ما أبشع أن يصبح الإنسان مدمن مخدرات! وما أبشع أن تروج جهات ومستويات في هذا البلد أو ذاك لهذا الداء الذي يفتك بكثير من الناس في شرق الدنيا وغربها، وفي شمالها وجنوبها! وما أبشع أن يعذب أحد أحدًا في هذا العالم تعذيبًا جسديًّا، أو نفسيًّا! وإذا كانت المخدرات داءً يجب مكافحته، وتخليص الناس من أضراره القاتلة، فإن تعذيب الناس، والتحكم بهم، وقطع أرزاقهم، والاعتداء عليهم، وتقييد حرياتهم، والزج بهم في غياهب السجون والمعتقلات، ومقابر الأحياء، كل ذلك علل وممارسات يجب مكافحتها، كما تكافَح المخدرات، ويجب أن يتخلص الناس منها، ومن سائر آثارها الجسدية والنفسية تخلصَهم من المخدرات التي ما ابتليت بها أمة إلا ساءت أحوالها، وتهدم بنيانها، وتحطمت أركانها، وتخلف إنسانها، وعليه، فإن من أراد إصلاح الناس وجب عليه أن يخلصهم من كثير من العلل والآفات والأمراض والسلبيات، ولعل على رأس ذلك كله هذه المخدرات، وهذا التعذيب والتنكيل والظلم والاستعباد والاستبداد الذي يتعرض لهوله كثير من الناس في هذا العالم على أكثر من مستوًى، وأكثر من صعيد منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومنها ما هو جسدي قمعي وحشي كذاك الذي يحدث في كثير من المعتقلات والسجون ومراكز التوقيف والتحقيق في هذا العالم، ومنها ما هو نفسي قمعي قهري تسلطي تعسفي كيدي يأبى معه المتسلطون المستبدون إلا أن يعذبوا ضحاياهم تعذيبًا نفسيًّا يفوق في بشاعته التعذيب الجسدي في كثير من الأحيان.
ولئن أدرك المجتمع الدولي خطورة هذا كله على الأفراد والمجتمعات والتجمعات، ولئن أدرك المجتمع الدولي أيضًا كافة انعكاسات هذه العلل والمصائب والآفات على الأمم والشعوب كافة، فإن حرصه على مكافحتها وملاحقتها كان كبيرًا، وإن حرصه على إعلان الحرب عليها بهدف اجتثاثها واستئصالها وتخليص البشرية من آثارها المدمرة، ونتائجها المرعبة على ضحاياها من الأفراد والمجتمعات كان كبيرًا أيضًا.. لقد حرص كافة الغيورين في هذا العالم على مكافحة كل هذه المظاهر الرهيبة، والعلل والآفات المدمرة، ونحن عندما نقول ( المجتمع الدولي) فإنما نقصد بذلك كافة من يعنيهم الأمر من هؤلاء الغيورين من أصحاب الضمائر الحية اليقظة التي تحرص كل الحرص على أمان البشرية وسلامها وتقدمها، ولا نقصد بالطبع تلك الأنظمة الاستبدادية الاستعمارية التسلطية التي تتحكم بالناس، وتتحكم بأعناقهم وأرزاقهم في كثير من بلدان هذا العالم.
إن حرص هؤلاء الغيورين من المثقفين والمفكرين على حق كافة الشعوب في هذا العالم في حياة آمنة كريمة بعيدة عن العلل والآفات والنكبات والسلبيات والفساد قد دفع بهم لاعتبار هذا اليوم السادس والعشرين من حزيران يومًا لمناسبتين اثنتين هما مكافحة المخدرات، ودعم ضحايا التعذيب، وما من شك في أن واجب الشعوب والحكومات في هذا العالم يتطلب منها أن تعمل بكل طاقاتها وإمكاناتها من أجل مكافحة آفة المخدرات، ومن أجل دعم ضحايا التعذيب، ويتطلب منها تقديم كل عون مادي ومعنوي لكل هؤلاء الضحايا، ويتطلب منها تحريم القمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما يتطلب منها أن تعمل بكل الحزم والعزم والقوة والإصرار على توفير الحياة الكريمة لكافة الشعوب والمجتمعات في هذا العالم، بعيدًا عن الظلم والغطرسة والتحكم والاستبداد، وبعيدًا عن سياسة الهيمنة والاحتواء والإلحاق، وسياسة السلب والنهب والتسلط والاستعباد.
في هذا اليوم السادس والعشرين من حزيران لا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا مطالبين بمكافحة المخدرات، وكافة السموم القاتلة التي تفتك بكثير من الناس، ولا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا مطالبين بالحرية لكافة المضطهدين في السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف والتحقيق، ومطالبين بضرورة أن يسترد شعبنا العربي الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة في بلاده فلسطين وبضرورة أن تعود إلى القدس العربية هويتها العربية الإسلامية، وأن يرفع الحصار عن غزة، وأن تتوقف كافة أشكال العدوان على الناس في غزة، وفي كل هذه الديار الفلسطينية، وفي كل بلدان هذا العالم دون استثناء، كي يعيش الناس جميعًا في هذا العالم حياة آمنة مستقرة حرة كريمة، وكي يسود الأمن والأمان والعدل والعدالة والسلام كافة أرجاء هذا العالم.
التعليقات (0)