كل عام وحقوق الإنسان بخير. في مثل هذا اليوم 10 ديسمبر/كانون الأول 1948 ولد ميثاق حقوق الإنسان من رحم الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومع ذلك لم تضاء شمعة واحدة من الشموع الاثنتين والستين, لاحتباس الحقوق. لم تُقام صلوات استسقاء لهطولها, أو لاستدعاء ولو رذاذا منها, على المنطقة العربية التي تقيم الصلوات لله في هذا الشهر ليرسل الغيث بعد احتباس طويل.
قبل العودة لموضوعنا "الحماية الدولية لحقوق الإنسان ", الذي مهدنا له إلى الآن بمقالين سابقين.( متعمدين أن يكون التمهيد أطول بكثير من صلب الموضوع, لان واقعنا يشير إلى إننا ما زلنا قبل مراحل التمهيد فما بالنا بالصلب). ومع ذلك قد يتساءل القارئ بحق: ولكن كيف تكون الحماية الدولية لحقوق لم تلد بعد في منطقتنا !!!.؟ والمقصود الحقوق على الأرض وليست التي بشرتنا بها السماء وبقيت في السماء. فان كنا نفخر, منفوخو الأوداج, بأن أرضنا مهبط الديانات ومهد الحضارات, هل يستطيع احد, إن لم يكن مكابرا, الفخر, أو مجرد الادعاء, بأنها مهبط الحقوق ومهد للحضاري منها؟.
ومع ذلك لا نجد الموضوع ترفا فكريا وإنما ضرورة تقتضي الكتابة. وندعو للكتابة الدائمة فيه إن كنا نؤمن إن الإنسان بلا حقوق عبد لا يمكنه الكر والفر بمفهوم ابن شداد. ولا بمفهوم مارتن لوثر كنج.
لا يمكن أن يُجمع المؤرخون على أن هناك لحظة محددة لم تكن الحقوق والحريات قبلها موجودة أو معروفة, وبعد هذه اللحظة خلق المشرعون الحقوق والحريات من العدم. كما ان لا يمكن فصل هذه الأخيرة عبر التاريخ عن حركة الأفكار الثقافية السائدة, والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المهيمنة, والدينية المتعددة, والسياسية المتغيرة, وعن الأحداث المتعاقبة بشكل منتظم أو مفاجئ, كالتحولات الجذرية والثورات ..
معرفة التاريخ معرفة حقيقية ضرورة عند الشعوب الحية, منها تستخلص الكثير من الدروس والعبر. عند غيرهم معرفته ذاتية انتقائية, مضيفة إليه من خارجه ضروب من المثالية, تعيد صياغته أو تصنيعه بترميم متخيل صافي مصفى من كل الشوائب, فيخرج أقرب إلى القصص والحكايات الجميلة النبيلة التعويضية لمركبات النقص الحالية. مما يشد الجماعات التي فقدت بوصلة الاتجاه وأجندات الزمن, وكل مقدرة على العيش في الحاضر والمساهمة في بنائه, والإعداد للمستقبل, فيرون الماضي السحيق ملاذا, يحاولون الهروب إليه من الواقع الحالي هروبا تراجعيا إلى الخلف, وطلب النجدة وراحة النفس من السلف الذي هو الإنسان القدوة. القيم قيمه. والحقوق ما كان يراها. والقوانين أعدلها ما صاغه. وحمايتها ربانية. أما الحريات فالحديث عنها غير محبب وبغنى عنه لأنه قد يفتح فتحا جنسيا لا أخلاقيا.
المفهوم الحديث للحقوق والحريات الأساسية, مرتبط ارتباطا وثيقا بتطور المفاهيم الفلسفية والدينية في الفكر الغربي. بالمسيحية أولا التي أكدت على الكرامة الإنسانية. ووضعت مبدأ تقييد السلطة. حسب هذه العقيدة الدينية يستمد الإنسان حقوقه وحرياته من أصله كانسان, ومن غاية وجوده. خلقه الله على صورته. وعليه, يجب احترام الكائن الإنساني كانسان, وليس بصفته تابع للكل, سواء أكان هذا الكل مجموعة اجتماعية أم حاضرة cité.
