير ذلك من الأوصاف التي لا تليق بمسلم يقتدي بقيم الإسلام ويتبع هداه وتعاليمه ومنها :
" ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق "الآية .
وهم بدعواتهم لعمل المرأة وقيادتها للسيارة أنما يدعون
لتعري المرأة ولحريتها حرية مطلقة ولفتح مجالات الرذيلة
لها لتمارسها ولكشف حجابها وإظهار " مفاتنها " للرجال ..
أقول .. أنما هو بهذا التفكير المصاغ على هذا النحو ليس سوى
أنموذجا لواقع حقيقي وخطير في الوقت نفسه فهو يعبر عن انشطار
خطير في المجتمع بين أتباع لأنموذجين للتطرف يقفان على طرفي
نقيض هما : التطرف الديني والتطرف الليبرالي ..
والحق أن هذين النقيضين ليسا سببا في التخلف بل هما نتاج له
ولكنهما بالتأكيد من أهم عوائق الوعي بأسباب التطور وبأسباب
التخلف الحقيقية ..
تركي الأكلبي
التعليقات (0)