مواضيع اليوم

في " إنسداد" النفـوس !

عبدالسلام كرزيكة

2010-07-15 12:22:41

0

هل سبق وأن كنت جالسا على مائدة الطعام ، فجرى بينك وبين أحد الأقارب حديثاً سدّ نفسك عن الأكل ؟ .. أم هل سبق وأن حدث لك مثلما حدث معي مرة وأنا أتصفح موقع (اليوتيوب) ، حيث طلع لي مقطع فيديو لجماعة (ساديّة) تتفنن في تعذيب إمرأة مسكينة ، وتنكل بجسدها الخائر ، والمنهك ، والعريان ، والممزق بالسياط وبالكهرباء ، المرمي على الإزفلت ، تحت أقدام (الأباضايات) الذين يرسلون مقاطع (تخنثهم) تلك إلى المعرض العالمي ؟!.. مشهد مروّع سدّ نفسي عن النت ، وجعلني أغلق جهاز الحاسوب بسرعة ، وأفر بعيدا في محاولة للتعايش مع ذلك الإنطباع السيء حول (المسميات الفاضلة) ، التي يجعلها أصحابها غطاءاً براقاً ورناناً لـ (أسوإ الممارسات) ، وأقلها إنسانية ، وأكثرها شذوذاً ؟! ..
ووضوح الصورة العامة لتلك الممارسات ، وعرضها (على اللي يسوا واللي مايسواش) ، كلها لم تجبر أصحابها على الكف عنها ، أو حتى التخفيف منها ، ربما لأنه لاتتم مقاطعتهم من طرف الأغلبية المتضررة (نفسيا وجسديا وحتى روحانيا) ، أو ربما لأنه لا يتم تأديبهم من طرف الجهات القادرة على ذلك .. لتتزايد أعداد ضحاياهم ، وتطول قائمة المفقودين ! ..
وبما أن قضية (المفقودين) ساديّة من نوع آخر ، تمارسها (جهات نافذة) في أنظمتنا العربية ، فإننا نكتفي بالتعريج عليها ، لتفادي (التأثير القوي) لـ (صدمة مزمنة) نخففها عنا بما أوتينا من  ميراث كتب ، وأحاديث ، وطقوس ، وروحانيات .. فالفقيد (نزار النهري) : ـ مدون متمكن ، يؤمن برسالته التدوينية في إرساء قواعد الحوار الحضاري ، وترسيخ رؤية (الآخر) المختلف ، الآخر (الإنسان) ـ .. كانت آخر كلماته (عندما يغتالون رغبتك في التدوين) ، لتكون إعلانا عن فقدان (ولو مؤقت) لفكر نحتاجه بيننا ، لأنه يزيد من شرارة البحث والتنقيب ..
رحل نزار بعدما صرّح بالسبب الذي لم يتعدى صدمات متتالية كان يتلقاها من بعض الإخوة المدونين ، سدّت نفسه عن المتابعة ، وأفقدته (شهية التواصل) .. والحق أن غالبية المدونين يشكون من تلك الممارسات القاسية لأقلام تنحت تماثيلا للسقاطة ، والصفاقة ، والبذاءة ، تعجز عن نحت مثيلاتها للقيم ، والمبادئ ، والفضائل ، تصول وتجول في ساحة المدونات تتقيأ هنا ، وتتبرز هناك ، جاعلة من المكان مكبا لنفايات (لاسويتها) ، ومخلفة صدمات متفاوتة لدى أصحاب الضمائر الحية ، وأصحاب التعاملات الراقية ..
فالنفس تفقد شهيتها للحياة حينما تصادف مشهدا مقززا في اللاإنسانيات .. وحين تتعرض لصدمة قوية بصواعق اللاأخلاقيات .. فتنآى جانبا ، وتلوذ بالصمت ، حتى تستعيد توازنها ، و تعيد مراجعة حساباتها ، وتتمكن من إمتصاص صدمتها الآنية ـ من سلسلة لامتناهية من الصدمات ـ ، والتعايش مع نتائجها وتأثيراتها السلبية ! ..

ورغم وجود (الدعم الإيجابي) المتمثل في ميكانيزمات الصبر ، والجلد ، وغض الطرف ، إلا أن للجانب الأخلاقي (حساسية خاصة) تؤثر على النفس البشرية  بكل سهولة ، وبسرعة فائقة ! .

 

رابط الصـورة

ـــــــــ

تاج الديــن : 07 ـ 2010

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات