في استقبال عام جديد

استقبلنا عاما جديدا وودعنا عاما مضى بما فيه من أحداث وتغييرات قلبت الخارطة السياسية في المنطقة رأسا على عقب، أحداث لم يتوقعها أحد ولم ترصدها أكثر أجهزة الاستخبارات العالمية تطورا.
الربيع العربي انطلق من تونس الخضراء ليطيح بدكتاتور أذاق شعبه الويلات وأهان كرامتهم، وانتقلت رياح التغيير الى مصر لتهوي بعرش مبارك ويواجه مصيره أمام المحكمة، وتسلح الربيع العربي في ليبيا ردا على بطش القذافي الذي كان مصيره الاعتقال والقتل في جحر صغير. وقاوم صالح وبشار وتأجل مصيرهم الى 2012 لعل الثورة تطيح بهم وتكبلهم وراء القضبان قريبا.
والأهم من ذلك أن الربيع العربي تحول الى ربيع اسلامي، فاكتسح الاسلاميون مقاعد البرلمان في تونس والمغرب ومصر علما أن الثورة في ليبيا كانت اسلامية في طابعها العام.
عراقيا وكردستانيا لم تكن الساحة بعيدة عن تأثيرات ما حدث في المنطقة العربية، فعمت المظاهرات المحافظات العراقية، وخرج الآلاف من المتظاهرين في اقليم كردستان وفي محافظة السليمانية تحديدا مطالبين الحزبين الحاكمين بمحاربة الفساد والالتفات الى مطالب الجماهير والنزول من أبراجهم العاجية للشعور بمعاناة الناس.
وأبت العقلية الحزبية الضيقة في اقليم كردستان إلا أن تسجل وصمة عار أخرى أواخر عام 2011 بالهجوم على مقرات الاتحاد الاسلامي الكردستاني في محافظة دهوك بحجج واهية لتتكرر أحداث عام 2005 مرة أخرى بحرق مقرات هذا الحزب المدني المعتدل.
كما أن الساحة العراقية لم تنعم كثيرا بعد الحدث المهم المنتظر وهو انسحاب القوات الأمريكية حسب الاتفاقية الموقعة بين الجانبين، فانقلب المالكي على شركائه في العملية السياسية وطارد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ونائبه في رئاسة الوزراء صالح المطلك ليدخل العراق مجددا في دوامة الخوف من الحرب الطائفية.
وفي الأيام الأخيرة للعام الفائت ارتكبت القوات التركية مجزرة بشعة بحق مدنيين عزل من الشعب الكردي بحجة معلومات خاطئة وأودت بحياة ثلاثين شخصا ارتقت أرواحهم تشكو الى الباري ظلم العباد.
وهكذا ودعنا عام 2011 على أمل أن يشهد العام الجديد سقوط المزيد من أحجار الدومينو الذين استعبدوا شعوبهم وأن يعود الأمن والاستقرار الى الساحة العراقية وتسيطر روحية متحضرة على عقول القيادات السياسية في اقليم كردستان.