وأخيرا وصلت منزلها المشكل من طابقين، صعدت إلى الطابق الأول، لتخيرني المرأة التي أطلقت عليها لقب "الحاجة" بين الغرف الثلاث، اثنتان منها متشابهتان وتفتقدان لأبسط شروط الراحة، حتى أن أسرّتها تبعثان على التقزز والقرف، أما الغرفة الثالثة، فقد كانت مفروشة ومنمقة بعناية فائقة، قالت الحاجة"هذه بـ 100 درهم فقط لكنها تفتقد لقنينة غاز"، منحتها 110 درهم، لتمنحنا بدورها مفتاح الغرفة، بعد أقل من خمس دقائق، جلبت لي الحاجة قنينة الغاز قائلة" مخاصك والو زعما ؟"لأجيبها بأنني في حاجة للكثير خصوصا أنني سأقضي ليلة واحدة في هذه المدينة الرائعة، عندها تدخلت الحاجة " أعرف فتاة من أروع ما جادت به دكالة" (أطلقت ضحكة عالية)، أضافت الحاجة "غير بـ 200 درهم والباقي على حسابي"، غابت( الحاجة) أكثر من نصف ساعة لتتركني أدور بذهني الأسئلة تلو الأخرى، ف(الحاجة) لا تختلف عن هؤلاء الوسيطات اللواتي تحتفظ ذاكرة الداعرين بصور لهن، بل إنها تهيئ الظروف لممارسة الدعارة في جو آمن، كما أنها زرعتني في قلب الدعارة دون أن أشعر بذلك، خطوات الكعب العالي هي الوحيدة التي أعادتنا من إبحار شاق في بحر مليء بالأسئلة،دخلت الحاجة صحبة فتاة ترتدي جلبابا ضيقا ومرصعا ببعض الأحجار المتلألئة، فيما تغطي رأسها، بمنديل أسود اللون، ابتسمت الحاجة قائلة "وكون راجل"، كانت الساعة آنذاك الرابعة بعد الزوال، امتد حديثي مع هذه الفتاة أزيد من 20 دقيقة، نهضت "عزيزة" البالغة من العمر 18 سنة ونزعت ثيابها لتحتفظ بملابس داخلية شفافةوهي تسرد أحداث نكتة جنسية عن "الدكالي" مع زوجته الساذجة، منحت عزيزة خمسين درهما ، وقلت لها إنني لا أنوي امتطاء صهوة جسدك، بل أود الحديث معك عن الأسباب الكامنة وراء امتهانك للدعارة.
كان لكلماتي الصقيعية وقع المفاجأة، لم تكن تتصور أننا بعد هذه الرحلة الطويلة ألهث وراء جني المعلومات عن الدعارة، ولحسن حظي أن عزيزة حسبتني طالب بصدد إعداد بحث حول تعاطي الفتيات لأقدم مهنة في التاريخ، وعلى الرغم من أنني تحدثث بما فيه الكفاية، إلا أن حديثها لم يكن صادقا لدرجة يمكن معه تفسير سبب امتهانها لهذه التجارة الدنيئة، لكن على الأقل عزيزة كشفت شيئا ما اللبس الذي خيم على تفكيري قائلة "نحن لا نتعامل مع (الحاجة) فقط، وإنما مع العديد من (القوادات) اللواتي يمتلكن شققا للكراء".
التعليقات (0)