مواضيع اليوم

في انتظار خطبة الوداع.

محمد مغوتي

2011-02-23 00:35:25

0

    لا أحد يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن يقوله القذافي عندما يريد الكلام. فقد تعود الجميع على خطاباته الغريبة منذ أمد بعيد. و من تم فإن كل الإحتمالات تظل واردة، و كل الخيالات التي قد تذهب إليها الأذهان يمكن أن تترجم إلى واقع عندما يتحدث الزعيم. لذلك لم يكن ما قاله العقيد في الكلمة التي ألقاها بمناسبة الأحداث التي تعرفها ليبيا مفاجئا. فقد أرغى الزعيم و أزبد، و ذكر الشعب ببطولاته الشخصية و دوره في بناء ليبيا و ازدهارها. و تلك نغمة سبق للشعبين التونسي و المصري أن سمعاها قبل أن يسقط نظاما بن علي و مبارك. و قياسا على ذلك يبدو أن ساعة الحقيقة قد دقت فعلا. إذ بات " ملك ملوك إفريقيا " أقرب إلى حجز الرقم (3) في لائحة ضحايا موسم المغضوب عليهم من حكام العرب.
    اللافت في خطاب القذافي هو التمادي في كذبة أطلقها منذ أكثر من أربعين سنة، مفادها أن السلطة بيد الشعب. لذلك بدا العقيد مستهزئا من الدعوات التي تدعوه إلى الرحيل، فهو ليس رئيسا كباقي الرؤساء الذين يذعنون للغوغاء، و يتنازلون عن الحكم عندما يشتد عليهم الخناق. لأنه ببساطة شديدة قائدا هماما اختار أن يبذل حياته في سبيل الوطن و المواطنين، و هو بذلك زعيم ليبيا و مجدها الخالد الذي لا يفنى و لا يبلى. و لأن السلطة بيد الشعب فإن المطلوب في المرحلة المقبلة هو أن يقتل الشعب نفسه من أجل تطهير البلاد من خطر الفتنة و التقسيم، و القضاء على هؤلاء " الجرذان " الذين يقلقون راحة و صفاء الحياة في ليبيا. و الذين يصفهم القذافي بالجرذان و الجبناء و الخونة و غيرها من النعوت، هم أبناء الشعب الليبي الذين ضاقوا ذرعا بممارسات استمرت منذ سنة 1969، و استيقظوا أخيرا على إيقاع زمن التغيير في العالم العربي، فاختاروا أن يقولوا بصوت مرتفع: لا للظلم و الطغيان، كما فعل ثوار تونس و مصر قبلهم... فعن أية زعامة يتحدث العقيد و هو يتوعد المواطنين بحمام دم على خلفية التهديد بإعدام المحتجين؟. و ما موقف المجتمع الدولي من هذا القرار الخطير الذي من شأنه أن يحول هذا البلد إلى مقبرة جماعية؟...
    إن ساعة الرحيل قد اقتربت، لكن هذا الرجل الذي تضخم عنده الأنا بشكل خطير، لا يريد أن يغادر إلا بعد إغراق البلاد في الدماء. و مضامين خطابه هذا تحمل دعوة صريحة و واضحة إلى استباحة أرواح الليبيين خصوصا من خلال استثارة متعمدة للعشائرية و الروح القبلية. هذا الزعيم الذي يفتخر بأنه رمز للبلاد يؤلب الشعب لقتال الشعب. لذلك فإن الوضع قد يتطور إلى مجازر حقيقية في الأيام القليلة المقبلة، خصوصا و أن الضوء الأخضر قد أعطي فعليا لميليشيا النظام من أجل تصفية الثورة. و هكذا فإن ما تسرب من فظائع اقترفها النظام الليبي في حق المتظاهرين خلال الأيام الأخيرة لن يساوي شيئا أمام ما يخطط له القذافي الذي يقول: إنه لم يسمح بعد باستخدام القوة. و كأن ما يحدث الآن ليس سوى " بروفة " لما سيأتي... لكن المؤكد أن الخناق يشتد عليه بشكل واضح، فقد بدأ العالم يدرك حجم الكارثة التي يعيشها الليبيون. و لابد أن تنتصر إرادة الشعب، كما انتصرت في النموذجين الجارين. و بعد خطاب التصعيد سيأتي خطاب الوداع. و ذلك هو قانون الثورة الذي يعلو و لا يعلى عليه.
             محمد مغوتي.22/02/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !