بدأ صيف جديد عصف بلهيبه منذراً بمزيد من البطش، يلاحقنا علنا نفيق وينتهي صبرنا ونجد حلاً لانفسنا يقينا حره وقسوته، ويدفعنا لنطالب بحقوقنا المسلوبة، فمعجزة الكهرباء التي اصبحت مخجلة الى حد لا يمكن السكوت عنه، مليارات صرفت، وزراء تغيروا، موظفون يتاقضون رواتب عالية جدا جدا جدا، ونحن دولة من دون كهرباء، القرن الواحد والعشرون والتطور يدخل في جميع الميادين ومفاصل الحياة، صار الوصول الى القمر امراً طبيعياً وسهلاً وربما سيصلون الطاقة الكهربائية اليه، ونحن أغنى بلدان العالم، ميزانيته 100 مليار دولار سنوياً..
يمتلك ثاني اكبر احتياطي في العالم من النفط، عاجزون عن توفير الكهرباء، وعن اسكات صراخ اطفالنا وهم يتلوعون ويتقلبون لا يستطيعون النوم ونحن في الايام الاولى للصيف فكيف بقادم الايام، يقال والعهدة على القائل "ان ما صرف على الكهرباء، أو على أمل ان توفر الكهرباء اكثر من خمسة مليارات دولار"، هذا المال الوفير لم يسهم في اضافة ساعة واحدة تجهيز! بل بالعكس الأمر في تناقص مستمر ... واسأل ماذا لو قامت الحكومة المركزية، مثلا، بتوزيع قرض مقداره نصف مليار دولار اضافة لميزانية كل محافظة من بالغ الميزانية الانفجارية لتتكفل كل حكومة محلية بتوفير الكهرباء الى محافظاتها شرط ان تؤمن 24 ساعة تشغيل في الصيف للمواطن، وترتب عقود ومدة زمنية لا تزيد يوماً تلزم الحكومة المحلية بارجاع النصف مليون في حال لم تتمكن من تحقيق الشرط، وهذا سيخفف الضغط عن الحكومة المركزية، وهو قرض يسترجع الى خزينة الدولة فيما بعد، حتى نجعل الحكومات المحلية تواجه موضوعة الكهرباء والمواطن يفهم بعد ذلك ويشخص الخلل... عندها يحق له ان يتظاهر ويسخط ويسقط حكومته التي لم تلتزم بالايفاء. المبلغ سيكون كبيراً، وقد يعيق عمل الحكومة في تسديد نفقاتها ومتطلباتها، لكن هي ضرورة وان توقفت جميع المشاريع السوداء والبيضاء كالأرصفة وتبليط الشوارع التي ارهقت كاهل الميزانية، فنحن الدولة الأكبر استهلاكا للارصفة برغم اننا لا نستخدمها كثيرا، الشعب يستحق ان تصرف من اجل راحته اكثر من سبعة مليارات دولار، بدل ان تذهب الى افواه السراق والحرامية والفاسدين، قليلا من الحياء فلا نسبة ولا تناسب ميزانية انفجارية ورواتب ضخمة ومشاريع عملاقة ولا تستطيعون ان توفروا المقدار الكافي من الطاقة ليتمتع بها الناس ويأمنون في بيوتهم ويستظلون بها من حر الصيف اللاهب والقاتل... سيقول قائل ما الفرق في ان تتبنى الحكومة المركزية أو الحكومة المحلية توفير الطاقة الكهربائية؟، أقول: هناك أكثر من 15 محافظة اي اكثر من 15 حكومة محلية الا توجد بينهم حكومة محلية واحدة شريفة تفي بوعودها وتحقق المطلوب؟ الجواب هناك بالتأكيد حكومات محلية نزيهة وشريفة، لنفرض جدلا ان حكومة المحافظة (س) استطاعت تأمين الكهرباء وتوفيرها بالمبلغ نفسه، عندها تكون بقية المحافظات ملزمة بالسير على طريق (س) وتنتشر العدوى بين المحافظات وإلا ففي حال وفّرت محافظة أو محافظتان وعجزت بقية المحافظات فهنا المشكلة في الحكومة المحلية التي تستحق ان يطرد اعضاؤها بل ويسجنون، فضلا عن ان الحكومة المركزية تعتمد حصراً على وزارة الكهرباء وهي عاجزة منذ عشرة اعوام وميتة لانها يستحيل ان توفر الكهرباء، اما اذا قسمنا الجهد على جميع المحافظات فبدل ان تفكر وزارة بكادر عاجز تفكر اكثر من 15 محافظة كيف توفر كهرباء بهذا المبلغ وبهذه المدة... وللمحافظة الحرية الكاملة في التصرف من دون الرجوع الى الحكومة المركزية على الاقل في مسألة التجهيز، تأتي بالطاقة من اسرائيل تشتري مولدات، تعتمد على المياه المهم ان ينعم الناس بالكهرباء؟ والأهم من هذا كله هو الاختصار الزمني، فلو جاءت شركة وتم التعاقد معها لتغطية جميع المحافظات العراقية تكون ملزمة ببناء طاقة كهربائية عملاقة وتبديل كيبلات وغيرها، اما اذا اقتصرت على المحافظة تكون المهلة اقل قياسا بالسعة.
بغض الطرف عن المبلغ المقروض للمحافظات لما يجب فيه من مراعاة السكان والدور الذي تمثله، فلا يعقل ان تقاس محافظة البصرة على سبيل المثال أو الموصل بغيرها من المحافظات الصغيرة، وهنا نستطيع ان نحول هذه المشكلة الى حل، بالاعتماد على ما متوفر حاليا من طاقة، فكم محافظة تستطيع ان تؤمن الطاقة الحالية الفعلية، فلنقل نصف المحافظات، يبقى النصف الآخر تعطى له المبالغ ليتمكن من ايجاد حلول لمحافظته، شرط ان تكون المحافظات التي تجهز نفسها غير مرتبطة بالشبكة الكهربائية الرئيسة اي تكون هناك خصوصية واستقلالية في توفير الطاقة للمحافظة فقط، وهو ما يهون الأمر، فالناصرية على سبيل المثال على ارضها اكبر محطة في الشرق الأوسط ولا تحصل على اربع وعشرين ساعة تجهيز، تذهب الى المنطقة الخضراء والحمراء.
أما عن عجز وزارة الكهرباء فقد كتبت فيما سبق مقالاً طلبت فيه بيع وزارة الكهرباء أو خصخصتها، شركة أو تاجر أو دولة صناعية كبيرة ومعروفة نبيع لها الوزارة وتبيع لنا الكهرباء، اقل مواطن اليوم يدفع 50 الف دينار تقريبا، وهناك من يدفع شهريا 200 الف دينار ويكون حالها حال وزارة الاتصالات ألم يعدم الهاتف النقال الهاتف الأرضي حتى كدنا ننسى ان هناك هاتفاً ارضياً، أو ان هناك وزارة اسمها الاتصالات، وزارة الكهرباء ميتة والحكومة مصرة على ان تضخ لها كميات من المليارات لانعاشها لتتمكن من القيام بواجبها فهل سيستمر ذلك من دون حل ؟.
المسؤول لا يشعر بألم المواطن ولو تحمل ما تحمل لاشعل النار في وزارة الكهرباء، قصور مكيفة سيارات مكيفة حمامات مكيفة، كيف يشعر بما يعانيه المواطن من حر؟ اعتقد اذا ما سألت احدهم من اكثر برداً العراق أم موسكو لقال لك ليس هنالك من فارق. يقع على عاتق كل كاتب شريف وكل مسؤول شريف ان يسعى لايجاد حل وان يتناول قضية الكهرباء حتى الأغنياء واعضاء مجلس النواب الذين لا فرق لديهم اذا توفرت أم لم تتوفر يجب ان يتناولوا هذا الموضوع لاننا سئمنا هذا الوضع فكل طفل لا يستطيع النوم وكل مريض وكل حامل وكل طالب وكل شيخ وكل عامل وكل سائق تاكسي وكل انسان حتى الصحيح ممن يعانون حر الصيف يطالبونكم بتوفير الطاقة الكهربائية فاغيثوهم ويكفي ان تهملوهم وتتجاوزون حقوقهم... وتذكروا وعودكم ابان الانتخابات.
التعليقات (0)