في العصور القديمة antiquité كان يجد الإنسان سبب وجوده في الحاضرة cité, فلا يستطيع معارضتها بوجدانه أو معتقده الخاص. عكس ذلك ارتكزت المسيحية على الصيغة الانجيلية القائلة: "أعطي لقيصر ما لقيصر, ولله ما لله", وعليه فان مقاومة السلطة تصبح مشروعة.
كما انه مرتبط بنظريات العقد الاجتماعي والفلسفات المعاصرة لها والتي تجد أصلها في ا لقانون الطبيعي.
تبلور المفهوم الحديث للحقوق والحريات الأساسية في نهاية القرن 18 بمجموعة من إعلانات الحقوق ومنها: الإعلان الأمريكي للاستقلال في 4 تموز 1776, الذي أعلن إن الناس خلقوا متساوين ومنحوا من قبل خالقهم حقوقا غير قابلة للفصل عنهم, أو التصرف فيها. وفي فرنسا كان لإعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 أثره الكبير والواسع في بناء مفهوم حقوق الإنسان والمواطن ليس للإنسان الفرنسي فقط وإنما للإنسان أينما كان.
تطور هذا المفهوم, ليصبح كأساس للمجموعة القانونية, يفترض التمييز بين المبدأ القانوني الذي هو عام. والمبدأ الأخلاقي الذي يبحث في مسائل الخير والسعادة. وان لم يكن هذا التمييز قائما في العصور القديمة فانه اليوم مطلوب إن أريد, نظريا, لمفهوم حقوق الإنسان أن لا يحجب علم القضايا الضميرية. ( René Sèvre رئيس الجمعية الفرنسية لفلسفة القانون)
تميز المفهوم بخصائص أساسية كرسها العديد من تلك الإعلانات, منها: العمومية: universalisme الليبرالية libéralisme الفردانية individualisme والديمقراطية.
فالإعلانات التي عرفتها نهاية القرن 18 لم تعد تعتبر أن الإنسان المعني بالحقوق والحريات هو الإنسان الأبيض, الذكر. فقد وسعت المبادئ الديمقراطية دائرة المستفيدين من هذه الحقوق والحريات لتشمل الناس جميعا, وذلك بتعميم الحقوق السياسية, ومبدأ المساواة أمام القانون.
فمثلا, الحقوق التي جاء بها إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 كانت قائمة أساسا على القيم والمصالح البرجوازية في نهاية القرن الثامن عشر. وقد قاد لاحقا الانتشار المتواصل لمبدأ الاقتراع العام, وانتشار الأفكار الاشتراكية, إلى حقوق جديدة. حقوق اجتماعية تعمقت وترسخت بعد الحرب العالمية الثانية, سجلها الدستور الفرنسي في مقدمته لعام 1946 , وبعده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 على المستوى العالمي. فظهرت حقوق جديدة كحق العمل, وحق الإضراب, وحرية النقابات, وحقوق الحماية الاجتماعية, وحق التعليم. ومنذ 20 عاما كرست الدساتير القومية والنصوص الدولية حقوقا جديدة تهدف لحماية الأشخاص من كل تهديد مرتبط بأعمال الإدارة والسلطة. وأخرى متعلقة بحماية البيئة لحمايته فيها.
عالمية الحقوق بدأت تتطلب الحماية الدولية لحقوق الإنسان. مثل النضال ضد العبودية ابتداء من 1815 والحق الإنساني في اتفاقية جنيف للصليب الأحمر لعام 1864. بعد الحرب العالمية الأولى أنشأت معاهدة فرساي عام 1919 هيئة الأمم ووضعت ميكانيزم ضمان الحقوق المقررة في المعاهدات الدولية. وأخذت تراقب مدى التزام الدول المهزومة بتطبيق الحقوق المقررة للأقليات الدينية والعرقية والثقافية فيها.
