مواضيع اليوم

في انتظار لائحة التماسيح والعفاريت.

محمد مغوتي

2012-10-25 09:25:07

0

    بعد اللائحة الشهيرة المتعلقة بالمستفيدين من رخص حافلات النقل العمومي، والتي أفرج عنها "الرباح" قبل عدة أشهر، عمدت وزارة التربية الوطنية إلى نشر لائحة مماثلة، لكنها تتعلق هذه المرة  باحتلال ( غير قانوني ) للسكن الوظيفي التابع لقطاع التربية والتكوين... ويبدو أن حكومة السيد بنكيران منسجمة تماما على هذا المستوى، وربما ستصبح اللوائح موضة تتبعها كل الوزارات لتسجل في حصيلة العمل الحكومي.
    صحيح أن اللائحتين اللتين تم نشرهما حتى الآن تعبران عن تدبير يحاول أن يبدو متسما بالشفافية والوضوح ولو على سبيل تمكين الرأي العام من الحصول على المعلومة، لكن المغاربة اليوم لا تهمهم  اللوائح  في حد ذاتها بقدر ما ينتظرون إجراءات وتدابير فعلية يستشعر معها المواطن بوجود تغيير ما. لذلك فإن السؤال الذي كان مطروحا بصدد مأذونيات النقل ( لكريمات) لم يتغير حتى الآن، بل أصبح أكثر راهنية. سؤال : ماذا بعد؟ يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى. وعلى الحكومة أن ترد على هذا الإستفهام. وإذا كانت المهمة الأساسية للحكومة تقتضي إيجاد الحلول للمعضلات والتحديات التي تواجه بلدنا في كل المجالات، فإن طريقة تعاطيها مع المشاكل المطروحة في حاجة إلى إعادة نظر. أما إذا كانت هذه الحكومة مقتنعة بأن مثل هذه الخرجات - التي تصدر عن بعض وزرائها بين الفينة والأخرى- هي إنجاز في حد ذاته، فذلك أمر آخر. وبالعودة إلى مشكل الاستغلال غير القانوني للسكن الوظيفي والذي كان موضوع لائحة وزارة الوفا، فإن المطلوب اليوم هو تطبيق المساطر القانونية المتعلقة بهذا الشأن، فنحن نعرف أن ظاهرة احتلال السكن بعد انقضاء المهمة التي تم بموجبها إسناد هذا السكن للمعني بالأمر( بعد الانتقال أو الاعفاء أو التقاعد...)، نعرف إذن أنها مستفحلة بشكل كبير في قطاعات أخرى وليس في قطاع التربية الوطنية فحسب.  وهي ظاهرة تفرض نفسها بسبب غياب إرادة حقيقية للتعامل معها وفق القانون. لذلك فإن الإنجاز الحقيقي الذي يمكن أن يحسب للحكومة رهين بالنجاح في حل المشاكل والملفات المطروحة. غير أنه من الواضح أن حكومتنا ترى في نشر اللوائح إنجازا في حد ذاته.
     اللائحة الصادرة عن وزارة التربية الوطنية تزامنت مع الانتقادات الحادة الموجهة للوزير المشرف على الشأن التربوي ببلادنا بعد خرجاته الأخيرة التي جعلت منه مادة إعلامية دسمة، لذلك  قد لا تكون هذه المبادرة سوى محاولة لتوجيه اهتمامات الرأي العام. ثم إننا نعرف جميعا أن منظومة التربية والتكوين تعيش حالة من التردي تحتاج لتدخل حاسم، وأولويات العمل في هذا الإطار تتجاوز بكثير  مستوى الإنشغال بقضية احتلال السكن الوظيفي... وحتى لا تكون اللائحة مجرد ذر للرماد في العيون، ينبغي أن تمتلك الحكومة برنامجا واضحا للنهوض بالشأن التربوي والقطع مع سياسات إصلاح الإصلاح التي دأبت عليها الحكومات المتعاقبة... لكن يبدو أن الإشارات الصادرة عن الحكومة حتى الآن ترشحها لأن تخلف الموعد مع المنتظرات والآمال التي يعقدها عليها المغاربة.
    إن التحديات التي تواجه فريق بنكيران متعددة وراهنية، فالكل ينتظر إجراءات  عملية للتنزيل الدستوري والوفاء بالإلتزامات الإجتماعية والإقتصادية التي توافق عليها التحالف الحكومي. أما إذا كانت الحكومة متخصصة في نشر اللوائح، فإن كثيرا من التشويق سيرافقنا في المرحلة المقبلة. وقد تكبر انتظاراتنا لنشهد في المستقبل لائحة تشير إلى التماسيح والعفاريت الذين يقضون مضجع رئيس الحكومة الذي يتهمهم باستمرار بعرقلة عمل الحكومة. فهل يمكن أن يحدث ذلك؟. هل سيأتي علينا يوم يتحول فيه الكلام عن العفاريت من المرموز إلى الواضح؟. محال طبعا....
       محمد مغوتي. 24 – 10 – 2012.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !