في السوق .. تعددية الجهات في السوق .. تعددية الجهات تربك العمل التجاري
هنالك أطراف عدة تلعب دورا مهما في إدارة وتنظيم السوق التجاري، وتعدد تلك الجهات يخلق الارتباك ولا يخلق التوازن المطلوب، فالتعدد لايكون في الجهات الرقابية ولكنه يكون في الآراء والتعايش الديمقراطي. ولعل من أهم تلك الأطراف: وزارة التجارة والصناعة المنظم والمدير للسوق التجاري وللاستيراد والتصدير، وزارة العمل المسؤولة عن إغراق البلد بالعمالة، هيئة الاستثمار، الغرف التجارية والصناعية، جمعية حماية المستهلك، هيئة المواصفات والمقاييس، هيئة الغذاء والدواء، جمعية حقوق الإنسان التي باتت مسؤولة عن ملفات كثيرة، مجلس حماية المنافسة، وسائل الإعلام تقوم بدور توعوي وكشف ورصد آراء الشارع، ديوان المراقبة العامة، هيئة مكافحة الفساد التي دخلت على الخط. جميع تلك الجهات لو تمعنا في أدوارها لرأينا التداخل العجيب في الأدوار، التعدد والتداخل يولد صعوبة في إدارة وضبط السوق خاصة في ظل عدم وجود آلية تحدد عمل كل جهة وحدود عملها، التداخل في الصلاحيات والتعدد أوجد أزمات أضرت بالمواطن وحققت مكاسب للتجار والمستوردين والموزعين فمن أزمة الحديد إلى أزمة الشعير مرورا بأزمة البلك وصولا لأزمة الأسمنت وليس آخر مثبتات السرعة التي كادت أن تودي بحياة مواطنين أبرياء لا ذنب لهم. وزارة التجارة وبقية الجهات تقوم بحل الأزمات وفق نظريات إدارة الأزمات التي من مبادئها تأجيل الحل. تجار البلد الغائبون عن مسؤولياتهم الاجتماعية الكبرى، وأقصد هنا مسؤلياتهم تجاه المجتمع، يستفيدون من مميزات عدة توفرها الدولة، ومنها: تأجير الأراضي بسعر رمزي، دعم الصادرات وتفضيلها في المناقصات، قروض ميسرة بلا فوائد.. ومع كل ذلك الدعم فإن المجتمع والوطن يتحصل على ما يلي: انخفاض معدل التوظيف في القطاع التجاري الخاص فالأفضلية للأجنبي، انخفاض جودة المنتج المحلي وارتفاع سعره، عدم وجود سلع تنافس في السوق الدولي وإنما كلها للاستهلاك المحلي، ارتفاع الأسعار بشكل متكرر وغير مبرر، مشاريع استهلاكية وليست صناعية كالبقالات ومراكز التسوق الكبرى والورش وغيرها، تلك المشاريع التي خلقت سوق التستر والمعروف اقتصاديا بالاقتصاد السري؟ رسوم الغرف التجارية التي تبلغ بالمليارات لا ندري لماذا وكيف يتم استثمارها، تداخل الجهات وتعددها أفرز إشكالات عدة، ولعل من أهمها غياب الشفافية وارتفاع الأسعار وانعدام الرقابة وترحيل الأزمات وضياع الاستثمار الناجح والمفيد، ونحن في زمن أصبحت معدلات البطالة مرتفعة والمنافسة غائبة يتوجب إعادة النظر في الأنظمة والقوانين وتوحيد الجهود وإعادة الهيكلة للقطاع الاقتصادي سواء التجاري أو الصناعي حتى ينعم المواطن بخير بلاده، وحتى نقضي على أزمات مختلقة بفعل التعدد اللامحمود، ولعل أعظم أزمة يواجهها المجتمع هي البطالة وارتفاع الأسعار الذي أضر بالطبقة الوسطى التي مع مرور الوقت بدأت في التلاشي، وفي ذلك خطر على الاستقرار المجتمعي؟ والحل يكون بالهيكلة الشاملة وتوحيد الجهود وإعادة صياغة الأنظمة المعنية بالاقتصاد. إعادة هيكلة الجهات الحكومية ووضع خطط شاملة مستندة إلى مبادئ ومقومات التخطيط الاستراتيجي الآخذة في الاعتبار المراقبة والمحاسبة هي الحل الأفضل والشامل لما نعيشه الآن من مشكلات اقتصادية وأزمات مختلقة.
التعليقات (0)