في إشراقة الديمقراطية
لم يبق بعد.. إلا أن نحترم الوعود
26 سبتمبر (6-299) 4/11/1982م
بالأمس القريب كانت كل ذات سابة.. ذات شأن في اتهام الدولة بمسئولياتها الكبرى عن حرمان المجتمع من ممارسة حقوقه الديمقراطية وعن أنها (أي الدولة) تستأثر بتصريف النواحي السياسية لنفسها، وتستحوذ على الجزء الأكبر من تكوينات القرار السياسي.
ودار كلام كثير حول المفارقات البعيدة بين الشعب، والدولة، وبين السائس والمسوس، الحاكم، والمحكوم، والثالث المفقود تماماً وهو الحكم،،!!
حتى انقسم الناس في قضية الديمقراطية لشدة ما اختلفوا حيناً، وخالفوا في أحايين أخرى حولها ولسببها، فبينما يذهب الفريق الأول إلى تعريف الديمقراطية بأنه تعني الوضع المتساوي بينه وبين السلطة.
كذلك فإن الديمقراطية في أطروحة الفريق الثاني لا تعدو كونها أدوار مسرحية تلعبها –التيارات السياسية- تعزى على فتح الوطن أمام صراعات متفاوتة لا تضع للوطن أي قيمة من احترام أو مصلحة.
وتبدوا الفئة الثالثة وهي التي تفسر الديمقراطية بالانسلاخ عن كل القيم وعن الأصالة وأنها تمرد موبق يعني الانزلاق والتردي وأنها ما يمكن الإطلاق عليه (بالكفر الردة)؟؟ لأنها في وجهة نظر هذه الفئة تجسيد للدعوة بإلغاء الفوارق الطبقية والمذهبية والعنصرية، وهي أمور تبعث على القلق لكونها انتزاع للصفات الاعتبارية العرفية الوراثية لفضل وسيادة، (ابن الأكرمين) على من سواه من الرعاع..!!أما عنها في حياة العامة من أبناء السواد الأعظم للشعب اليمني فقضية ما تزال تحمل لغة الرمز الغامض وخطوط البلد المبهمة، أقصد أن الديمقراطية إذا كانت ديمقراطية جماهير فهي تعني الوعي والتوعية الطويلة ومحاولات الترسيخ المتمكن لماهيتها.. وكيفية استخدامها وما هي الضرورات الأساسية المتعلقة بمستقبل المواطن، قبل أن تكون انفتاحاً سريعاً وأمراً مفاجئاً؟؟
نحن متفقون ألاً وقبل كل شيء أن الديمقراطية هي تتويج لإرادة الشعب وانتصار للثورة وأنها المطلب الجماهيري الملح.
لكن الذي ما يزال رهن المناقشة والتداول يمثل جانب الفهم الجماهيري لأبجدية الممارسة الديمقراطية ومن ثم ضوابطها..؟ ومقوماتها..؟ وفلسفتها الصحيحة؟ وهل هي امتزاج من قناعة جماهيرية بالقرار السياسي؟ وهل تخضع الديمقراطية لتوقيت زمني شعبي أم لظروف قيادي سياسي..؟
ففي الآونة التي تأتي فيها القيادة السياسية الديمقراطية يكون معنا في المقابل مشكلة انكماش الجاهير عن الاستيعاب والتقبل لحسن نوايا السلطة واستجابة القيادة لمتطلبات المناخ الديمقراطي الجماهيري.
وفي الوقت الذي تلغى فيه كل علامات الاستفهام أو القوائم السوداء أمام مختلف العناصر وتترك الحرية الكاملة قبالة قناعة الشعب في ممثليه وفي اختيار مرشحيه أياً كانوا مع ذلك تنكشف التجارب عن قصور كامل في المرتكز الأساسي للممارسة الديمقراطية (أقصد) الشعب.
لهذا فالديمقراطية في المجتمعات النامية من المشاكل العويصة التي تتلخص في عدم وجود ثنائي إيجابي..
إنني لا أراهن ولا أغالي بقولي في اليمن سلطة ديمقراطية كما أني لن أتخفى وأقطع بالنفي لوجود شعب غير مستعد لاستضافة الوجود الديمقراطي..؟؟ كما يجب.
لهذا لا غرابة في أن نتساءل عن دور الصفوة وبالأصح النخبة من الذين يم ينكفوا في يوم من الأيام عن التقمص بصورة الشعب التمسح دائماً بدورهم النضالي في المطالبة بتوفير الفرص أمام الشعب والمطالبة بحريته المكبوتة وديمقراطيته المسروقة.. وحقوقه المنتهكة. وواقعه المزري من الذي وقفوا مع الثورة ثم ما لبثوا وأن انتفضوا عيها، أو الذين تصدو للثورة لأنها كانت تعني القضاء على مصالحهم وانتزاع حق من حقوقهم في السيطرة والتربع على العرش العاجي الذي كانوا فيه، ولما أفلسوا في المواجهة انتقلوا إلى واجهة أخرى وعلى نحو مما يفعله الميكروب الغير مرئي (البلهارسيا).
ومن هنا نود أن نعرف ما غاب عن أدراكنا طيلة هذه المرحلة من النشاط الديمقراطي.
نود أ، عرف، بلى.. نتعرف. عن كيف يمكن أ، يكون دورهم كما قالوا.. في خدمة الشعب.. وليس في خذلانه.. والتذاكي عليه.
ونريد أن نفهم بالفعل ما المغزى من تأثرهم بالطريقة الأوروبية الدعائية الحديثة والعصرية على الناخب اليمني؟
ثم هل يعني ذلك أننا نملك مرشحاً من الدرجة الأولى الراقية، ونملك ناخباً بالدرجة الحادية عشرة أي بعد التخلف بكثير؟؟
أولاً أنا لا أنصب من نفسي شخص للدفاع عن الدولة ولا عنصر الاتهام للأخوة الذين طالبوا ويطالبون بالديمقراطية لممارستها بطريقة الملصقات.. وتعليق الكلمات المعسولة لاستدرار عاطفة الجمهور حيناً وآونة بواسطة الدعوة الرنانة.
لقد قال لنا أولئك المرشحون في الدورة الانتخابية الأولى للمجالس البلدية ما قاله الخلف الصالح..
وسيان السلف أم الخلف فقد أعجفت كل الوعود وتبخرت كل الصبابات.
ورأينا أن الأوائل قد مرروا كذبة الشعار الوعد على مدى 3 سنوات هي من عمر الثورة ولكنها ليست من الثورة في شيء.
إننا ونحن بصدد الدعوة إلى مجتمع الوعي لم نقطع الثقة بالوجوه الجديدة التي تؤهل نفسها لمكانة المجالس البلدية.
ونشير بالمثل إلى أن الدولة مشكورة ربما تلافت الكثير من أخطاء الموسم الأول بواسطة الاستنتاج الكلي والمقارنة بين ما هو إيجابي وما هو سلبي في طبيعة عمل الموسم الأول لتجسد الإصابة والدقة عبر الاستفادة مما سبق والتطلع نحو قانونها التنظيمي الجديد للمرحلة القادمة من العمل الوطني في نطاق المجالس البلدية.
ولكي لا نشع روح اليأس نعبر عن الثقة الكاملة من أن المجالس البلدية هي خطوة واعية تخطوها القيادة السياسية نمو الغد الأفضل والمستقبل المشرق وندعوا كل ذي شعار ووعد إلى احترام الوعد.. وأن لا يقول قائل ما لا يفعل.
التعليقات (0)