فيلم شاليط بين فكر القسام ونقد الزهار
بقلم/ حسام الدجني
أثار عرض الفيلم الكرتوني الذي عرضه موقع كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ردود أفعال كبيرة في الأوساط الإسرائيلية، وتحديداً بين الأوساط الشعبية، التي تتعاطف مع الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية جلعاد شاليط.
بلغت مدة الشريط الكرتوني مائتي ثانية، ولكنه حقق ما لم تحققه سنوات من المفاوضات الغير مباشرة بين حماس وإسرائيل، لذا اعتقد أن مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي هي من أنجع الوسائل لتحقيق الأهداف، وهنا تأكيد من أن القسام يمتلك زمام المبادرة، فهو اليوم يرسل من خلال شريطه برسالة مفادها أن شاليط سيفرج عليه ضمن صفقة تبادل سواء كان حياً أم ميتاً، وبالتأكيد هنا القسام يقصد موت شاليط الطبيعي، وليس القتل، لأنه ليس من الأخلاق الإسلامية إساءة معاملة الأسير، فما بالك قتله، وهذا ما ظهر جلياً على وجه وصحة جلعاد شاليط عندما نشرت كتائب القسام شريطاً يوجه فيه شاليط رسالة إلى مجتمعه مقابل الإفراج عن أحد عشر أسيرة فلسطينية، وسميت الصفقة حينها بصفقة الحرائر.
إن كتائب القسام هدفت من بث الفيلم الكرتوني، تقديم الدعم للوسيط الألماني والمصري الذي سئم من مماطلة الحكومة اليمينية بزعامة نتانياهو، وحسم الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي الذي تختبئ خلفه الحكومة الإسرائيلية بأن حماس هي من تعطل الصفقة، وأن إسرائيل قدمت تنازلات مؤلمة من أجل الإفراج عن جلعاد شاليط، وبذلك الشريط يحاكي الرأي العام الإسرائيلي بأن الثمن المطلوب مقابل جندي من جيش الدفاع حي وبصحة جيدة، لا يقدر بثمن، وعلى الحكومة كسب الوقت وإبرام الصفقة فوراً، لأن جلعاد شاليط كان يدافع عن حدود دولة إسرائيل.
قد يسبب الفيلم الكرتوني حرجاً للقيادة الإسرائيلية، فأبناء القادة الإسرائيليين هم في أحضان آبائهم وأمهاتهم، بينما يعيش جلعاد شاليط بعيداً عن حضن أمه وأبيه، وهذا قد يدفع القيادة الإسرائيلية إلى إعادة التفكير في مطالب حماس، واعتقد أن الأسابيع القليلة قد تشهد تقدماً في الصفقة.
إن ما ذهب إليه الدكتور محمود الزهار من وجهة نظري هو استكمالاً للفيلم الكرتوني، حيث يمتص الزهار أي تداعيات سلبية للفيلم، كونه يؤثر على نفسية ذوي الأسير شاليط، ومن خلال تصريح الزهار نقرأ سياسياً التأثير القوي على القيادة الإسرائيلية، والتي على ما يبدو رفعت شكوى للوسيط الألماني والذي بدوره قد يكون أجرى اتصالاً مع الدكتور محمود الزهار، ولذلك خرج الزهار في تصريحه ونقده للشريط.
في الختام وصلت الرسالة، وحقق الفيلم أهدافه، وخرجت حماس من إحراج سياسي كونها تنصلت من الفيلم، ولكن ما يجب أن يعلمه الجميع، أن صفقة تبادل الأسرى اقتربت، وأن إسرائيل ستدفع الثمن كاملاً للمقاومة الفلسطينية، وأن الرأي العام الإسرائيلي الذي خرج اليوم بالآلاف ليطالب حكومته بالإفراج عن شاليط مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وصلته الرسالة، وهنا أخاطب الساسة في إسرائيل، أن لا يقتلوا مستقبل جلعاد شاليط، فأن يخرج جلعاد اليوم أفضل له ولأسرته من أن يخرج غداً.
كما يعاني المجتمع الإسرائيلي من أن له أسير لدى المقاومة فنحن لنا آلاف الأسرى، وآلاف الآباء والأمهات تنتظر أولادها بفارغ الصبر.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)