( 1 )
في الحقيقة أن قلمي لايمكنه أن يفقد توازنه تماماً وسيقط إلا حين الكتابة عنك ، وماأن يُزمّل
أول حرف من أنفاسك صفحتي حتى يذهب نصف جسدي بعيداً عني يتلصص عليّ من خلفي
فأحمل روحي على نفسي وأسافر بعيداً إلى عينيك أُزاحم فيهما كائنات الحزن والتوق ،
وأنحدر منهما إله متورط بخلقُك ، مشغول بترتيب موتٌ يليق بعبثُك في أوطانه وأرضه ،
وماأن تنتهي رحلتي منك حتى يفقدني نصفي الآخر من جسدي وروحي تنسلخ مني تتسلق
خطواتُك الأخيرة تجاه فشلنا الذي كان ينتظرك وراء دمك وصعلكتك !
( 2 )
في الحقيقة كان حس الحزن في صوتك بالغ الموت في أذني ، صوتُك الذي لم أسمعه بعد مازال عالقاً
في رئتيّ كُلما لفظتَ أسرارك بعيداً في أعماقي ، صوتُك الذي حين يأتي يضج العالم بالسكينة والهدوء
وتنصت شوارع حارتنا لحرارة بوحك وتتلصص عليّ أختي من خلف جدران غرفتي ، صوتك الذي حين يأتي
تهدهد الأرض سكانها بعناية أم فائقة حتى ينام الجميع وأسمعك وحدي !
( 3 )
في الحقيقة أنا أخاف عليك كثيراً فالطقس بارد والمطر مازال قادر على أن يبلل ثيابك ،
أخاف أن يطمس الطين ملامح جرحك فيصعب أن أتعرف عليك ، أخاف أن يغير المطر
رائحتُك التي لم أشمها بعد فلاتطاوعني ذراعيّ على معانقتُك وحين أرفض عناقك لن يصلك
نبضي بشكل واضح ، وأصابعي لايمكنها إلتقاط قلبُك لأنه لن يقع في أحضاني ، أخاف عليك
أن تصلني نسخة منك لاتشبهك تماماً فيتوالد من حُجْرَيْنا طفلة لاتشبهك كما أحب أنا !
( 4 )
في الحقيقة أنا أرفض الكتابة عنك ، لكن البارحة فقط وفي حديث طويل مع أحلامي تآمرتُ
عليك مع ضجري ولأني خنتُك لأول مرة في عهد غيابي عنك مع نصف الذاكرة التي تحتلها
أنت قررتُ التكفير عن ذنبي فبترتُ نصفي الملطخ بعشقك وقبل بتره طعنته مراتٍ عدة
بطرف مغامراتي معك ولففتهُ بأوراق الأرق الذي كان ينمو تحت سطوة عذاباتُك وإنتظارُك ،
ورميته في نهر ظننتهُ خالياً منك ، وحين أردتُ المغادرة إصطدم نصفي الآخر بلافتة زرقاء
تحمل إسم النهر ، وكان أسمه يحمل حروفاً نفس حروف أسمك تماماً !
( 5 )
في الحقيقة منذ اليوم الأول لإختناق مفاصلُنا بالحب ، كنتُ على يقين تام أنك ستغيب يوماً ما ،
لكني تعمدتُ مُمارَسَة لعبة حشو وسادتي بقصص العشق والغرام كما يفعلن صديقاتي الطيبات
مع عضلات قلوبهن كل ليلة ، لكن الفرق بين وبينهن أن عضلات قلبي كانت مثقوبة
والتجربة كانت ناجحة مئة بالمئة !
( 6 )
في الحقيقة حُلمنا لم يتجاوز هزة رأس من أسفل للأعلى ، غير أنه كان مُتماسكاً لأبعد درجة ،
فحين قرر السقوط إلتقط جميع أحاديثُنا المحمومة ولحظات خيباتُنا وسقط تعويذة جهة السماء ،
لذا هذا هو السر في عدم لجوء أحدُنا لطبيب نفسي يُجبِرُنا على إثارة خلايانا الغافية باليقظة !
( 7 )
في الحقيقة أفكر هذه الأيام بموت باردجداً جداً ، وأرغب في غسلي من شهوة الحياة
و عصري من بلل الحزن وأنشرني على حبل غسيل فاتن جداً جداً ،
أموت وروحي تلعب الغميضة معك حول جسدي المنشور ،
لأن الموت وحده القادر على بعثي لك !
( 8 )
في الحقيقة .. القصيدة الأخيرة التي عنونتها بأسمك
لم تحمُل كلمة واحدة حتى الآن ، مثل وطن مازال مُتعباً
يبحث عن أثر لأقدام نبي فوق رماله ... وكلما ترائت له الخُطى
يركض لبلوغ الأمنية ، إلا أن الريح تكون له بالمرصاد
تعانق أقدام الأنبياء جميعاً وترحل !
( 9 )
في الحقيقة .. رفضي أن يتعرى وجهك من النظارة
الزجاجية الشفافة في كل لقاء ، ليس لأنك تبدو أجمل معها ،
ولكن لأني أعشق أن أراني أتدفق مرتين في عينيك ،
فحين أنْبُت بُرعماً صَغيراً في الأولى ، أنضج منفاً أبدياً في الثانية !
( 10 )
في الحقيقة .. بعد تأمل طويل في تسعةِ حقائق أنيقة
كتبتها وروحي تلفظ أنفاسها الأخيرة من الأحلام
إتضح لي أنها لاتشبه الحقائق التي إشتهيتُ إقترافها يوماً ما
لِذا سأُطْبِقُ فَم الحِكاية ، وأنَام !
:
خلود عبدالله
التعليقات (0)