رحم الله الزعيم عبدالناصر .. فلم ولن أنسى ذكرى ميلاده لأننى مولود فى نفس اليوم وهو اليوم الذى إحتفل فيه عبدالناصر بآخر عيد ميلاد له وهو 15 يناير 1970 وها هو والدى يتوفى قبل ذكرى وفاة عبد الناصر الأربعين بثلاثة أيام بالتمام والكمال .
فى كتابه ( عبدالناصر .. والذين كانوا معه .. ) للكاتب الصحفى "حسين قدرى" والذى قام بعمل حوار فى مجلة الإذاعة والتليفزيون بعنوان "هو .. والذين كانوا معه ) بعد وفاة عبدالناصر مباشرةً يحاور فيه زملاء ودفعة عبد الناصر فى الكلية الحربية ، وبعدها كلفته مؤسسة مصرية رسمية بإستكمال هذه الحوارات لتكون كتاباً يصدر يوم ذكرى ميلاد عبدالناصر بعد ثلاثة شهور فى 15 يناير 1971 وسلم المؤلف الكتاب للمؤسسة لنشره ولكن الكتاب – وكما يقول ناشره الأول المرحوم كمال الدين رفعت فى مقدمته - عاد لمؤلفه مع إعتذار بأن المؤسسة لا تستطيع نشر الكتاب فى الوقت الحالى لأسباب خارجة عن إرادتها ، ودار المؤلف بكتابه على كل دور النشر فى مصر وكان الرفض والإعتذار بالقول " لأسباب خارجة عن إراتنا" وتهور ناشر قطاع خاص فأخذ الكتاب لينشره ، لكن الكتاب سُحب من المطبعة - بالأمر – بعد أن طُبعت الملزمة الأولى منه بالفعل ، ووصلت حكاية هذا الكتاب لدور النشر فى بيروت وليبيا وتلقى مؤلفه حسين قدرى أكثر من عرض لنشره هناك ، فرفض كل العروض مُصراً على أن الكتاب لولم يصدر من مصر بلد عبدالناصر فإنه لن يصدره من أى بلد آخر ، وتمر خمس سنوات كاملة على الموعد الذى كان مفروضاً أن يصل فيه الكتاب للقارىء ، لكنه لم يصل إليه إلا الآن –بعد خمس سنوات - ومن القاهرة بلد جمال عبدالناصر .
ويحتوى الكتاب على شهادات زملاء ودفعة الزعيم الراحل عبدالناصر فى الكلية الحربية ، ومواقفه معهم بعد أن أصبح زميلهم رئيس للدولة ، ويقول المؤلف فى تقديم طبعة الكتاب الثالثة .. فى 28 مارس عام 1946 مات أبى ، وفى 28 يوليو 1959 ماتت أمى .. وفى 28 سبتمبر عام 1970 مات أبى مرة أُخرى .. مات جمال عبدالناصر ويقول أيضاً أن الدكتورة سهير القلماوى هى التى طلبت منه تكملة حواراته مع أصدقاء عبدالناصر ووعدته بأن يكتب المقدمة للكتاب وزير الثقافة بنفسه ، وأعطى الكتاب للدكتورة سهير القلماوى ووعدته بأن يتلقى بروفة الكتاب بعد أسبوع ليراجعها قبل الطبع ، وتلقى إتصال من الدكتورة بعد ثلاثة أيام وذهب فرِحا وقد عاد ومعه الكتاب كله وليس البروفة !!
ويتفق جميع من حاورهم المؤلف وعددهم 38 زميل لعبدالناصر على أن الزعيم الراحل كان رزيناً وهادىء الطبع مع إحترام ملحوظ للغير وهذا ما أكسبه ود جميع من عرفوه أو تقابلوا أوعملوا معه ، وله مواقف ظهرت فيها شجاعته مع زملاءه ومنهم العميد أ.ح أحمد أنور ، وكان لمّاح وذكى وذاكرته قوية ولم يكن متجهماً كما تصوره بعد الأفلام والمسلسلات ، كان يدرس قراراته ويسرع فى إتخاذها بجرأة ووطنية ، كان يجتمع بالساعات مع كل سفير جديد لمصر يذهب لدولة أو جهه مهمة مثلما ذكر السفير الجديد لتشيلى السيد صلاح الدين بدر .
لقد أطلق عبدالناصر على زميله اللواء فيما بعد عبدالمجيد أبو العلا ( عبدالمجيد تست تيوب ) وهذه لها قصة أخرى ، وأطلق على اللواء بالمعاش أحمد فهمى إبراهيم إسم "جوسكا" أى الرأس الأسود وكان هذا هو إسم البطل الحبشى المشهور الذى شن حرب عصابات ضد الإستعمار الأيطالى فى الحبشة قبل الحرب العالمية الثانية ، لذلك كان ملماً بالأحداث وليس كمثل كثير من زملاءه .
وقد إحتفلت الدفعة كاملة ومعهم الرئيس عبد الناصر باليوبيل الفضى لتخرجهم فى أغسطس 1963 فى قصر "أنطونيادس" بالأسكندرية وأعطى كل واحد من زملاءه صورة له كبيرة بعد أن طلبوا منه ذلك ووقع لكل منهم عليها فبدأ يوقع ويكتب التاريخ 1/8/1963 وعندما جاء الدور على اللواء أحمد فهمى ابراهيم كتب التاريخ 2/8/1963 فظن اللواء أنه نسى أو أخطأ وقال له يا أفندم 1/8/ 1963 فإبتسم عبدالناصر ورفع يده اليسرى لكى يرى الساعة وهو يقول لأ يا جوسكا .. إحنا عدينا نص الليل وبقينا يوم 2 /8 .
الكتاب فيه من الحكايات الشيقة الكثير والكثير ، والمهم أن الشهادات جاءت بعد وفاة عبدالناصر لذلك فإن تلك الشهادات بعيدة تماماً عن النفاق .
ومن ناحيتى فإننى أؤمن بأن عبد الناصر كان زعيماً وطنياً يعمل لصالح الوطن ولكن القوى الغربية تعادى وتحارب ذلك النوع من الرؤساء لقد جاء عبدالناصر فى زمن لا يستحقه ، وعلينا أن نلاحظ أن كبار المثقفين فى مصر والذين دخلوا سجون عبد الناصر تجدهم الآن يحبون عبد الناصر ويتندرون على أيامه ، لأنهم يعلمون أنه كان يعمل لصالح الوطن وكرامة المواطن ، وعلى سبيل المثال موقف الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم والروائى جمال الغيطانى والكاتب اليسارى صلاح عيسى .
وهناك حكاية يجب أن تقال وهى تخص شخص " إنتقل لرحمة الله " تربطنى به صلة قرابة وقد قرأت منذ شهور أنه كان من ضمن تنظيم الضباط الأحرار من القطاع المدنى ، وقد قال والدى رحمه الله منذ فترة طويلة أن المهندس ذو الهمة الشرقاوى كان زميلاً للزعيم عبدالناصر وقد عرفت منذ يومين فقط أن والد الرئيس عبد الناصر كان صديقاً لوالد المهندس ذو الهمة وقال لى من كان على صلة بالمهندس ذو الهمة الشرقاوى أن أسرتيهما كانتا تعيشان فى دمنهور فى فترة من الفترات وهم صغار وعلمت أنه فى فترة خلافات عبدالناصر مع الإخوان تم القبض على المهندس ذوالهمة بسبب إنتمائة للإخوان ، وهناك إحتمال كبير أن يكون عبدالناصر قد دخل جماعة الإخوان فعلاً قبل الثورة ، وبعدالقبض على المهندس ذوالهمة ذهب شقيقة الكبير الحاج محمد الشرقاوى لمقابلة الرئيس عبدالناصر فهم يعرفون بعض منذ كانوا صغاراً وقابلة وقال له عن إعتقال شقيقه فقال له عبد الناصر روّح إنت وذو الهمة حيكون المغرب معاك ، وفعلاً تم الإفراج عن المهندس ذو الهمة الشرقاوى ، لذلك فإن عبدالناصر لم يكن ليتأخر فى إصلاح ما يعرفه من مساوىء أو ظلم طالما قد عرف به ، ولنا فى قصة شطبه لإسم العميد أبو غزالة – المشير فيما بعد – من كشوف التقاعد بعد أن وصلته بسبب كلام أبو غزالة وتحميله النكسة للقيادة ، ونظراً لكفاءته أعاده ناصر للخدمة نعرباً عن تفهمه لوطنية المشير أبو غزالة .
التعليقات (0)