مواضيع اليوم

في المحاسبة.

محمد مغوتي

2010-08-17 15:33:24

0

           في المحاسبة. 
   كلنا نتكلم عن مظاهر التخلف و التردي في كل المجالات، لكننا نكتفي بالتأفف و السخط سرا .وبعد ذلك لا شيء يتغير. و السبب أننا لا نمتلك إرادة التغيير التي ينبغي أن تكون ثقافة اجتماعية تهدف إلى الإصلاح و الرقي.
   أول خطوة في طريق التغيير هي الشعور بالمسؤولية. هذه الصفة الأخلاقية السامية هي المؤشر الحقيقي على الوعي بدور كل واحد منا في مجتمعه. و عندما يغيب حس المسؤولية يفتح الباب على مصراعيه أمام شتى أشكال الإستهتار و اللامبالاة. وهكذا يتأسس لدى الأفراد نوع من الأنانية التي تغلف العقول والأبصار بغشاوة سميكة تحول دون رؤية الواقع بشكل صحيح. فلا أحد يمتلك الجرأة أو الإمكانية لمقاومة الأعراض المرضية في المجتمع. ثم إن السياسات المتبعة ساهمت في إبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث تم تغييب آليات المراقبة فيما يتعلق بالمال العام ومتابعة المنجزات على مستوى البنيات الإجتماعية الأساسية. وعندما تغيب ثقافة المحاسبة تسقط معها فضيلة المسؤولية. و هو ما يسمح بتفشي مزيد من الأوبئة الفتاكة من قبيل الرشوة و الغش و المحسوبية و تردي الخدمات الإجتماعية التي أصبحت هواء يزكم الأنوف.
   هذه الظواهر الخطيرة تزداد تفاقما بسبب تقييدها دائما ضد مجهول. و بالرغم من أن المسؤولية القانونية واضحة في هذا الشأن فإن الفاعل الحقيقي يجد نفسه في منأى عن الإتهام، وبالتالي لا يمكن أن تطاله العقوبة. لذلك لا نستغرب أن يتشبث صناع القرار في الحكومات و الإدارات الكبرى بمناصبهم بالرغم من كل الإختلالات و الكوارث التي قد تعرفها الأوضاع في الإدارات التابعة لهم. و يمكن لوزير أو مسؤول رفيع المستوى في دولة عربية أن ينام قرير العين حتى ولو تسبب تسييره لقطاع محدد في كارثة إجتماعية، ولن يفكر على الإطلاق حتى في تقديم استقالته كتعبير عن تحمله للمسؤولية. و هو يدرك أن التهمة لن تصل إلى جنابه، فكل شيء أصبح في العرف العام قضاء و قدرا. و بات التعايش مع الأزمات مسألة طبيعية جدا بالرغم من أن الكثير من مظاهر الخلل يمكن تجاوزها بسهولة إذا توفرت الإرادة السياسية و تم تفعيل آليات المراقبة و المحاسبة وفق القانون.
    كثيرة هي الوقائع السلبية في مختلف مظاهر الحياة. لكن القدرة على تشخيص الداء و وصف الدواء يقتضي تفعيل آلية الجزاء و العقاب. ولن يتحقق ذلك إلا عبر سلطة قضائية مستقلة و نزيهة. لذلك يمثل إصلاح القضاء بما يرافقه من آليات ديموقراطية ضرورة ملحة لفرض قوة القانون و تحريك مساطر المحاسبة.
              محمد مغوتي. 17/08/2010.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !