مواضيع اليوم

فهوم الحرب واثره في العلاقات الدولية


تبعاًَ للتصورات التي يمكن تخيلها في شأن تطور العلاقات الدولية قديماً وحديثاً، فإن الحرب بشكل نقطة مفصلية في فترات الانتقال من دورة حضارية إلى دورة حضارية أخرى عليه فإن الحرب تصبح عبارة عن أداة اجتماعية تعيد تقسيم وتوزيع السلطة والثروة ولكنها في الأغلب الأعم ليست أداة جيدة لأنها تخلف وراءها الدمار والموت. ونلاحظ أن كل حضارة تسقط بعوامل عديدة ولكن يأتي الغزو العكسري لينهي الدورة الحضارية السابقة لصالح المنتصرين الجدد. مثلاً الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي انتصرا في الحرب العالمية الثانية ونتيجة لما فرضه واقع ميدان المعركة فإن الروس والأمريكيين ظلوا أصحاب هيمنة وسيادة مقدرة لذلك شكلوا نظام ثنائية الأقطاب وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي انفردت الآلة الأمريكية العسكرية والسياسية والاقتصادية لتفرض القيم الأمريكية (العولمة).
فعلاقات الدولة في حالة السلم والحرب تأخذ أنماط معينة ففي حالة السلم تتجه إلى انشاء علاقات تقوم على أسس اقتصادية وتوسيع مجال تحركها السياسي والدبلوماسي وفي حالة الحرب فإن العلاقات الدولية تتميز بالبرود وقلة التحركات كل هذا يمكن أن يوصف في الحروبات في مرحلة ما قبل الستينات، أما الحرب اليوم فأنها تقوم على وتنشط معها التحركات الدبلوماسية والأحلاف ويلاحظ هذا في حرب الخليج الثانية وحرب البلقان والحملة الأمريكية على الإرهاب الأخيرة.
لذلك اهتم الباحثون لدراسة الآثار السياسية والاجتماعية للحرب فبرزت نظريات تتحدث عن الأمن القومي للدولة وتأثير الأحلاف على النظام الدولي والنظريات التي تدرس التسلح وسباق التسلح. فسياسة التجزئة والتفتيت والاختراق الأجنبي والتخلف والتبعية كلها من آثار سياسات استخدام القوة لإخضاع الأمم أو المحاولات لتغيير الخارطة السياسية القائمة في فترة معينة.
وتعد الحرب كأداة أو محرك في العلاقات الدولية من أهم المؤشرات على عملية التغيير الحضاري، وهي علامة فاصلة لمراحل تطور النظم السياسية. وبذلك تكون الحرب أداة اجتماعية تعيد تقسيم السلطة والثروة بين الشعوب ونلاحظ أن ثقافة المنتصر هي التي تسود في فترات ما بعد الصراع (الحرب) وبما أن كل الحراك السياسي والاقتصادي يقوم على الصراع لأنها تعد نوع من أنواع التفاعل بين الأطراف المتنازعة فتظهر نتيجة لهذا التفاعل (سواء كان عنيف أم غير ذلك) صور وأنماط جديدة في مستويات التفكير السياسي والاجتماعي.
وتبعاً لهذا التطور تأخذ العلاقات الدولية نمط جديد يمثله توجهات ميزان القوى لذلك عندما ظهرت نظريات ( توازن القوى) والتي تعبر عن استقرار النظم المحافظة على أنماط النظم السياسية، هدت هذه النظرية دبلوماسية الحرب التي لم تكن تعرف التحاور والتفاوض الا في مراحل أولية ولكن تحسم الخلافات بواسطة القوة.
لذلك تعتبر الحرب فاعل أصيل في تقسيم الحضارات وإعادة بنائها ولما كانت العلاقات الدولية تتحدث عن الدولة فإن الدولة هي مؤسسة تتوزع فيها مراكز القوى وتحوي تناقضات داخلية إضافة إلى التناقضات الخارجية، عليه فإن تحرك الدولة يكون مرهوناً بمعايير القوة في داخل النظام ومن ثم البيئة الدولية.لذلك تحرص النظم على كسب ميزان القوة لصالح الآلة العسكرية التابعة لها ومن ثم تسعى في سباق محموم لكسب الجولة مع جيرانها وبقية المجتمع الدوليويعد مفهوم الحرب من المفاهيم التي لم تجد الدراسة الكافية بما يمكن الباحثين والسياسيين من التواضع على تعريف محدد مفهوم الحرب يتداخل مع المقاومة والإرهاب، فكل فكرة أو مذهب سياسي يضع محددات للحرب وطرق شنها، على الرغم من ان القانون الدولي والمنظمة الدولية جاءت للمحافظة على الأمن والسلم إلا أنها لم تفلح في اقتلاع جذور ظاهرة الحرب لأنها ظاهرة انسانية وفي هذا يقول (توماس هوبز) في تفسيره لظاهرة الصراع ( لأنها حرب الجميع ضد الجميع) ولذلك في سياق وصفه لنظرية العقد الاجتماعي وذلك مرده الطبيعة الإنسانية التي تميل إلى الهيمنة والتسلط. وخلال عقد الأربعينات والخمسينات من هذا القرن مال علماء السياسة إلى وصف السياسة الدولية على أنها تمثل ظاهرة من الظواهر توجد فيها وحدات مستقلة في حالة صراع سياسي مستمر. وأياً كانت الدوافع وراء العلاقات بين الدول فإن أصحاب المدرسة الواقعية في دراسة العلاقات الدولية يرون أنها تقوم على صراع لا ينتهي على القوة فقط بل من أجل المصالح وهذه المصالح لا تحميها قوة خطاب ودبلوماسية فقط وإنما لا بد من أن تحرسها الدولة بالقوة.
وهناك مدارس أخرى تفسر العلاقات الدولية على غير ما تذهب إليه الآراء والنظريات التي تفسر العلاقات بين النظم على أسس القوة فقط وإنما هناك محددات أخرى كالتعاون بين النظم القائمة وفسرت (نظرية الاعتماد المتبادل) للعلاقات بين الدول والأمم فكثافة التبادل بين الدول وتشابك المعاملات تؤدي إلى انتقاء الصراع ومثال لهذه العلاقة التبادلية بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية والتبادل بين الدولة الأسترالية النيوزيلندية لأن الاعتماد المتبادل يسير إلى درجة التأثير المتبادل ودرجة التكافؤ فيها، وتقف فكرة دور الحرب في تحديد مسار العلاقات الدولية وفكرة الاعتماد المتبادل على النقيض. إلا أنهما معاً تفسران ظاهرة تطور العلاقات الدولية. والتي هي عبارة عن التفاعل الحي بين الدول ومنظمات المجتمع المدني.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !