فياض الفلاح الكرمي ..

فياض الفلاح الكرمي ..

د . سمير محمود قديح
/ أصبح سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية الأكثر إثارة للجدل بصمته وعمله ، فقد استطاع أن ينجز ألف مشروع في الضفة الغربية خلال ثلاثة أعوام وهو مستمر في افتتاح المشاريع الحيوية استعدادا لإقامة الدولة الفلسطينية بعد عامين ، واستطاع أن يوفر الأرضية والبنية التحتية للدولة الفلسطينية في مختلف المجالات ومنها إرساء دولة القانون والمؤسسات واحترام الحريات .
ألف مشروع أنجزها فياض وتعتبر هذه المشاريع النقطة البيضاء المضيئة في السلطة الفلسطينية .
ويمكن القول أن سلام فياض الرجل الأكثر حضوراً وسط الجماهير الفلسطينية ، فهو يزور قرى نائية يترفع مدراء عامون عن زيارتها ويتناول طعام الإفطار مع الأسر الفقيرة في المخيمات والقرى ويرقص ويدبك مع الناس ويفتتح المستشفيات ودور المسنين وحدائق وأبار مياه وملاعب كرة وشوارع ويدعم القضاء والفقراء واحتياجات الناس والمقاومة الشعبية وحق اللاجئين ووصول المياه إلى كل بيت .
فياض يقول بطريقته الخاصة انه يبني الدولة التي يعتقد أنها يمكن أن تتحقق خلال عامين ويقول في مجالسه الخاصة ما لم يعمل احد كما يجب ، فانا سأعمل
ويقول عبد الله أبو رحمة منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في بلعين أن فياض أسهم بشكل كبير في دعم صمود الناس ومواجهتهم للاحتلال وأوضح : صرف مليونا ونصف مليون دولار مشاريع لبلعين فأنهى مشكلة المياه وبنى مدرسة بنات وعبّد الشوارع، وهذا يساعد الناس على صمودهم هنا ما دامت المقومات الأساسية موجودة إذن نحن سنبقى وسنقاوم. ووصف أبو رحمة تضامن فياض مع قرية بلعين بأنه غبر مسبوق من مسئولين قبله وأضاف: خلال عامين زارنا 7 مرات.
وقال أبو رحمة أن سلام فياض ريفي من طولكرم، وهو متواضع أكثر بكثير من مديرين عامّين في السلطة.
تجربة سلام فياض الناجحة تشبه إحدى التجارب العربية الناجحة عندما قرر الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أن يعطي الأولوية وكافة الاهتمامات بالنهوض بالاقتصاد التونسي الناشئ بعد الاستقلال فكلف الخبير الاقتصادي الهادي نويرة برئاسة الوزراء لمدة عشر سنوات وخلال تلك السنوات العشر الحساسة في تاريخ تونس الحديثة خلال تولى الهادي نويرة رئاسة الوزراء لم تعرف الحكومة سوي لغة الأرقام حتى أصبح الناس في الشارع التونسي يتندرون على الهادي نويرة ويطلقون عليه تسمية الهادي نسبة مئوية وذلك لان كل خطبة السياسية كانت عبارة عن أرقام تتحدث عن نسبة النمو في الاقتصاد التونسي والمشاريع والاستثمارات وكانت تلك السنوات العشر أساس النهضة الاقتصادية الحديثة لتونس وما يزال الاقتصاد التونسي يسير على هدى الأسس الاقتصادية التي أرساها الهادي نويرة حتى الآن .
وفى أواخر السبعينات انعقد اجتماع محافظي البنوك المركزية العربية في تونس والقي الهادي نويرة كلمة قال فيها إذا كان الكلام نافذا في سوق عكاظ فانه ليس له وجود في المعاملات المالية ، فقد لخص في كلمته سياسته ونفور بعض السياسيين وبعض العامة من لغته الاقتصادية في مخاطبة الشعب ودافع عن سياسته بأنه يحدد أمام الشعب المصلحة الوطنية بالأرقام وبالنسبة المئوية ، وبعد أن أصاب الهادي نويرة مرض العضال اضطر للاستقالة وبسبب تقدمه في السن وقد أشرف على منتصف السبعينات من العمر في حينها تم تكليف شاعر وأديب برئاسة الوزراء وهو محمد مزالي باع الناس كل صنوف الكلام وحول جلسات الحكومة إلى سوق عكاظ فانتهي الأمر بإقالته في ليلة ظلماء .
من حق أي مواطن أن ينتقد سلام فياض ، فهو ليس فوق الانتقاد ولكن ليس من حق أي كان إعاقته عن الانجازات التي يقوم بها ، فهي انجازات ملك للشعب والشعب أحوج ما يكون لهذه المشاريع والانجازات .
إن تواضع سلام فياض يثير الإعجاب ، بل انه أصبح حديث الناس في الضفة الغربية الذين يتابعون بترحيب وإعجاب زياراته إلى القرى والمخيمات والمدن وكيف يشارك الناس في جني الزيتون وحتى حراثة الأرض ولا يترفع أن يمسك المحراث الذي يجره حمار ويشمر فياض عن ساعديه مشاركاً الفلاحين حراثة الأرض ويتسلق أشجار الزيتون ويجني الثمار بكل بساطة الفلاح الفلسطيني الأصيل ، بينما نجد بعض المدراء العامين في وزارات السلطة يتعاملون مع المواطنين بكبرياء وغرور ويكادون يرتدون القفازات عندما يريدون السلام على مواطن .
إننا نعتقد أن سلام فياض يؤسس لمرحلة جديدة يعلمنا فيها كيف يتعامل المسئول مع المواطن ، وهذه المرحلة بدأت فعلا ومن يعتقد أنها لم تبدأ سيجرفه السيل من أمثال بعض المدراء العامين الذين عفى الزمن على مرحلتهم ولن يكونوا إلا نقطة سوداء في ذاكرة الشعب .