تروج الماكنية الإعلامية تلفزيونياً/إذاعياً وفي الصحف والمجلات عن برنامج اكتشاف المواهب الجديد "Arab Idol" المقرر انطلاقه قريباً، ويتزامن ذلك مع برنامج " نجم الخليج " في الخليج، هذا بعد انتهاء موسم "Arabs got talent"، ومن قبله ستار أكاديمي، وسوبر ستار.
المضحك .. أنه في الوقت الذي تنطلق فيه هذه البرامج، فإن ثورات الحرية والديموقراطية تنطلق في معظم الشوارع العربية. و بالرغم من ارتباط الفن بالحرية، والحرية بالفن .. إلا أنه شتان ما بينهما هنا في العالم العربي.
الفن .. بالفعل حاجة، وليس ترف. لكننا بالطبع، مصابون بالتخمة من كل تلك البرامج وكل هذه الكمية المكدسة من " الفن " خصوصا في هذا الوقت الحرج جداً، حيث الوطن في لحظته المصيرية.
وأذا سلمنا جدلاً، بأهمية " الإكتشاف " وإعطاء " الفرصة "، وكذلك " بالمواهب" و " المبدعين"
طيب .. هل الوطن مستثنى من هذا الإبداع والموهبة ؟ حقيقة هذا السؤال يعري فكرة ومضمون هذا البرامج المتشابهة حد العمى. يشارك ألف وألفين ويشتهر ثلاثة آلاف وينجح أربعة .. ثم ماذا؟
ماهذا " الفقر الوطني "، لدى هؤلاء الذي " يؤدون الواجب " بأغنية " بسيطة وشغل سريع " لتعرض في اليوم الوطني و " صلى الله وبارك "، وإذا زادت الجرعة، فستكون أغنية " بسيطة هي الاخرى" لفلسطين و " خلاص " ؟!
الحمدالله، أنه لايزال هناك فنانون ذوي " الفن الملتزم " فنانون أصحاب قضية. فيروز .. تلك التي تحمل مفاتيح جميع البلدان العربية، زياد الرحباني وارتباطه بكل مراحل لبنان، مارسيل خليفة الذي يحمل عوده بيده وقلبه في وطنه على كل المسارح، نصير شمة .. والعراق .. وحمل العراق .. وأطفال العراق، ومشاريعه التي لا تنتهي لأجلهم، وجوليا بطرس والجنوب والمقاومة. فنانون لهم شعبيتهم و "الكاريزما " الخاص بهم ، وتأثيرهم العميق في الفن ..... والوطن.
لسنا في محل مقارنة ولا مقاربة، فلكل " خصوصيته "، ولكن في ظل هذه البرامج لقد "تشابه الفن والفنانون علينا " !! " وكبيرة المزحة هاي " أنه في أيام الجمعة تنطلق المسيرات والمظاهرات " وتغرق الشوارع " لأجل وطن أفضل، وفي الجمعة ذاتها ينطلق " البرايم " في تلك البرامج، حيث تملأ مدرجات المسرح " بالجمهور الراقص " الـ " متعدد الجنسيات العربية "، ويكون السؤال فعلاً من يذهب للشارع ومن يذهب " يحضر البروغرام " ومن يحضرهما معاً !!
أكرر : الفن حاجة وليس ترف، ولكن " لوطنك عليك حق ". في السابق " أيام ما قبل الحرية " ، كنا "مبسوطين " و" ما كانت فارقة "، لكن اليوم وبعد أن " تفتحنا " في الربيع العربي، اكتشفنا هذا الفراغ الفني الفظيع .. فيما يتعلق بالواجب الوطني. دعنا من قوائم الفنايين السوداء والبيضاء والخضراء و " المنيلة بتسين نيلة "، لأنها وليدة الموقف / التوقيت فقط، وليست مواقف ثابتة ومستمرة كما هو الحال مع الفناين أصحاب القضية.
الامر لا يتعلق بالطمع هنا، فكيفي ان يخرج لنا زياد واحد، نصير واحد أو مارسيل واحد، ضمن هذا الفوج الفني الهائل. لكن .. يبدو أنه لا وطن في الفن الذي تنادي !
وعليه، فإنه في هذه البرامج، اكتشف الفن .. و " ارمي الوطن م الشباك " !!
التعليقات (0)