فوبيا الشيخوخة!

علي جبار عطية
الأربعاء 18-12-2013
    طباعة المقال      Print

اقلب البيت الشعري المأثور ظهراً وبطناً لعلي اجد فيه ضالتي فلا اجدها!
يقول : الا ليت الشباب يعود يوماً
                فاخبره بما فعل المشيب
وطبعا لن يعود الشباب بل لن تعود اللحظة التي مرت الان عند الكتابة وفي اثناء قراءة هذا العمود!
 وما قيمة اخبار الشباب لو عاد وما الفائدة العملية من بث شكواك الى ماض قوي وجذوة مشتعلة واحلام عريضة هي الشباب وانت تتلقى في المشيب وجبة من الهموم والغموم والامراض والاعباء الحياتية ومن ذلك ان الجندي في نقطة التفتيش  يطلب هويات الركاب فاذا مددت يديك الى جيبك قال لك لا داعي ياعم فانت رجل عجوز !
 تتكرر الحالة في سيارات اخرى مع الركاب الذين لا ينفكون عن مناداة من هم في مثل عمري بـ (حجي) مع اني لم اتشرف بحج بيت الله الحرام وتجد من يناديك بخالي او جدي وانت صابر لاتستطيع ان ترد على كل احد بانه مازالت في العمر بقية وأن العمر في البلدان المتقدمة يبدأ بعد الستين وكان متوسط عمر العراقي قبل التسعينيات بين السبعين والثمانين وانخفض في السنوات الاخيرة ليكون بين الستين والسبعين فضلا عن انك ضحية من ضحايا الحكم الشمولي فقد سرقت الحرب والحصار والتجويع والارهاب اعمارنا وفي محطة من محطات التأمل لا يجد المرء في يده شيئا مما عاش ويتذكر عمره واذا به مثل حلم في ليلة صيفية!
 ان اكثر ما يؤلمني ليس الاحساس بالشيخوخة فهي مرحلة لابد من الوصول اليها شاء المرء أم أبى ولكن الذي يحزن هو هذه الفاصلة الزمنية الكبيرة التي يضعها المتحدث معك وهو يخاطبك باسلوب يشعرك وكأنك عاصرت نهاية الدولة العثمانية وشهدت دخول الانكليز الى العراق مطلع القرن العشرين .. ربما هو يقصد الاحترام واظهار الوقار لكنه وقار مؤلم يجعل المرء يشعر بالغربة الزمانية والمكانية معاً!
 انه احساس مرير لا يشعر به الا من تجاوز عتبة الاربعين ومضى مسرعا الى الكهولة المتقدمة من غزو الشيب في رأسه الى ضعف سمعه وبصره وانحناءة ظهره !
 وقتها يتمنى المرء لو يوجد مضاد حيوي يوقف هذا التدهور !