بعد الحرب العالمية الثانية اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10ديسمبر 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, الذي انبثق كمعلم تاريخي في المسيرة الطويلة للبشرية. وعليه عقدت الآمال في تامين الكرامة المتساوية لكل مكوناتها. فمادته الأولى تعلن: " يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء". " لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما تمييز من أي نوع كان, ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون, أو الجنس, أو اللغة, أو الدين, أو الرأي سياسيا أكان أم غير سياسي, أو الأصل الوطني أو الاجتماعي, أو الثروة, أو المولد أو أي وضع آخر .. المادة الثانية".
لم يكن للميثاق بقيمة قانونية. ولكنه تبلور بميثاقين صادرين في 16 ديسمبر 1966: الميثاق العالمي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية. والميثاق العالمي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد صدق العديد من الدول هاذين الميثاقين. كما تم وضع برتوكولين لضمان وصول المستفيدين إلى حقوقهم المعلنة في الميثاقين المذكورين: برتوكول 16 ديسمبر 1966 وبرتوكول 10 ديسمبر 2008.
تضمن الميثاق الأول المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية فيما تضمنه من حريات وحقوق, الحق في الحياة. منع اللجوء إلى المعاملة غير الإنسانية والمهينة. الأمن. حرية التنقل. الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية. حرية التعبير. حرية إنشاء الجمعيات. حرية الاجتماع .الحرية الدينية .الحقوق السياسية, كحق الاقتراع والترشيح. الحقوق الضامنة. وبشكل خاص الحق في الدعوى المنصفة.
كما تضمن الميثاق الثاني حقوقا من طبيعة اجتماعية وثقافية مثل: الحق في العمل. في تكوين النقابات. حق الإضراب. الضمان الاجتماعي والصحي. وقد وضحت المادة 2 فقرة 1 من هذا الميثاق إن الدول تلتزم بان تعمل على تامين الممارسة الكاملة للحقوق المعترف بها بكل الوسائل المناسبة
و تتالت لاحقا المعاهدات الخاصة بمواضيعها : التعذيب. المعاملة غير الإنسانية (اتفاقية 10 ديسمبر 1984 المكملة ). بروتوكول 18 ديسمبر 2002 . والاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل (20 نوفمبر 1989 ). الاتفاقية المتعلقة بإلغاء كل أنواع التمييز ضد المرأة ( 18 ديسمبر 1979 ). والبروتوكول الملحق بها (6 أكتوبر 1999). هذا دون ذكر الاتفاقيات الأوروبية لحقوق الإنسان وحمايتها التي سنخصص لها مقالا خاصا.
تواجه الحماية الدولية لحقوق الإنسان عقبات أساسية لم يتم تذليلها. منها ما يقوم على مفاهيم دينية بدأت تأخذ في أيامنا هذه حدة واتساعا. ومنها مفاهيم متعلقة بنظرية السيادة والقومية.
فكيف يمكن القبول الشامل بحماية دولية لحقوق الإنسان من قبل من يربطون مشروعية حقوق الإنسان وكرامته الإنسانية بالمعتقد الديني, المعتقد المختلف فيه, وغير الموحد. ففي كل دين طوائف ومذاهب, وفي كل منها مفاهيم مختلفة للإنسان وعلاقته بغيره وبالمجتمع وبالدولة وبالدول الأخرى, وبطبيعة وجوهر وغاية هذه الحقوق والحريات. وكثيرا, انطلاقا من اختلاف المعتقد, ما يباح خرق حقوق وحريات وكرامة الإنسان التابع للمعتقد الآخر, ولا يعتبر ذلك جريمة. كما إن هناك الإنسان غير المؤمن بأي دين أو مذهب وهناك الوثني .. فكيف يمكن إذن إسناد المشروعية هنا إلى الدين وخاصة في غياب مفاهيم التسامح الديني والتعايش الصادق بين الأديان, وبينها وبين غيرها من المفاهيم التي لا تقوم على الدين؟. وضع المشروعية في الدين كأساس يكرس مفاهيم الإنسان المختلف عمن يخالفه المعتقد. الإنسان الذي لا يشبه إلا أبناء معتقده. وتنتفي عندها الصفة الإنسانية التي تجمع أبناء البشرية جمعاء لمجرد كونهم بشرا.
كيف يمكن عندها قبول حماية دولية لحقوق غير متفق على مصدر مشروعيتها ولا على جوهرها. كيف يمكن في هذه الحالة أن تكون عامة ومتفق على احترامها وتطبيقها ؟. آلا يعتبر جلد المرأة السودانية من قبل الشرطة بلباسهم الرسمي أي ممثلين لسلطة الدولة في الساحة العامة وأمام المارة, أو قطع يد السارق, مسألة خاصة تخص المجتمع السوداني تُنسب لقوانين وعقوبات مصدرها الدين؟ الا تبدو عندها الرقابة الحماية الدولية القائمة على القوانين الوضعية, غير المعترف بها أصلا, تدخل في المعتقدات الدينية؟. آلا يعتبر استنكار حكم أصدرته محكمة تقول بأنها إسلامية في باكستان, نفذه 4 قضاة بأنفسهم بالاعتداء الجنسي على فتاة, بالتناوب وأمام أكثر من ألف مشاهد, وبحضور والدها الذي أجلسوه في الصف الأول ليرى المشهد ثم يرسلونها بعد تطبيق العقوبة إلى بيتها عارية, بجريمة أن أخاها تحرش بفتاة من قبيلة أخرى. آلا يعني إن إي تدخل دولي مستنكر و مدان باعتباره تدخل في أعمال القضاء في تلك المنطقة, قضاء مستقل ينفذ قانونا دينيا, العين بالعين والسن بالسن ؟. إذا كان هناك اختلاف على طبيعة الجريمة, وتجريم أفعال مثل ارتداء ملابس فاضحة "البنطلون" ترتب عقوبات مثل الجلد, وأحيانا القتل. وعلى طبيعة العقوبة, فهناك العقوبة التي تهدف للقصاص من مخالفي تعاليم الله, وباسم الله. و العقوبة الهادفة لإصلاح الضرر الناتج عن الجريمة, وإعادة التأهيل لمرتكب هذه الجريمة , وإدخاله المجتمع من جديد, وقبوله فيه كانسان كامل الإنسانية. كيف يمكن التوفيق بين عقوبات وضعية تتخذ باسم الشعب, أقرت بعد دراسات غير منتهية, علمية ونفسية واجتماعية وقانونية لتبنيها وتحقيق الغاية منها. وأخرى تعتبر جاهزة مأمور بها من السماء الهدف من تطبيقها التقرب من الله والسباق لنيل مرضاته, بعيدا عن كل علم وعن كل معرفة بالعلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية وتطور العصر وتطور معطياته. هل عندها يمكن الاتفاق على الحماية الدولية للحقوق والحريات الأساسية؟.
العقبة الثانية المفتعلة هي السيادة بمفهوم الطغاة. فالمجازر الجماعية والفردية والقتل والتعذيب الممنهج والمستمر منذ عقود, كونه وسيلة للوصول إلى السلطة والاستمرار فيها, وطريقة للحكم. جرائم يراد حماية مرتكبيها باسم السيادة. واعتبارها شؤون داخلية لا تعني أحدا غيرهم, الهدف منها ممارسة السلطة واستتباب الأمن, لان الخصوم السياسيين الداخليين مرتبطون دائما بالخارج وعملاء له, وخطر على الوطن وسيادته. وقد يطلبون التدخل الخارجي باسم حماية حقوق الإنسان. وعليه فالأعمال هنا سيادية بحت, يُرفض فيها أي تدخل أو مراقبة أو مساءلة, حتى ولو بلغت درجة الأهوال والفظائع.
وكما أشرنا في المقال السابق فان الغيرة على السيادة تثور فقط عندما يشار إلى مثل هذه الماسي المتعلقة بحقوق الإنسان. التذكير الدولي ــ إن حصل ــ بضرورة احترام الطغاة لحقوق مواطنيهم, أو الإشارة للقوانين الداخلية التي تتعارض كليا, نصا وتطبيقا, مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعها الطغاة أنفسهم, باسم دولهم, يصبح هذا اعتداء على السيادة.أما فيما يتعلق بالتخلي عن حرية القرار في المسائل التي تمس الوطن ومواطنيه ومستقبله, فالأمر لا ينتقص من السيادة, لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون, وإنما يدخل في باب التعاون المشترك بأنواعه ولا يعيبه ان يكون بين الصغار, الصغار جدا, والكبار كبار جدا إلى حد تعطيل الموازين.
لا شك إن استغلال هذه الجرائم المرتكبة ضد حقوق الإنسان من قبل الدول الكبرى, أو الكبار, لخدمة مصالحها, إما بالصمت عنها, أو بالتهديد بكشفها أو التنديد بها, للضغط على مرتكبيها, من الصغار, للحصول على مكاسب اكبر, لا يمكن أن يكون اقل بشاعة من جريمة الفاعل نفسه, ولا يقل عن دور ومسؤولية الشريك, أو المتستر على الجريمة, أو المتخلي سلبا أو إيجابا عن إنقاذ الضحية, حتى ولو تحت ذرائع غير معلنة صراحة وغير معذرة (أقبح من ذنب في حقيقتها) : إن الإنسان غير إنسانها. وان مصالحها تقتضي ذلك. وإنها مسائل داخلية, هنا فقط !!. ولتذهب بعدها إلى الجحيم كل الاعتبارات المسجلة في النصوص الدستورية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
الوصول لهذه المصالح أسهل بوجود الطاغية من وجود ديمقراطية تعبر عن الإرادة الشعبية. هل يجب التذكير بالإمبراطور بوكاسا في إفريقيا الوسطى ودعم بلد حقوق الإنسان له ولاستثماراته المهربة من أموال فقراء وجياع بلده, أليست عندهم عائدات هذه الاستثمارات أهم من حقوق الإنسان الجائع. وهل يختلف الأمر عند العشرات والعشرات من أمثاله في المنطقة العربية, وان اختلفت الأسماء والأشكال, فيبقى الجوهر واحد, والنفاق السياسي الغربي واحد. فان كانت إحدى التهم الموجهة لبوكاسا, بعد التخلي عنه, بأنه من أكلة لحوم البشر طبخا, فان لحوم البشر في المنطقة العربية تأكلها السياط ضربا. ولا تهمة لأحد ولا تخل عن أحد .
الحماية الدولية لحقوق الإنسان لا تكون فقط بالنصوص الدستورية الداخلية أو الدولية مهما بلغت من الإتقان, فهي ليست إلا مجرد نصوص نظرية لا علاقة لها بالواقع, ولا ترقى لدرجة الحامي في ظل هذا الواقع.
الحماية الدولية لحقوق الإنسان إن لم تكن بأيدي من يهمه الإنسان قبل كي شيء, ويعنيه احترام القوانين المتعلقة به بالدرجة الأولى, وان لم يجر إبعاد الحماية القانونية عن السياسة, رغم صعوبة ذلك ولكن دون استحالته, فسيبقى "حاميها حراميها". وستبقى الحقوق منتهكة. والمساوم عليه هو الإنسان المفترض انه صاحب الحقوق المزدهرة جدا في النصوص.
يتبع
د. هايل نصر
التعليقات (0)