مواضيع اليوم

فيسبوكيات بريئات

يوسف رشيد

2011-10-12 15:39:32

0

  أيمكن أن يكون كل ذلك مصادفة ؟! 

 

أنا لا أعرف ، لكني لا أستطيع أن أحسن الظن .. ولا يمكن أن يكون كله داخلا في المجالين : النفسي والمجتمعي السلبيين .. 

ولو انتقلنا إلى التشخيص الدقيق ، لوجدنا كمّا هائلا متنوعا من الأسئلة الاستفتائية الاختبارية الفيسبوكية ، على الطريقة " الأمريكية المباركة " التي شاعت مؤخرا ـ وتحتاج الإجابة عنها ـ كما يقولون ـ إلى " قوة قلب " .. 

 فما عليكم إلا أن تقووا قلوبكم ، وأن تحسنوا اختيار وانتقاء الجواب من الخيارات الممنوحة لكم ، بكل المحبة والأريحية والكرم الأصيل .. 

 

(( وهذه نماذج أسئلة هنا ، منسوخة " بعَجَرها وبَجَرها وبدمها الطمثي " ، وبأخطائها الفاقعة إلى حد الضَرَس )) ..

  

ـ هل يتحول الحب إلى كراهية ؟؟

ـ هل خانك صديقك أو حبيبك ؟؟

ـ هل كذب عليك حبيبك أو صديقك ؟؟

ـ هل التضحية مطلوبة في الحب ؟؟

ـ هل أنت مع أو ضد الحب من النظرة الأولى ؟؟

ـ ( حب بلا خيانة ) ( صداقة بدون مصالح ) الشباب أيهما أكثر خيانة ؟؟

ـ بتعرف تساوي فورمات لكومبيوترك لحالك ؟؟

ـ في رأيكِ : أفضل المواقف تتمنينها في لحظة رومنسية مع حبيبك هي :

تحت المطر يحميني بمظلته .

في أحضانه أمام مدفأة في الشتاء .

في أحضانه يوم فرحكِ .  

ـ إذا في شخص لزق فيك وأنت مو طايئو شو بتعمل ؟؟

ـ لو صار ئلك مجال تغير اسمك .. بتغيرو ؟؟

ـ أنت مع أو ضد أنه الواحد يحط أبوه بس بكير بدار العجزة ؟؟

ـ إذا كنت متضايق شو أول شي بتفكر تساويه ؟؟

ـ هل الخيانة سبب كاف للطلاق ؟؟

ـ هل ارتكبت أخطاء لم تسامح نفسك عليها حتى اليوم ؟؟

ـ هل أهدافك المستقبلية واضحة ؟؟

ـ في شي مرة عملت تبييض لأسنانك ؟؟

ـ أحلى لعبة ( شدة ، كوتشينة ) ... ؟؟

ـ شو رأيكم باسم دينـّا ؟؟ " المقصود : ديننا " .

ـ شو أطيب أكلة من هدول الأربعة ؟؟

ـ كم نسبة حبك لريال مدريد ؟؟

ـ أكبر سبب بخلي المرأة تخون زوجها ؟؟

ـ هل أنت مع الزواج المدني ؟ يعني أي شب من أي دين فيو يتجوز أي بنت من أي دين ؟

ـ من هو أهم رمز ثوري في العالم في القرن العشرين ؟ 

ـ إذا انخطبتي بشكل تقليدي وبعدين لقيتي فتى أحلامك شو بتعملي ؟؟

ـ أنتي من أي نوع من البنات ؟؟

ـ  في ظل الظروف الاقتصادية الجديدة هل تغيرت سياسة إنفاقك على نفسك أو على البيت والأسرة ؟؟

ـ إذا اكتشفت أنو الماما عمبتخون البابا شو بتعمل ؟؟

ـ بصراحة : حسيت / ي حالك حقير شي مرة ؟؟

ـ للمحجبات : ليش أنت محجبة ؟؟

ـ شو رأيك أنو سوريا تكون دولة علمانية ؟؟

ـ للبنات : إذا حبيتي رجال واكتشفت أنو متزوج ؟؟

ـ كيف تعبر عن غضبك ؟؟

ـ لو كنت مصادق بنت وانفصلت عنها وشفتا مصادقا شخص غيرك بتغار ؟

ـ هل تؤيد منع مكبرات الصوت في المساجد والأجراس في الكنائس احتراما للحريات الشخصية ؟

ـ هل أنت مع إعادة مادة الفتوة واللباس العسكري ؟

ـ هل يعيب امرأة أن تكون مطلقة ؟؟

ـ هل أنت شخص تحب تامر حسني ؟

ـ هل تحترم الديانات الأخرى في مجتمعك ؟

 

وهناك عدد لا متناه من الأسئلة المتنوعة ، بدءا بـ " المحرمات " الأخلاقية والسياسية ، وليس انتهاء بمثيلاتها الاجتماعية والسلوكيات الفردية ..

 

هذه النماذج غيض من فيض آسن و " كطعم العلقم " ، ولا أستطيع الحكم عليها ، ولا على توجهاتها ، ومقاصدها " النبيلة " ، وغائيتها الآنية والمستقبلية ..

أهي مجرد تسلية لا غير ؟؟!!

أيمكن أن تبلغ بنا السذاجة والسطحية هذا الحد ؟؟!!

ومرة أخرى : أهي بريئة بالفعل ؟؟!!

إن قسما كبيرا منها يحمل من الخبث والخديعة ما يحمل ، خاصة في موضوع السؤال ونصه ، وفي شكل تلقي الجواب ، وفي أنواع الاختيارات المتداولة .. فيستسهل " الفيسبوكي " الإجابة وهو متكئ ، و"يطج كليكه " بثقة عارمة ..

لكنه أحيانا ، وقبلئذ ، قد يصفن ، ويفكر ، ويبدأ الـ " serch " في أعماق ذاته عن شيء من هذا القبيل ، ليدعم جوابه ـ نفسيا ـ بما يؤيد الحالة الموصوفة ..

وقد يكون رد الفعل على السؤال ، هو تماما ، المطلوب تحقيقه من وراء طرحه .. وقد يكون ثمة أمور أخرى :

فيبحث عن الكراهية التي أنسته الحب ودمرته ..

ويبحث عن الخيانة التي أصابت منه مقتلا بطعنة في الظهر ..

ويبحث عمن كذب عليه ، فيلتهب الجرح ويعيد استرجاع لحظته المريرة التي سببت له ألما ، بالكاد نسِيَه ..

وينقـِّب في ذاكرته عن مواقف صديقه ويقرنها بما سمعه من فلان وعلان ، فيتشوش وترتبك قاعدة المعلومات لديه ، وتتداخل وتشتبك الفيروسات في تلافيفه ، حتى يستوي وينزل " نيفا " مثل " القـَشة والكوارع المسلوقة " ، فلا ينجيه من ذلك كله إلا :

الفرمتة ..

وما أدراك ما الفرمتة !!

ولأن " الحب " ـ كحالة إنسانية عامة ـ يجب أن يكون الحالة الإنسانية " الافتراضية " بلغة الكومبيوتر ، فيجب أن تحل في الصدارة ، في سلم الأولويات القيمية ، التي تساعدنا جميعا على الاحتفاظ بالحد الأدنى من السلوك الإنساني : الخلاق والمبدع والمنفتح والمتسامح والمتجاوز لمطبات القرون السالفة وحواجزها ، كي نطمئن على مستقبل الأجيال وطاقاتها ..

ولو نظرنا في موضوعات تلك الأسئلة وأخواتها ، لوجدنا أنها ذات وجهين ، كالعملة ، ينعكسان " بردا وسلاما " على المتلقي :

وجه ظاهري : هادئ ، واثق ، بريء .. يوحي لك " بحريتك المطلقة " في الاختيار ..

ووجه مستور : استفزازي ، مُنطوَط ، خبيث ، يجبرك على أن " تختار " ما يُراد منك عبر صيغة السؤال ، ومحدودية خيارات الإجابة الموَجَّهَة إلى الهدف المقصود .. 

وبنظرة سريعة على النماذج أعلاه ، يمكن تثبيت كلتا الصفتين ، كما يمكن إضافة صفات أخرى تترابط معهما ..

وفي كثير من الأسئلة ، نجد تعزيزا لمفاهيم فاسدة أو سيئة أو دخيلة ، أو لم نعتد على تداولها وعلانيتها على الأقل ..

كما تتم عملية تحويل الفضائل إلى رذائل ، أو بالعكس ، وتكريسها كقيم ناجزة ، لا تقبل نقاشا ولا تشكيكا ، كونها معروضة " افتراضيا " على أنها من أكثر " القيم " " بداهة " ، فمن باب أوْلى أنها لا تحتاج لأدلة ولا لبراهين لإثبات يقينيتها ..

وربما تكون هذه من أخطر الأخطار الناجمة عن هذه " الفيسبوكيات السعيدة " ، لاسيما حين يسجل لك الآخرون إجابتك عن سؤال معين ، ثم يواجهونك بها ، ويحشرونك في الزاوية إن قلت لهم : لم أكن أعني ذلك في جوابي ..

عندها يتهمونك بشتى التهم التي تجرُّها عليك ، وتسبِّبُها لك " كليك " طائشة ، ربما ..

وأخيرا : هل يحتاج كل ذلك ـ برأيكم ـ إلى " قوة قلب " حقيقية ؟؟

أم يحتاج إلى " قوة قلب " منطوقة باللهجة الفلسطينية الرائعة ؟!.

إننا بحاجة لتنفيذ الإجابة عن سؤال وحيد :

ـ كيف نسيطر على الكراهية ونحتويها ، ونحولها إلى حب حميم ؟؟

 

عشتم ، وعاشت الأمة الفيسبوكية ..

 

الأربعاء ـ 12/10/2011





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !