في العلمانية حل لو تعقلون
لطالما شكل مصطلح العلمانية في العالم الثالث كارثة تستوجب الوقوف ضدها والنيل ممن يروجها ، العلمانية كُفر صريح وحاملها والمنادي بها كافر خارج من المله لأنه استورد فكرة تقف موقف الضد من الدين، هكذا تتم محاربة العلمانية فعصى التكفير طويلة ولقتل فكرة ما فلا ملاذ من إستخدام التكفير لقوة تأثيره وسرعة تفشيه، العلمانية مدخل الليبرالية وبابها الواسع الذي لا يضيق بأحد ، تكفير العلمانية سببه سياسي ذو منحى أيديولوجي علمه من علمه وجهله من جهله ،هناك امر يغيب عن ذهنية بعض دعاة العلمانية في هذا العصر الا وهو تسويق العلمانية على أنها منتج صالح للإستهلاك الآدمي من دون مقدمات ومقبلات تسبق تلك الوجبة الإنسانية الغنية بكل ماهو مفيد ، المجتمعات على دين ملوكها كما قيل قديماً وهنا تكمن المقدمات فالنظام السياسي هو من يُحدد اتجاه المجتمع ويضع له خطوطاً واضحه لكنه لا يفرض رؤية معينه بالمعنى القسري للفرض ، الأنظمة التي تتبنى أيديولوجيا ذات طابعِ ديني لا تستطيع تحقيق تنمية أو حياة سويه على الأرض فواقعها يختلف كلياً عن احلامها وهنا تتضح الفجوة العميقة بين الواقعية والمثالية ، الأنظمة ذات المنحى الديني تستمد شرعيتها من تأويل لبعض النصوص ومن العصبية الفكرية والمذهبية وهذا ثابتُ بالتاريخ القديم والحديث عكس الأنظمة السياسية العلمانية التي تستمد شرعيتها من صوت الشعب ومن برامجها التنمويه والعدالة التي تتبعها دون فضلِ أو منه ، هناك رأي جدير بالمناقشة يرى العلمانية على انها فاشية لا تقل تطرفاً عن الايديولوجيات المتطرفة الدينية والغير دينية ويرى ان الدول العلمانية العربية لم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام والعله في العلمانية كما يظن صاحب ذلك الرأي ، مثل ذلك الرأي وغيره صحيح نسبياً فعلمانية العرب تختلف عن علمانية الغرب والعلة ليست في العلمانية كفكرةِ ومنهج سياسي نهضوي شامل بل فيمن يُطبقها وينظر لها ويتفاخر بأنه علماني حقيقي ، العلمانية هي الفصل بين السلطات وتبني الخيار الدستوري وهي الحياد التام فلا عصبية ولا هضم للحقوق مهما بلغت درجة الاختلاف العلمانية مساواة ووقوف على مسافةِ واحدة من الجميع وهي بإختصار ما لله لله وما لقيصر لقيصر وهنا تتجلى المواطنة في آبهى صورها ؟
لنعد قليلاً إلى الوراء ونفتح كتب التاريخ لنرى كيف تخلصت أوروبا من مذابحها الدموية والتسلط السياسي والديني لم تستخدم التنظير ولم تميل صوب كفةِ على حساب أخرى بل داوت الجراح بمصل الفكر فكانت العلمانية السياسية هي الحل لمأساةِ استمرت عقود طويلة فنهضت ونهضت مجتمعاتها المتعددة في اعراقها واديانها وانتماءاتها الأيديولوجية ، معضلتنا تكمن في العصبية والرفض لمجرد الرفض رغم وجود تجارب تُثبت نجاح بعض الممارسات والخيارات فمشكلاتنا المتشعبه والتعصب والتطرف ورداءة التنمية ومخرجاتها ليست بحاجة لعمليات ترقيع وتجميل قدر حاجتها للعلمانية ففيها الحل لو تعقلون .
التعليقات (0)