من خلال تجاربي الحياتية ، وملاحظاتي اليومية لظواهر متكررة وشبه إعتيادية كما طلوع الشمس اليومي وغروبها ، أصبح لدي يقين راسخ بأن الفضيلة في حياة البشر تبقى نظرية أفلاطونية وشبه مستحيلة التحقيق على أرض الواقع ، لأن العلاقات الإنسانية ، وكذا التعاملات بمختلف أنواعها غير صريحة ، وغير صادقة ، وغير نظيفة ولا بريئة ، والأخلاق التي يتغنى بها (الأفاضل) هي كلمات مجردة ، والوصف بالكلمات قد لايمت للواقع بصلة ، خصوصا حين يتعلق الأمر بالهرمونات ، وبالطبائع البشرية ، وبالعلاقات الغرائزية بين الأجناس ..
وفي المقابل يمكن تبسيط الموضوع بالإبتعاد عن الأفلاطونية ، وعن اللف وعن الدوران ، ووصف العلاقة بين الرجل والمرأة ( مثلا) وصفا حيوانيا مادامت النحلة مبرمجة هرمونيا وإستشعاريا على القيام بدورتها في لعق رحيق الأزهار وتحويله إلى عسل مصفى فيه شفاء للناس ، ومادامت الزهرة مبرمجة أيضا عضويا وإستشعاريا وكميائيا على القيام بإنتاج الرحيق ليجتذب النحل ليقوم بتلقيحها لتستمر دورة حياتها كذلك ! ..
نجاح الرجل في الحياة مرهون بمدى حبه للنساء ، هكذا أخبرني أحد أصدقائي ، وقال بأن الرجال الناجحون هم عاشقون للنساء ، وأن نجاحاتهم تلك ماهي إلا محاولات بجهود جبارة لاستمالة قلوبهن ، ونيل حظوتهن وإعجابهن ، ما يعني فرصا أكبر للتنقل بينهن الواحدة تلو الأخرى في مشهد شبيه بمشهد النحلة والزهور !..
قد يكون صديقي على خطأ ، لكن إيلاف توفر أمثلة قريبة جدا من هنا عن مدونات الأخوات التي تعج بتعليقات هي أضعاف ما تحتويه مدونة أقدم رجل في المكان ، طبعا مع وجود إستثناءات قليلة جدا ، التعليقات التي يصطنع فيها الرجال الأخوة والأدب مع أنهم في الحقيقة مدفوعين بعاطفة قوية نحو كل ما يتعلق بالجنس الآخر حتى ولو كان كتابات ساذجة على طريقة المنتديات [وكل الود] ..
هناك معلومة تفيد بأن الرجال يفكرون في الجنس بمعدل كبير جدا خلال 60 ثانية فقط ، وأن المرأة لاتسيطر فكرة الجنس على عقلها كما الرجل ، ما يجعل الوصف متطابقا بين الرجل والنحلة التي لاتكتفي بزهرة واحدة في رحلة جمعها ، وبين المرأة والزهرة التي (قد) تكتفي بنحلة واحدة في رحلة طرحها !.. وهنا تتضح رؤية واقع أن الجميع يتعايش مع نفاقه ..
كانت لي نظرية قبل زواجي هي وليدة الحكايات التي كنت أسمعها عن أزواج يخونون زوجاتهم ، وكيف ينبغي عليهم أن يكتفوا باستحضار صور تلك النساء حين يجامعون زوجاتهم ، لأن ذلك أخف ضررا بحسب رأيي حينها .. لكن بعد زواجي وجدت أن النظرية مقززة جدا ، تلك التي تجعل من زوجتي دمية بروح أخرى ، قد لاتستحق أن أصرخ بإسمها بدل إسم زوجتي حين أصل للذروة ..
الموضوع ليس متعلقا بالجنس بقدر ماهو متعلق بـ (سويّة) التعايش مع مشاعرنا الدفينة ، ومحاولة تجسيدها بأنقى الصور لتكون دليلا على صفاء السرائر والخلفيات ، ولن يكون كل ذلك إلا بتجسيد الشعارات الأفلاطونية كالتحرر الذي ما نقرؤه إلا سفسطة بالكاد نستفيد منها ..
ـــــــ
تاج الديــن : 06 - 2010
التعليقات (0)