في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومكتب تنسيق التعريب واللجنة الوطنية المغربية للتربية والثقافة والعلوم ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب ندوة علمية في موضوع "العربية وتحديات العصر".
وأكد رئيس جامعة محمد الخامس السويسي الدكتور الطيب الشكيلي في الكلمة الافتتاحية لهذه الندوة أن اللغة العربية تشهد انتشارا كبيرا غير مسبوق، مضيفا أن ذلك يبعث على التفاؤل والارتياح، رغم كونها تعاني مشاكل وتحديات ذاتية وأخرى خارجية ناتجة عن العولمة كطغيان اللغة الواحدة والتنميط.
وأرجع الشكيلي أزمة اللغة العربية الحالية إلى واقع الأزمة المستشرية في مجتمعاتها العربية، ومؤكدا أن أكبر تحدي يعيق اللغة العربية مرتبط أساسا بإشكالية تعليمها وتعلمها، داعيا بالمناسبة إلى ضرورة مراجعة قواعد العربية وتيسير تعليمها وتعلمها، وإصلاح مناهجها التعليمية ووضع معاجم جديدة بإدخال ألفاظ وتعابير مساير لتطور العصر، إضافة إلى وضع معاجم علمية متخصصة والاهتمام أكثر بترجمة الكتب العلمية والتقنية.
في مداخل الدكتور عباس الجراري مستشار صاحب الجلالة، وعضو أكاديمية المملكة المغربية، أكد أن اللغة العربية في حاجة إلى أن تقاوم التحديات الخارجية التي فرضها العصر والعولمة، وهو ما يستدعي من العربية مسايرة المنافسة اللغوية حتى تحفظ مكانتها ضمن لغات العولمة.
وأشار أنه بالإضافة إلى التحديات الخارجية فإن اللغة العربية اليوم تعاني من تحديات داخلية ترتبط أساسا بموقف العرب من العربية، وإلى أي حد ما تزال تحتل مكانتها في تشكيل مقومات الهويات الوطنية، أم أنه بدأ التخلي عنها كمكون هوياتي رئيس.
ولم يفت الدكتور الجراري الدعوة إلى ضرورة معالجة اللغة العربية بما يسمح بالارتقاء بها لمواكبة تحديات التحديث والتطوير، ومواجهة المعوقات التي تعترض تطور بنية المتن اللغوي العربي من خلال جعل المصطلح اللغوي العربي يواكب التطورات العلمية والتقنية المستجدة، معتبرا ذلك أهم مشكل تعانيه اللغة العربية في العصر الراهن.
ولم تفت الدكتور محمد بنموسى مدير معهد الأبحاث والدراسات للتعريب الإشارة إلى أن تهديدات العولمة لا تطال اللغة العربية فحسب وإنما تهدد الخصوصيات اللغوية والثقافية لعدد من اللغات، وأضاف أن هذه التهديدات بات يستوجب مواجهتها بتطوير مناهج تدريس العربية بما يضمن تعزيز مكانتها وتنميتها داخل المجتمع.
وربطت باقي المداخلات مستقبل اللغة العربية بالتعاطي الجيد مع آليات العولمة، وبتكثيف الجهود وتوحيدها لتقديم حلول ناجعة لمختلف المشاكل التي تواجهها.
كما أجمع المشاركون على أن إحياء اليوم العالمي للغة العربية يبرز دور هذه اللغة ومكانتها في المجتمعات المعاصرة، كما أنه مناسبة لجرد الإكرهات والمعيقات التي تحول دون تطورها.
وأكدوا أن اللغة العربية تعكس ثقافة أصيلة وهوية وتراثا حضاريا، يتعين خدمتها وجعلها في مستوى التطورات التي يشهدها هذا العصر، وأن تعزيز استعمالها لتضطلع بدورها في مجال العلم والمعرفة وفي مختلف مناحي الحياة يعد واجبا وطنيا.
وأضافوا أن واقع اللغة العربية اليوم صار يفرض ضرورة تقويتها لتلعب دورها كوعاء للثقافة والحضارة الإسلامية والعمل على تجديدها، حتى تكون قادرة على التكيف مع المتغيرات وعلى مواجهة التحديات المطروحة أمامها.
وأجمعت باقي الكلمات على ضرورة تكثيف هذه اللقاءات لكونها تشكل فرصة للتفكير في الحلول الكفيلة بتمكين هذه اللغة من مواجهة تحديات العولمة.
التعليقات (0)