....ستلت ما يطمنس...قالها هذا الصغير ولم يكن متجاوزا الحقيقة فقد كان شكل الرجل مريبا فعلا لكثافة شاربه وأنفه الضخم وعينيه المفتوحتين وغلظة صوته وخشونة كلماته...وكانت يده فاقدة الإصبع السبابه وجلبابه الأزرق دليلا على أنه جزار في أغلب الظن.. وقد ثبت ذلك للصغير فيما بعد...لم يكن هذا الصغير يعلم أن ذلك الرجل سوف يلازمه ليلا ونهارا في بيت أمه الجميلة حيث أن يوم الخميس القادم هو يوم الدخلة...مات زوجها في حرب 73 وترك وراءه عربة الفول التي طالما تناول أهل الحارة إفطارهم وقوفا إلى جانبها وأمام كل واحد منهم طبق الفول بالزيت وفحل البصل والرغيف البلدي ...تعود عمال البناء أن يتناولوا إفطارهم اليومي عند حسن الفوال بنكهته المحببه قبل مزاولة العمل في عمارات الإسكان .....ورثت صبرية عربة الفول وخبرة الزوج الراحل وأضافت إلى الفول نكهة أخرى أحلى وخلطتها بكلماتها المعسولة وجذبت إلي عربتها حتى الذين لا يحبون الفول....تسابق المعلم أحمد الجزار والأسطي حامد على الفوز بقلب صبرية ولكنها أعطت قلبها في النهاية للمعلم أحمد..الخميس القادم هو يومك يا معلم !! قالها أبو السيد نجار الموبيليا في حارة الشيخ عمر في حي المغربلين...سأله المعلم أحمد : ما خلصتش أوضة النوم ليه يا عم ابو السيد؟ ...النهارده التلات ما بقاش غير يومين عا الفرح؟.... بعدين لو ما خلصتهاش حا نخش عالأرض؟ !! قال ذلك في صوته الخشن ولكن المعلم أبو السيد كان يعرف طيبة قلب المعلم أحمد... وهو عازم على الانتهاء من العمل مساء الأربعاء....ومساء الأربعاء جاءت عربة الكارو حاملة سرير العريس ودولاب أربع ضرف و2 كومودينو وتسريحة ومعها كرسي دوارهدية للعروسة ..وتحية للعروسين وضع في درج الكومودينو علبة بودرة وعطر البنفسج وعودين بخور من مولد الشيخ عمر...كان الترتيب أن يذهب بشير إبن المرحوم حسن الفوال في أسبوع العسل إلى الخالة شهد في حارة زهدي الموازية لحارة الشيخ عمر لمدة أسبوع واحد ليخلي الجو للعروسين...وسوف يذهب إلى بيت الخالة شهد بحجة حضور مولد سيدي عمر صاحب المقام مع العم صالح زوجها...كان بيت العم صالح عبارة عن غرفتين واحدة للنوم والأخرى للمسافرين ...وكانت الغرفة في أيام مولد الشيخ عمر تمتلئ بالقادمين من الأرياف من أقارب صالح لحضور المولد حاملين معهم الضحية لتذبح عند المقام وتكون طعاما لكل من أراد الضيافة والزيارة .. ...ثم كانت المقارنة بين فول المعلم حسن ولحوم المعلم أحمد...ولم نعرف نتيجتها حتى الآن
التعليقات (0)