عندما اعلنت الادارة الامريكية عن اكتشاف محاولة لاغتيال سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن , وجهت اصابع الاتهام مباشرة الى شخصين مهمين في ايران هما المرشد الاعلى علي خامنئي والجنرال قاسم سليماني قائد قوات القدس .
قيل الكثير عن فيلق القدس , الذي صار من حيث العدد قوات وليس مجرد فيلق المعروف عدد قواته في التنظيم العسكري , نظرا لما قام به من اعمال ونفذ مخططات في العديد من الدول المجاورة لايران , مثل العراق وافغانستان وتركيا ولبنان وسوريا والكويت ,ودول بعيدة مثل الصومال ودارفور ونيجيريا واليمن .
من المتعارف عليه ان فيلق القدس هو احد التشكيلات العسكرية التابعة للحرس الثوري الايراني , الذي تشكل بعد الثورة عام 1979 , ليكون البديل للجيش الايراني المشكوك في ولاءه للثورة , كونه من بقايا نظام الشاه . وقد تطور فيلق القدس من حيث العدد والمعدات والتدريب , وخاصة على عمليات الارهاب ضد القوى المناهضة لنظام ولاية الفقيه , وكان له دور كبير في ملاحقة العناصر المعارضة داخل ايران وخارجه , واغتيال اعداد كبيرة منهم مثل شابور بختيار في باريس , وعبدالرحمن قاسملو في فينا , اضافة الى تدبير مصادمات مكة المكرمة عام 1987 , ومحاولة تفجير الحرم المكي عام 1986 , وتفجيرات الخبر عام 1996 .
تطورت مهمات الفيلق بعد انتهاء الحرب بين العراق وايران التي دامت ثماني سنوات 1980 ـ1988 , بقبول نظام خميني قرار مجلس الامن الدولي 598 القاضي بوقف اطلاق النار , وقبول ذاك القرار كان بمثابة كأس السم الذي تجرعه خميني مضطرا . بعد انتهاء الحرب انطلق فيلق القدس لاداء مهمات خارج ايران , وبالذات في الدول المجاورة .
برز دور فيلق القدس بعد عام 2003 , اي بعد احتلال العراق من قبل القوات الامريكية ,وبرز معه دور قائده الفريق قاسم سليماني . فهذا الرجل
عمل في الحرس الثوري , مسئولا عن العمليات الخارجية للحرس , ومطاردة العناصر المعارضة لنظام خميني .
تركزت مهمات فيلق القدس اضافة الى تنفيذ العمليات الارهابية , في ابرام صداقات مع الشخصيات النافذة في البلدان المجاورة لايران , ومع الاحزاب والهيئات الاجتماعية والخيرية . وعلى سبيل المثال اقام الفيلق مستوصفا في مدينة الكاظمية في بغداد , لتقديم العلاج للمرضى , وجعله مكان لايواء عناصر الفيلق , كما تم تجنيد هادي العامري قائد فيلق بدر التابع للمجلس الاعلى الاسلامي الذي يتزعمه اليوم عمار الحكيم . كما تم تجنيد اعضاء المجلس المحلي في مدينة البصرة ومنحهم رتبا عسكرية ورواتب مالية مجزية , ومن اجل اسكان العدد الكبير من عناصر فبلق القدس الذين يقدر عددهم 32 الف عنصر , تم شراء 2700 وحدة سكنية في العراق وخاصة في النجف وكربلاء والمدن الاخرى .واقام علاقات مع عدد من نواب البرلمان العراقي لتأييد مواقف ايران عندما يتم بحثها في اجتماعات المجلس .
تاتي اهمية الفيلق بعد ان صارت تبعيته الى مكتب المرشد الاعلى خامنئي بدلا من تبعيته الى قيادة الحرس الثوري , وهذا هو السر في اتهام خامنئي وقاسم سليماني بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن .كما تأتي اهمية سليماني من علاقته المباشرة مع خامنئي ومع كبار الآيات في نظام ولاية الفقيه , حيث سمح له بحضور اجتماعات مجلس الخبراء في الشهر الماضي ( ايلول ) الخاص ببحث الاوضاع في سوريا بعد اشتعال الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الاسد . كما تكمن اهميته من خلال الصلة الوثيقة بينه وبين وزير المخابرات ( اطلاعات ) . والتنسيق فيما بين الجهازين لتنفيذ العمليات الارهابية في الدول المجاورة لايران . وفيلق القدس صار مسئولا عن الفيلق الخاص بالخليج العربي , وله فروع في دول الخليج العربية . ومن بين مهماته توثيق الصلة مع الفنانين والصحفيين ومسئولي الحمعيات الخيرية , ومن خلالها تقام معارض الكتب والمهرجانات الفنية , والمعارض التجارية , وتسيير لجان الاغاثة في حالات الكوارث وغيرها من الاعمال التي تظهر نظام الملالي بالمظهر الايجابي والانساني .
اما عن دوره في محاصرة مخيم اشرف في العراق , فهو دور كبير ومركب , حيث يختلط فيه العمل العسكري والشعبي والمخابراتي والفني والنفسي . فهو ينسق مع المنظمات الارهابية التابعة للاحزاب الطائفية في العراق , لحشد الناس في مظاهرات شعبية ضد سكان اشرف , كونهم " طارئين ومخربين " , وكذلك التنسيق مع المخابرات الايرانية والقوات التابعة لمكتب المالكي لنصب الكمراب ومكبرات الصوت لمراقبة الاشرفيين وازعاجهم .
عندما تنتهي المهلة التي حددها المالكي لاخراج الاشرفيين من العراق , سيكون لفيلق القدس دور كبير في الولوغ بدماء الاشرفيين , وكما تم ارتكاب المجازر السابقة تحت علم وسمع القوات الامريكية , ستتم المجزرة المقبلة تحت علم وسمع الادارة الامريكية ايضا . وهذا تواطؤ ملحوظ من الادارة الامريكية مع نظام الملالي في ايران ,مقابل اقناع حكومة المالكي لابقاء قوات امريكية في العراق بعد انتهاء المدة المحددة لانسحابها نهاية العام الجاري وفق الاتفاقية الامنية الموقعة بين حكومتي بغداد وواشنط
التعليقات (0)