1. فجأةً أصبحت المناطق الكُردية في سوريا على رأس أولويات الجميع و أصبحت وكالات الأنباء تعد التقارير عن القامشلي و أخواتها المنسيات، فجأةً دخل الكُرد السوريون بوابة العالمية ليس بإعتبارهم (الغرب الصغير) كما يرد في الأدبيات السياسية الكًردية فحسب، بل بإعتبارهم خاصرة النظام السوري الرخوة، و ربما الصفيح السوري الساخن الذي سيجتمع عليه قريباً عملاء أكثر الإستخبارات العالمية قذارةً لتشكيل قواعد لدولهم، و الإنطلاق منها لتنفيذ أجنداتها و تصفية حساباتها التي ستمر عبر إيذاء شعبنا المُسالم أولاً، و من ثم سوريا ما بعد النظام الحالي ثانياً.
2. تركيا، روسيا و إيران، هذه الدول الثلاث التي لكلٍ منها عدد لا يُحصى من المشاكل الداخلية و خاصة في قضايا الشعوب و الإقليات، و مع الجوار الإقليمي، و على الصعيد العالمي أيضاً، يسعى كلٌ منها بعد أن فقد أو كاد يفقد و لأسباب مختلفة موطئ قدمه في سوريا بعد قيام الثورة للعودة إليها مرةً أُخرى من بوابة أُخرى هي أبعد ما تكون عن الصداقة في جميع الأحوال، و إذا كانت الظروف تتهيأ للأتراك للدخول من البوابة العربية العريضة نتيجة رهانهم على إنتصار الثورة و إستثمارهم الكلامي فيها، فإن بقاء البلدين الآخرين، أو عودتهما بعد خروجهما الوشيك المُهين تبدو و كأنها ستتم من البوابة الخلفية لسوريا التي تحمل المنطقة الكُردية جميع معالمها في ظل عدم وضوح المشهد في منطقة الساحل السوري.
3. إلا أن تركيا تسعى إلى أكثر من ذلك، فهي تطمح إلى جعل كل سوريا منطقة نفوذ آمن كتعويض لها عن خسائرها جراء صراخها المتواصل في وجه النظام السوري على مدى قيام الثورة، و بالتالي جعل المناطق الكُردية السورية تتكلم بجميع اللغات عدا اللغة القومية الكُردية، و هنا فإن دخولها الرسمي العلني من بوابة (باب الهوى) لا يبدو ملبياً لكل أهدافها من هذه الناحية، و لذلك تلقفت ما إعتبرته إشارات إستفزازية بسرعة، و سارعت إلى حشد قواتها قُبالة المنطقة الكُردية و بدأت بقرع طبول الحرب. و للأسف الشديد لن يكون في مقدور أحد ما في العالم منع تركيا من الإقدام على غزو المنطقة الكُردية، كما أنه ليس هناك قوة عسكرية كُردية تستطيع الوقوف في وجه الأتراك و منعهم من تدمير المدن الكُردية إسوةً بما فعله النظام في المدن السورية الأخرى، و لعل ما يساهم في غياب الإرادة الدولية هو الحجج التي يستند إليها الأتراك في حشوداتهم و ربما هجماتهم، هذه الحجج التي قد تجعل الدول ذات النفوذ تغض الطرف عن الهجوم على مدننا، إن لم ترحب به أيضاً.
4. تعتبر مدينة الرميلان التي تقع شرقي القامشلي منطقة النفوذ الروسية الثانية في سوريا بعد ميناء طرطوس، في هذه المدينة يتحكم الخبراء الروس بآبار النفط و بالثروة النفطية السورية عموماً، و يعيشون في ظروف يحسدهم عليها ليس أبناء المنطقة فحسب بل ربما مواطني أرقى الدول الأوربية، و هم يعتبرون (اليد الأمينة) التي طالما تبجح بها النظام السوري و هو ينهر المتسائلين عن عائدات النفط السوري، فهم جزء من المافيا الروسية شريكة النظام في خيرات سوريا و منها عائدات النفط.
5. يمكن إعتبار روسيا خطراً مؤقتاً يتأرجح بين الخطرين الكبيرين التركي و الإيراني، و الدور الروسي ليس له مستقبل في المنطقة بسبب عدم وجود حاضنة شعبية له، بإستثناء بعض الشيوعيين المزمنين المرتبطين عضوياً بالنظام السوري أصلاً و الذين لا يصلحون للقيام بما هو مطلوب منهم على هذا الصعيد، لكنه ـ أي الوجود الروسي ـ قد ينتهي نهايةً دموية تشبه نهايات عصابات المافيا، إن لم يأخذ في طريقه إلى النهاية بعض آبار البترول على الطريقة الصدامية.
6. إن الخطر الأيراني هو الخطر المحدق الذي يجب الإنتباه له كثيراً و التحضر له جيداً، لأنه من السهل على المال الأسود لهذه الدولة الطائفية الشاذة أن يعثر على أضرحة و مزارات على مقاس الولي الفقيه في أي بقعة من العالم تكون نواة لمد نفوذه، خاصةً إذا كان ذلك مترافقاً مع وجود أناس مستعدين لإرتداء العمامة الإيرانية السوداء و الضرب بسيفها المقدس.
7. الصراع القادم على المناطق الكُردية في سوريا هو بين تركيا و إيران، تركيا تسعى لجعلها إمتداداً للمناطق الكُردية التركية الهادئة و فسحةً تتنفس فيها، و إيران تسعى لجعلها بديلاً عن الهلال الشيعي العريض الذي سينكسر بسقوط النظام الموالي لها في دمشق، و بالتالي جعلها محطةً على الطريق الذي يبدأ منها و يمر عبر الجبال الوعرة لكُردستان للوصول منها إلى المناطق العلوية على الساحل السوري و بالتالي إلى حزب الله في لبنان، و ذلك للحفاظ على ما تسميه محور المقاومة، و إذا سارت الأمور حسب رغبتها فجعل تلك المنطقة مثل جبال صعدة أو جنوب لبنان أو القطيف، مصدر قلق و توتر لسوريا المستقبل.
تركيا تتهيأ للضرب في العلن، إيران تتهيأ للضرب في الخفاء، الوسيلة واحدة في الحالتين.
التعليقات (0)