فن العيش وبروتكولات الحياة شريف هزاع شريف الراحة في الحياة مطلب مهم جدا ، وهو امر شرعي حين نفكر ان نجعل حياتنا اكثر استقرارا ، وتفكيرنا اكثر علمية واتزانا ، مما هو في المحيط الذي يكبلنا تارة او يأخذنا بعيدا عن الروحانية التي يجب التحلي بها.
اعتقد ان الانسان يمكن ان يرسم لنفسه برنامجا ليس للسيرعليه بحذافيره ! ، بل هو احد اشكال التنظيم التي يجب ان تطرأ على حياتنا يوما بعد كل تلك الفوضوية التي تحلى بها عمرنا خلال السنين الطويلة ، هذا الامر برع به اهل الحضارات القديمة وسمي عندهم باسماء كثيرة يمكن ان تتعدد لكن حقيقتها واحدة ، ربما اكتساب الفضيلة والاخلاق والنظام والطاقة التوافق و و و هو ما يميز الحضارات العريقة والديانات العظيمة ، وهو امر جعل الغربيين يتناولونه من زاوية خاصة اقرب الى حياتهم العملية والواقعية ، لذا جاءت محاولتهم بشيء من العصرنة التي نحتاجها اليوم لا سيما وان الممارسات الروحية والتنظيمية التي يتخذها اهل الشرق فيها شيء من التعقيد او الصعوبة وتحتاج الى ممارسة طويلة ، لكن الغرب ابتكر وسائل اخرى هي (اختصارالوقت) تنظيم الوقت والحياة والفرد ، وتنمية الذات وتطوير المهارات على كافة الاصعدة ومنها الحياة الشخصية ، من اكثر الكراريس التي شدتني الى ان اتعلم المزيد من فن العيش هو ما كتبته المؤلفة Michele Janine Johnson في كراسها الذي قمت بسحبه بطابعتي قبل سنة او اكثر كي يكون لي عونا لتعلم اللغة الانكليزية لان فيه فراغات بين الاسطر تيسر لي استخدام القلم للترجمة هنا وهناك كما ان جمله قصيرة وهذا يسهل عملية الترجمة ، لكنه بدل ان يكون كتاب تعلم وتدريب لتعلم اللغة الانكليزية ، فتح لي باب ان اتعلم شيء اخر هو ان ابرمج حياتي من اجل ذاتي واتفهم وجودي وخصوصيتي ، كي يتسنى لي ان افهم الاخر ، وان احترم خصوصياته وان اخذ الامور الجدية على محمل الجد وليس عملية ( رمي وراء الظهر) هذا الكراس هو Manifest Your Life! هو اهم بيان للحياة الشخصية والخصوصيات الفردية وتفهم الوجود الشخصي والعالم ككل ، تقول المؤلفة ان هذه الاوراق او الوثيقة مساعدة لك ، توضح لك رغبتك ، احلامك ، رؤيتك ، قرراتك ، معضلاتك ... الخ وانت غير ملزم بالاجابة على كل الاسئلة بل عليك ان تتحلى ( بالامانة ) التي يمكن ان تترجم الى معان وكلمات كثيرة جدا كالصدق والاخلاص والمسؤولية والحب.
حين نكتب البيانات الشخصية والتي تسمى بـ ( c/v ) نهدف للحصول على الوظيفة التي تناسبنا فندون بها كل شيء يمكن ان يخدمنا في بناء مستقبلنا المهني المنشود ، وحين نحمل اجازة قيادة وجواز السفر ، او الهوية الشخصية ... الخ فاننا نحمل تعريفا لنا ولما نملك او نجيد ، كل هذه الوثائق تعرف بنا ، او تمررنا من قناة الى اخرى ، لكن هذا الكراس شيء اخر ، يهتم بمواعيدنا التي نتخذ وكيف نؤديها ، وكيف نقضي عطلة نهاية الاسبوع ، وماذا نحب من طعام وكيف نحب اولادنا ، كيف نعلم صغارنا ، اي شيء من الملابس نرتدي حين نسافر او نحضر مناسبة رسمية ، باي طريقة نحقق الاستقرار ، أي العلوم نريد ان تتعلم ، ماذا نريد ان تتعلم في الحياة ... الخ اسئلة قد تبدوا للكثير مضحكة ، لكن هل مارسنا فعلا مواجهة الذات والفردية التي نملك بالحقائق المهمة لاحتياجاتنا ؟ هل فكرنا بطريقة المواجهة بدل الهروب ، و المصارحة بدل الالتفاف ، والخداع والتأجيل والتزييف بدل الحقيقة العارية ؟ اذا كان الانسان منذ الخليقة يجيب على اسئلة الغير ويحاول اصلاح ذاته ما استطاع ، فهل فكر ان يعقد اتفاق صلح وتفاهم ومكاشفة مع الذات والخصوصية والفردية والحياة الخاصة والعامة و الاخر والاولاد والمرأة والزوجة والجيران .... الخ ، قد لا نحتاج الى مواجهة في معرفة ماذا نحب من الالوان المناسبة للملابس ، لكننا بالتأكيد نحتاج الى الصراحة مع ذاتنا في تلك الالوان ، هذا لان اختيارنا لتلك الالوان لم يتم على المستوى الظاهر للحياة الشخصية فقط ، بل انه انطلق من ارض شاسعة وكبيرة هي العالم والمجتمع والاب والام والتربية والبيئة والمدرسة والطفولة والكره والحب والمرأة ...الخ ، قد تكون صراحة اختيار وحرية قرار اوصراحة ذات مع الذات لكنها بالتأكيد تخفي هوية شخصية لنا ، ظهرت هنا كلون قميص او ربطة عنق ، ان ارتدائنا للملابس ونوع الالوان والعطور وطريقة الاكل والجلوس والمشي وارتشاف الشاي .... الخ كلها شفرات كثيرة منها هي بطاقة شخصية يمكن قرأتها كما انها تنبئ الاخر بمانفكر وما نختار وطريقة تفكيرنا ومنطقنا في الحياة وصيغة علاقاتنا مع الاخرين .
قد نحتاج في هذا العصر ان نتحول للحظة ما ، الى مرآة تعكس حقيقة دواخلنا ، رغم ان الاخرين مرآتنا الاساسية ، لكننا قد نحتاج الى ان نكون مرآة لذاتنا في وقت معين وان نعرف بشكل جيد ( فن الاستبطان ) أي معرفة النفس الباطنة والظاهرة من خلال الغير والانا والضمير والفضيلة ... الخ ، يمكن ان نصنع وثيقة (منفيست) ندون به رؤيتنا للعالم والاشياء والطبيعة والانسان والزوجة والجيران والاحتياجات والعراقيل التي تواجهنا في التعلم والوظيفة ، وماذا نريد وكيف نسير
ان تحديد مستوايتنا الروحية امر مهم للغاية ، فمثلما خططنا للمستوى المادي وكيف نعيش ونوفر وننمي قدرتنا المالية ورصيدنا المصرفي ونحقق الغنى المادي والاستقرار المالي ، علينا ان ننتبه الى رصيد اخر قد يعلن لك افلاسه يوما او انه يطلب منك فجأة ان تسدد فواتيره الهائلة ، انه الرصيد (الروحي ) ، ربما ان هذه الوثيقة تهتم بالمنحى المادي او النفسي او العقلي للانسان لكن تستطيع ان تنمي قدراتك ومطاليبك الروحية من خلال التزامك الاخلاقي في الحياة اولا ثم عملية تدوينها ثانيا كي تستمر عملية الشحن والتذكير والعمل وفق خريطة وجدول ، ان فن العيش وبروتكولات الحياة قد نحتاجها يوما اذا قدمنا الى وظيفة بدل الـ (c/v) لكن علينا اولا ان ندون ما نحلم وما يمكن تحقيقه واين نقف وفي أي طريق نسير..
التعليقات (0)